لم يسمى الفصح "العيد الكبير" جزافاً فهو كبير فعلاً بأحداثه ومعانيه للبشرية جمعاء من آدم وحتى أخر ابن آدم ستطأ رجليه وجه البسيطة.
انتقصت عوامل عديدة من قيمة عيد الفصح في بلادنا وحتى في كنائسنا حتى اضحى للأسف اقل قيمة واحتل حيّزاً أصغر في التجمعات السكانية العربية التي يتواجد فيها المسيحيون.
فوجود المسيحيين بنسبة أقل من 2% من سكان اسرائيل يجعله قليل التأثير على الاجواء العامة أصلاً. وقد تعدى الأمر ذلك اذ أن المسيحيين لم يتّحدوا حتى في تحديد موعد العيد. ففي الوقت الذي صاح البعض هذه السنة "هوشعنا" وحملوا السعف، تبادل آخرون تحية العيد التقليدية "المسيح قام" و"حقاً قام". بدل ان يشعر الناس في الناصرة مثلاً بالعيد وقد احتفل به ثلث السكان معاً، يشعر الناس بان واحد من كل ستة مواطنين فقط احتفل به وواحد آخر من ستة احتفل به في الاسبوع الذي يليه.
ان عيد الفصح يفتقر ايضاً للجاذبية الشعبية. ففي عيد الميلاد بطل العيد هو طفل احضر له المجوس الهدايا الثمينة من المشرق فتحول ذلك لعيد الهدايا والزينة والبابا نويل وتجذّرت أساساته الشعبية. أما الفصح فهو عيد آلآم وحزن وصليب وخيانة ومحاكمة وغدر. فان كنت لا تفهم ما وراء احداثه الصعبة، فانه لا يعنيك بشئ. ان كنت لا تعرف ان وراء الالم فداءً ووراء الحزن فرجاً وخلاصاً-فلن تقدر التفاعل معه.
صدف ان كنت قبل عدة سنوات على متن طائرة سافرت برحلة جوية داخلية في امريكا عشية ليلة الجمعة العظيمة. وما أن آلت الطائرة للهبوط في مطار "اوهير" في شيكاغو، توقعت لسذاجتي ان يتمنى كابتن الطائرة للركاب امنيات بعيد مبارك. الست في اكثر البلاد المسيحية تديّناً في العالم الأول على الأقل؟ استغربت ان لا ينبس الكابتن ببنت شفة بما يتعلق بالعيد، واكتفى بأمنيات لنهاية اسبوع رائعة.
لا يولي المسيحيون في الغرب اهمية كبيرة لعيد الفصح وهذا التقزيم لدوره الشعبي العام في بلاد الغرب، يتم نسخه على معالمه عندنا أيضاً.
كما ان تزامن عيد الفصح للمسيحيين بعيد الفصح لليهود يؤثر على وضع الأول في المرتبة الثانية في بلاد تحكمها اغلبية يهودية. اذ يحتفل اليهود بالعبور من عبودية مصر الى الحرية أما اعياد الاقليات الدينية فيوضع في الهامش.
لكن هذا التهميش لعيد الفصح وتقزيمه لكل الاسباب والحيثيات آنفة الذكر، لن تشيح بأعين المؤمن المسيحي عن احداث اسبوع الفصح.
انه اهم اسبوع مر وسيمر على الجنس البشري. الله يرسل ابنه الوحيد ليموت على الصليب كأحد أللصوص !! ترى هل هناك سبب وجيه لذلك؟ كان من المفروض ان كل البشر تفنى وترسل لأشد الاماكن تعاسة ليقضوا هناك وقت غير نهائي. بكلمات اخرى –كان من المفروض ان يموت الجنس البشري بأكمله في جهنم وفي انفصال عن الله خالقه الى الأبد. لو تحقق ذلك لكانت تلك فاجعة انسانية عظمى لا تضاهيها فاجعة.
اتى الرب يسوع الى عالمنا ورضى لفرط محبته العجيبة ان يدفع الثمن كاملاً على الصليب لكي يمنع حدوث تلك الفاجعة ويعطي المنفذ وطريق النجاة لكل من يؤمن به!
أتذكر ذلك في اسبوع الفصح وسأحتفل بالصليب والقيامة وسأبتهج مهما ارادوا تقزيم عيدهما.