ملك الانتصار والسَّلام

تصف هذه القصة محطة هامة جداً في رحلة الرب يسوع المسيح الأخيرة إلى القدس، هذه الرحلة التي تَوَّجها بموته على الصليب فداءً لخطايا البشرية جمعاء. والواقع أن المسيح في رحلته الأخيرة إلى القدس كان قد أنجز أعمالاً كثيرة جداً، وعلَّم الناس مبادئ ملكوت الله الآتي. ولعل أهم الأحداث التي مرت بالرب يسوع قبل دخوله المظفر إلى القدس هو التقاؤه مع زكا العشار في أريحا، وكيف أن الرب أظهر المحبة لزكا مما جلب الخلاص لزكا ولبيته.
30 مارس 2012 - 22:06 بتوقيت القدس

القراءة: لوقا 28:19ـ40 "ولمَّا قال هذا تقدَّم صاعداً إلى أورشليم. وإذ قرُب من بيت فاجي وبيت عنيا عند الجبل الذي يدعى جبل الزيتون، أرسل اثنين من تلاميذه قائلاً: "اذهبا إلى القرية التي أمامكما، وحين تدخُلانها تجدان جحشاً مربوطاً لم يجلس عليه أحدٌ من الناس قطُّ. فحُلاه وأتيا به. وإن سألكما أحدٌ: لماذا تحُلانه؟ فقولا له: إنَّ الربَّ محتاجٌ إليه". فمضى المُرسلان ووجدا كما قال لهما. وفيما هما يحُلان الجحش قال لهما أصحابه: "لماذا تحُلان الجحشَ؟" فقالا: "الربُّ محتاجٌ إليه". وأتيا به إلى يسوع، وطرحا ثيابهما على الجحش وأركبا يسوع. وفيما هو سائرٌ فرشوا ثيابهم في الطريق. ولمَّا قَرُب عند منحدر جبل الزيتون، ابتدأ كلُّ جمهور التلاميذ يفرحون ويسبحون الله بصوتٍ عظيمٍ، لأجل جميع القوات التي نظروا، قائلين: "مباركٌ الملك الآتي باسم الرب! سلامُ في السماء ومجدٌ في الأعالي!". وأما بعض الفريسيّين من الجمع فقالوا له: "يا معلم، انتهر تلاميذك". فأجاب: "أقول لكم: إنه إن سكت هؤلاء فالحجارةُ تصرخُ!".

تصف هذه القصة محطة هامة جداً في رحلة الرب يسوع المسيح الأخيرة إلى القدس، هذه الرحلة التي تَوَّجها بموته على الصليب فداءً لخطايا البشرية جمعاء. والواقع أن المسيح في رحلته الأخيرة إلى القدس كان قد أنجز أعمالاً كثيرة جداً، وعلَّم الناس مبادئ ملكوت الله الآتي. ولعل أهم الأحداث التي مرت بالرب يسوع قبل دخوله المظفر إلى القدس هو التقاؤه مع زكا العشار في أريحا، وكيف أن الرب أظهر المحبة لزكا مما جلب الخلاص لزكا ولبيته.

بعد خلاص زكا، روى الرب يسوع المسيح للجموع مَثل العشرة أَمناء الذي أشار فيه إلى المستقبل بشكل عام، وإلى خصائص ملكوت الله الحاضرة والمستقبلية. وقد وضَّح الرب يسوع في هذا المثل أنه سيكون هنالك وقت بين زمن صعوده إلى السماء وزمن عودته ثانية ليدين العالم.

بعد هذا تقدم الرب يسوع صاعداً عبر الطريق الرومانية القديمة من أريحا إلى القدس، ويخبرنا البشير يوحنا قائلاً: "ثم قبل الفصح بستَّة أيام أتى يسوع إلى بيت عَنيا، حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات"(يوحنا 1:12)، لقد توقف المسيح أولاً في بيت عَنيا، أي العيزرية اليوم، ليرتب كيفية دخوله الأخير إلى القدس، مدينة الحرب والسلام، ولكن قبل كل شيء مدينة الملك العظيم.

تحضير الموكب لدخول القدس: يخبرنا الإنجيل المقدس بتفاصيل الاستعدادات الأولية من أجل دخول الرب يسوع المسيح إلى القدس. فقد أرسل الرب يسوع تلميذين إلى قرية بيت فاجي، وقد ورد في لوقا 8:22 قوله: "فأرسل بطرس ويوحنا قائلاً: "اذهبا وأعدا الفصح لنأكل"؛ أي أن يسوع أرسل يوحنا وبطرس ليحضِّرا عشاء الفصح، ولربما أنه قام بإرسالهما أيضاً لتحضير موكب دخوله إلى القدس. وأعطى الرب يسوع للتلميذين تعليمات واضحة:
ـ "ستجدان جحشاً مربوطاً لم يجلس عليه أحدٌ من الناس قَط، فحُلاه وأتيا به".
ـ "وقولا للناس: إن الرب محتاجٌ إليه".

نلاحظ هنا عدة رموز شملها هذا العمل التمهيدي لدخول الرب يسوع إلى القدس: كان يتم ركوب الجحش عادةً في أوقات السِّلم وكعلامةٍ للسلام. نقرأ في سفر القضاة 10:5 "أيُّها الراكبون الأُتن الصُّحْرَ، الجالسون على طَنافِس، والسَّالكون في الطريق، سبِّحوا!"، فملوك الشعب القديم كانوا دائماً يمتطون الحصان إذا خرجوا للحرب، لكن ركوب الحمار كان يتم في أوقات السلام.
خطط الرب يسوع له المجد لدخول القدس راكباً على جحش، رغم أنه طوال خدمته الأرضية اعتاد السير على القدمين، وذلك ليعلن للناس أنه ملك السلام بل ورئيس السلام؛ السلام الحقيقي والأبدي والدائم بين الله والناس. ليس هذا فقط، بل أصبح الجحش يُعرَف بأنه الحيوان الّذي يخص المسيح المجبد، وذلك بعد قرون عديدة من نبوة زكريا النبي، فلقد قال الله على لسان نبيه زكريا:
"ابتهجي جداً يا ابنة صهيون
اهتفي يا بنت أورشليم
هوذا ملكُكِ يأتي إليك
هو عادلٌ ومنصورٌ وديعٌ
وراكبٌ على حمارٍ وعلى جحشٍ ابن أتانٍ" (زكريا 9:9).

لقد فهم الشعب نبوة زكريا على أنها تُشير إلى المسيا المنتظر، والرب يسوع بركوبه الجحش قصدَ ولأول مرة أن يكشف الحقيقة المجيدة والأزلية عن شخصه المبارك لكل من له عيون ليرى وله عقلٌ ليفهم. نقرأ في متى 4:21 "فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل: "قولوا لابنة صهيون: هوذا ملكك يأتيك وديعاً، راكباً على أتانٍ وجحشٍ ابن أتان"، وهنا نجد المعنى الثالث لركوب المسيح على الجحش ألا وهو إتمام نبوات العهد القديم كما وردت في نبوة زكريا 9:9.

نقطة أخرى مهمة وجوهرية في عملية التحضير لدخول الرب يسوع المسيح إلى القدس. فقد أعلن الرب يسوع ولأول مرّة في خدمته الأرضية بأنه الرب (في اللغة اليونانيّة كوريوس)، حيث قال لتلاميذه: "وإن سألكم أحد لماذا تحلانه فقولا له هكذا: إن الرب محتاجٌ إليه"، فالمسيح يعلن هنا صراحةً أنه الرب (كوريوس)، أي الله القدير. وفهم التلاميذ الرسالة، كذلك فهم أصحاب الجحش المقصود وأدركوا أن للرب يسوع سلطاناً غير عادي، ولم يعترضوا على أخذ الجحش عندما أخبرهما التلميذان بأن "الرب محتاجٌ إليه".

إن يسوع هو الرب: رب الحياة ورب الوجود. هو رب السماء والأرض وكل ما فيهما، وسلطانه سلطان أبدي. فهل أدركنا عمق وغنى هذه الحقيقة؟ لقد أدرك أصحاب الجحش هذه الحقيقة، أدركوا أن للمسيح سلطاناً يفوق البشر، وصلاتي اليوم أن يدرك العالم الذي نعيش فيه، أن يسوع هو الرب، وأن جميع البشر بحاجة إلى هذا الرب، الرب العادل والمخلِّص والوديع والمسالم.

النبوّة عن دخول المسيح المجيد لمدينة القدس: ورد في نبوّة رجل الله زكريا عدداً من الحقائق السّامية حول شخص المسيح المجيد ودخوله لمدينة القدس:

ابتهجي جداً يا ابنة صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم: هنا يدعو النبي شعبه وأهل القدس جميعاً إلى الفرح والابتهاج والتهليل. فابنة صهيون وبنت أورشليم هي ألفاظ شعرية مجازية تشير إلى سكان القدس بشكلٍ خاص وإلى شعب الأرض بشكل عام؛ أي أن صهيون وأورشليم هي إشارات إلى الناس وليس إلى الموقع الجغرافي، هي إشارة إلى الشعب الذي عليه أن ينتفض من غفوته التي طالت لعدة قرون وأن يفرح ويبتهج، فها هو الملك والمسيا المنتظر قد جاء بعد طول انتظار، وهذا الملك ليس مثل باقي الملوك، فهو:
1. عادلٌ: والكلمة في الأصل العبري "تصاديق"، وتعني عادلاً وباراً ومستقيماً ومنصفاً وغير متحيِّز. وهذه كلها صفات الملك المثالي كما نقرأ في مزمور 1:72ـ4 "اللهمَّ أعطِ أحكامَكَ للمَلكِ وبرَّك لابن الملكِ. يدينُ شعبَكَ بالعدلِ ومساكِينَكَ بالحقِّ. تحمل الجبالُ سلاماً للشَّعبِ والآكام بالبرِّ. يقضي لمساكين الشعب. يخلّص بني البائسين ويسحق الظَّالم".
2. منصورٌ: والكلمة بالعبرية "نوشاع"، وهي فعل انعكاس تقوم بدور صفة، وتشير إلى أن الملك يظهر نفسه كمُخَلِّص. فالكلمة العربية منصور قد لا تعطي المعنى الأقوى للكلمة، وهو: مخلص أو حاملٌ للخلاص.
3. وديع: والكلمة العبرية هي "عني"، وتعني متواضعاً ولطيفاً ووديعاً وكريماً ونبيلاً. وهذه الصفات بالذات لم تنطبق على معظم الملوك والقادة العظام الذين ظهروا في تاريخ البشرية، بخلاف ربنا يسوع المسيح الذي وصف نفسه بأنه وديع ومتواضع القلب، كما اختبر الناس هذه الوداعة في علاقتهم مع الرب يسوع.
4. رجلُ سلام: يقول النبي زكريا أن الملك "راكب على أتان، وعلى جحش ابن أتان". فهو لم يأت محارباً على حصان، بل مسالماً على جحش ابن أتان. ولنلاحظ هنا ما قاله الرب يسوع المسيح عن الجحش عندما أرسل تلميذيه لإحضاره؛ فقد قال لهما أن الجحش "لم يجلس عليه أحدٌ من الناس قط". وبحسب شريعة الله اللّتي أعطاها لموسى نقرأ في سفر العدد 2:19، وسفر التثنية 3:21، وصموئيل الأول7:6، بأن الحيوان الذي لم يسبق ركوبه كان يستخدم لأغراضٍ مقدسة، وأيُّ غرض أقدس من إتمام مقاصد الله بدخول الرب يسوع المظَّفر كملك ومسيح إلى القدس، مدينة الملك العظيم؟!

وهكذا، دعا النبي زكريا جموع الشعب إلى الفرح لأن الملك قد جاء، الملك المنتظر منذ تأسيس العالم. وخصوصاً منذ لحظة سقوط الجنس البشري في عار الخطية. فمنذ دخول الحرب والشر والظلم والقتل في هذا العالم، والبشرية تنتظر مجيء المَلِك العادل والمُخَلّص والوديع ورئيس السلام.

ابتهج سكان القدس يومها فعلاً، ونحن اليوم أصبحنا أولاداً وبناتاً للملك، وبالتالي فنحن مدعوون للفرح، الفرح الحقيقي والصادق بخلاص الملك، رغم الخطية السائدة، رغم الشر والقتل، فإننا مدعوون إلى الفرح، لأن مليكنا العادل والمخلص قد جاء، وهو سيأتي مرة أخرى ليتمم الخلاص وليضع حداً لكل مظاهر الشر في هذا العالم. فكل ما جرى عندما دخل الرب يسوع المسيح الى القدس يرمز إلى الخلاص والسلام وملكوت الله القادم حتماً.

دخول القدس: بعد أن تمم الرب يسوع التحضيرات اللازمة، بدأ الموكب في المسير. طرح التلميذان ثيابهما على الجحش وأركبا يسوع، والجموع الداخلة مع يسوع إلى القدس، والخارجة منها لاستقباله، فرشوا ثيابهم في الطريق. وبهذا العمل اعترفت الجموع أن يسوع هو المسيا المنتظر وهو الملك ابن داود.

لقد كانت العادة عندَ مسحِ ملكٍ في العهد القديم أن تقوم الجموع بفرش ثيابها على الأرض، تماماً كما نقرأ في سفر ملوك الثاني 13:9 "فبادر كلُّ واحدٍ وأخذ ثوبه ووضعه تحته على الدَّرجِ نفسه، وضربوه بالبوق وقالوا: "قد مَلَكَ ياهو"، وقد تم ذلك عندما مُسِحَ ياهو ليكون ملكاً على شعب الله القديم. لم تكتفِ الجماهير بفرش ثيابها على الطريق، حيث نقرأ في يوحنا 13:12 أنهم "أخذوا سعوفَ النَّخلِ وخرجوا للقائه". وترمز أغصان النخيل عادةً إلى الفرح والابتهاج وجَوِّ الاحتفال الكبير. نقرأ في رؤيا 9:7ـ10 "بعد هذا نظرتُ وإذا جمعٌ كثيرٌ لم يستطع أحدٌ أن يعدَّه، من كل الأمم والقبائل والشُّعوب والألسنة، واقفون أمام العرش وأمام الحَمَل، متسربلين بثيابٍ بيضٍ وفي أيديهم سعف النَّخلِ. وهم يصرخون بصوتٍ عظيمٍ قائلين: "الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللحَمل"، فقد تم الانتصار، تم الخلاص، وحمل قديسو الرب سعف النخيل فرحاً وابتهاجاً بالانتصار. والعمل الثالث الذي قامت به الجموع، وهو العمل الأوضح والأهم والمصرَّح به، هو الهتاف والصراخ والتهليل. ولأجل حصر ما قالته الجموع، لا بد من قراءة ما جاء في البشائر الأربعة: في متى 9:21 ومرقس 9:11ـ10 ولوقا 38:19 ويوحنا 13:12. ويمكن وضع ما قالته الجموع معاً ليصبح كما يلي:
أوصنا لابن داود
مبارك الملك الآتي باسم الرب
مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب
سلام في السماء
ومجدٌ في الأعالي
أوصنا مبارك الآتي باسم ملك إسرائيل
أوصنا في الأعالي

كانت التوقعات بقرب مجيء المسيا على أشدها في القرن الميلادي الأول، ولكن صورة المسيّا في أذهان الجموع كانت لمحارب عظيم ومخلص سياسي وعسكري. لقد كانوا بانتظار مسيّا ليعيد لهم مملكة داود الأرضية إلى سابق مجدها في أيام داود وسليمان. لذلك صرخوا أوصنا لابن داود. وهذه الصرخة هي صدىً لما جاء في مزمور 25:118ـ26 "آهٍ يا ربُّ خَلِّص. آهٍ يا ربُّ أنقذ. مباركٌ الآتي باسم الربِّ. باركناكم من بيت الربِّ"، فهذه صلاة إلى الرب أن يخلصهم ويعطيهم الانتصار والنجاح. وفي العهد الجديد، نجد أن الكلمة المستخدمة هنا باليونانية هي "هوسانّا" والمترجمة في اللغة العربية: "أوصنا"، وهي نقل حرفي للأصل العبري "هوشعنا" الذي كان معروفاً لجماهير القدس في أيام المسيح، وبهذا الهتاف كانت الجموع تعبر عن أملها بإتمام النبوات ومجيء المسيا المنتظر الذي سيخلصهم مرةً وإلى الأبد.

صرخة أوصنا هي صرخة لطلب الخلاص. فالكلمة تعني حرفياً: "خَلِّص الآن". ولعل جموع القدس عندما صرخت أوصنا، كانت عقولهم وقلوبهم مشغولة بصورة المخلص القدير الذي سيحررهم من سلطة روما الظالمة. ولم يتصوروا أبداً أن المسيح لم يأت ليكون قائداً عسكرياً ومحارباً جباراً، بل جاء كمخلص عظيم من مشكلة البشرية العظمى والوحيدة التي تعاني منها كل الشعوب، ألا وهي مشكلة الخطية بأشكالها المختلفة من حروب وقتل وظلم وسرقة وكراهية وغيرها من مظاهر الشر في العالم. لقد جاء المسيح ليخلصَّ العالم من الخطية والشر وسلطة إبليس. لم يلغِ المسيح حاجة الناس إلى الخلاص والتحرر القومي، لكنَّه وجَّه أنظار الجميع إلى خلاص أهم وأشمل وأعمق، وهو الخلاص من أصل كل الشرور والفساد والاحتلال. نعم جاء المسيح مخلصاً من الخطية ومن بشاعة عصيان الله ومن سلطة إبليس التي تحطم الجميع .

كانت صرخة أوصنا ولا تزال تعني: خلِّص الآن أيها الرب، ولكن ما أن دخلت كلمة أوصنا في العبادة المسيحية، خاصة في الاحتفال بتناول عشاء الرب، حتى أخذت معنىً جديداً وأصبحت تعني المجد لله أو نسبح الرب. وأصبح قولنا: "أوصنا في الأعالي" يعني المجد لله في الأعالي. ومع جمال وقدسيَّة هذا المعنى، فإن علينا أن لا ننسى المعنى الأصلي للكلمة: خلصنا أيها الرب من الأعالي.

إن خلاص الرب هو مصدر السلام. وصرخة أوصنا انطلقت من حناجر الجموع كصرخة رجاء في أن النجدة قد أتت، وأن الرب قد افتقد شعبه وهو سيكون عوناً لهم في العبور إلى واحة الحرية والسلام. قالت الجموع أيضاً: "سلامٌ في السماء ومجدٌ في الأعالي"، فقد عرفوا أن خلاص الرب من الظلم والشر سيأتي حتماً بالسلام الحقيقي، سلام يؤدي إلى تمجيد الله في الأعالي وسعادة للناس في الأرض. وهم بهذا الهتاف كرروا ترنيمة الملائكة عند ميلاد الرب يسوع المسيح في لوقا 14:2 "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة".

وسط الصراخ والفرح، جاءت أصوات الجُبن والتخاذل طالبةً من الرب يسوع أن يُسْكِتَ الجماهير، وجاء جواب المسيح لهم: "إن سكتَ هؤلاء فالحجارةُ تصرخ":
إن سكت الجميع عن طلب خلاص الرب.
إن سكت الجميع عن تمجيد الرب وتسبيحه والهتاف إليه.
فإن الله سيقيم من الحجارة أولاداً وبناتاً لتسبح اسمه.
وهذا تذكير بقول النبي حبقوق: "لأنَّ الحجرَ يصرخُ من الحائط"(حبقوق 11:2)، فالحجر الميت سيُعطى حياة ليصرخَ طالباً خلاص الرب وتسبيحه. والكنيسة اليوم هي الحجارة الحية، هي بناءٌ من حجارة حية لتسبح الرب، فهل نسبحه؟ هل نصرخ بكل قوتنا: "أوصنا"؟

خلاصة حادث دخول الرب يسوع المسيح إلى القدس:

1. خطط المسيح لدخولِه بعناية: فلم يتم دخوله فجأة وبعصبية، بل تم ترتيبه من حيث إحضار الجحش وكشف هويته الحقيقية بأنه الرب.
2. كان عملاً مجيداً ينم عن شجاعة فائقة، فعند دخوله كان القادة الدينيون قد سبق وتآمروا على قتله، كما نقرأ في يوحنا 57:11 "وكان أيضاً رؤساءُ الكهنة والفرِّيسيُّون قد أصدروا أمراً أنه إن عرف أحدٌ أين هو فليدلَّ عليه، لكي يمسكوه"، لذلك كان من الضروري أن يدخل المسيح متستراً ويمكث في مكان مجهول. ولكنه دخل بطريقة سُلطت عليه الأضواء واحتل بها مركز الأحداث.
3. أيضاً كان عملاً مقصوداً من قبل الرب يسوع أعلن فيه أنه الملك المنتظر الذي جاء متمماً لنبوة زكريا، وهذا الملك هو ملك السلام وليس ملك حروب، فقد جاء راكباً على جحش وليس على حصان.
4. كان دخوله أيضاً يمثل آخر نداءٍ إلى الجموع لكي يقبلوا محبته وملكوته السماوي، قبل أن ينقلبوا عليه ويصلبوه.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا