بعد مقالي الأخيـر وجدت أنه من الأنسب أن ابدأ سلسلة المقالات بالحديث عن أهمية معالجة الانشقاقات. ويستغرب البعض من إصراري على الحديث في موضوع الانشقاقات الكنسية وإبراز بعض الجوانب السلبية في الكنائس الانجيلية في إسرائيل. فلماذا لا نتحدث عن البركات والنفوس التي انضمت للرب؟ ولماذا لا نذكر الاشياء العظيمة التي فعلها الله من خلال الاتقياء في بلادنا. طبعا، أنا لست ضد ذكر هذه الأمور ولكنني في ذات الوقت أشعر أن الحديث عن الانقسامات هو بنفس مقدار الأهمية إن لم يكن أكثـر أهمية. وسأذكر في هذا المقال القصير بعض الأضرار التي تسببها الانقسامات الكنسية علنا ندرك شناعة الأمر وأهمية علاجه.
أولا، تضر الانقسامات الكنيسة بالمسيح نفسه وتمزق جسده الواحد. وهي تعبير عن عدم طاعة المسيح والاستخفاف بخلاصه إذ أقتنى كنيسة الله بدمه (أع 20: 28). وأحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها (أف 5: 25). فمن لا يحب الكنيسة لا يحب المسيح، بل يحتقر رغبته واصراره على الحفاظ عليها بكل ثمن لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها. ومن يؤذي الكنيسة يؤذي جسد المسيح ويهينه. ثانيا، تشوه الانقسامات الكنسية سمعة المسيح وتسيء إليه أمام المجتمع الذين لا يؤمنون به. وينفر الكثيـرون من الكنيسة بسبب هذه الانشقاقات. إن دمهم على أيدي كل من يساهم في الانشقاقات.
ثالثا، يدمر الانشقاق شهادة الكنيسة وإرساليتها. فبدلا من أن تكون الكنيسة عنوان المحبة والعدالة تصبح مكانا للخصام. وبدلا من كونها أنجيلا خامسا مكتوبا لا بحبـر بل بروح الله الحي (2 كور 3 3) تصبح اغنية كئيبة تغم القلب. رابعا، وبدلا من شفاء المتألمين تصبح الكنيسة سكينا حادا يجرح بها الاعضاء بعضهم بعضا. يصبح البعض معاقا روحيا، ويتشوش حديثي الإيمان، ويربط الشيطان البعض الآخر، ويعثر البعض مبتعدين عن المسيح. خامسا، يخسر شعب الله فرحه وبالتالي قوته لأن فرح الرب هو قوتنا. فينتشر اليأس ويسود العار على اسم المسيح واسم الكنيسة. سادسا، تدمر الانقسامات الكنسية انتماء أولادنا للكنيسة وتعطيهم مثالا سيئا لعلاج مشاكلهم ولطرائق أكرام ربنا يسوع المسيح. وتبين لهم أننا نتساهل مع الخطيئة ونقبل الانقسامات وتدمير العلاقات.
سابعا، تمنح الانقسامات الكنسية الفرصة للشيطان أن يدمر كنيسة المسيح وأن يضع مسمار جحا في هيكل قلوبنا. وهكذا يستطيع الشيطان أن يزور مسماره كلما اراد ذلك. فنؤسر بمكايده ويتعطل عمل الله في حياتنا. أخيرا وليس آخرا، تستفز الانقسامات الله نفسه. فإن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله (1 كو 3: 17). ويعلق جون وسلي على هذه الآية قائلا أن الفساد المقصود هو فساد الانشقاقات والتحزبات والتعاليم المضلة. فمن يفعل هذه الأمور سيفسده الله.
إن ضرر الانشقاقات الكنسية عظيم جدا. فلو كانت المحاكم الارضية تعاقب الجُرم بحسب الضرر فإن الله العادل سيحاسبنا جميعا بقدر اكرامنا أو اهانتنا للسيد المسيح وبقدر عنايتنا بكنيسته. فلا يستطيع أحد أن يكرم المسيح ويهين كنيسته. فمن لا يعرف أن يعتني بأهل بيت الله فهو أشر من غيـر المؤمن. فلنكرم المسيح بدلا من أن نهينه ولنفعل كل شيء مُستطاع لنحافظ على كنيسته. إن كنا حقا نحب المسيح ومستعدين أن نموت لأجله فيجب أيضا أن نحب الكنيسة ونكون مستعدين أن نضحي ونموت لأجلها.