في السنوات الأخيرة برزت في أوروبا ظاهرة متنامية تتمثل في تحوّل عدد متزايد من المهاجرين واللاجئين إلى المسيحية بعد وصولهم إلى القارة. هذه الظاهرة التي ترصدها الكنائس والجمعيات المسيحية لا تقتصر على حالات فردية، بل أصبحت ملموسة في مجتمعات عدة، وخصوصًا في مراكز استقبال اللاجئين وفي المدن الكبرى التي تستقبل أعدادًا كبيرة من الوافدين.
توضح تقارير صحفية وكنسية أن أسباب هذا التوجّه متعددة. فمن جهة إنسانية، تلعب الكنائس دورًا مهمًا في استقبال المهاجرين عبر تقديم المساعدة المادية والخدمات القانونية والدعم النفسي، وهو ما يجعل الكثيرين يختبرون القيم المسيحية بشكل عملي. ومن جهة روحية، يجد هؤلاء المهاجرون – الذين عانوا من الحروب أو الفقر أو الاضطهاد – عزاءً في رسالة الإنجيل التي تدعو إلى الرجاء والخلاص، ما يقود بعضهم إلى اتخاذ قرار الإيمان بالمسيح.
غير أن هذا التحول لا يخلو من التحديات. فالمهاجرون الذين يتركون الإسلام ليصبحوا مسيحيين يواجهون أحيانًا ضغوطًا وتهديدات من رفاقهم في مراكز الاستقبال، كما يُطلب منهم أمام السلطات الأوروبية إثبات أن إيمانهم حقيقي وليس مجرد وسيلة للحصول على حق اللجوء. وتشير منظمات حقوقية إلى أن هؤلاء المتحولين يتعرضون لخطر كبير إذا أُعيدوا إلى بلدانهم الأصلية، حيث قد يواجهون الاضطهاد أو العقوبات بسبب تغيير دينهم.
الكنائس في أوروبا، الكاثوليكية والبروتستانتية والإنجيلية، أكدت في بياناتها أنها ترى في هذه التحولات الروحية عملاً من أعمال النعمة الإلهية، لكنها في الوقت ذاته دعت الحكومات الأوروبية إلى ضمان الحماية القانونية والإنسانية للمؤمنين الجدد. وقد شددت على أن الإيمان لا يمكن أن يُقاس بمقاييس بيروقراطية جامدة، بل هو قرار شخصي عميق يتطلب احترامًا كاملاً.
هذه الظاهرة تكشف جانبًا آخر من واقع الهجرة في أوروبا، إذ لا يقتصر الأمر على تحديات اقتصادية أو اجتماعية، بل يحمل أيضًا أبعادًا روحية وثقافية عميقة. كما أنها تسلط الضوء على دور الكنيسة المتجدد كبيت رحب يضم جميع الباحثين عن السلام والرجاء، بصرف النظر عن خلفياتهم.
بهذا، تتحول قصص المهاجرين الذين قبلوا المسيح إلى شهادات حيّة عن قوة الإنجيل في تغيير القلوب والحياة، وتبقى رسالة الكنيسة قائمة في مرافقتهم ومنحهم الحماية الروحية والإنسانية، وسط عالم مضطرب يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى نور الإيمان.