درع الجندي الروماني ودرع البر

دراسة معمقة في معنى ومفهوم: "لابِسينَ دِرعَ البِرِّ" (أفسس 6: 14).
13 فبراير 2022 - 11:21 بتوقيت القدس
درع الجندي الروماني ودرع البر

كما نعلم فإن الرسول بولس عندما كان يكتب رسالة افسس لم يكن يجلس على مكتبه لكنه كان في السجن وفي السجن كان بجانبه يقف عسكري روماني والعسكري كان مدجج بالسلاح فالرسول يكتب وهو ينظر للجندي الروماني وهو لابس المنطقة ولابس الدرع الذي كان يغطي البطن والظهر والصدر ايضا وهذا الدرع عبارة عن حلقات كحراشف السمك ،حلقات تغطي بعضها حتى تعطي مساحة من الحركة للجندي حتى يتنفس وهو يتحرك.

يقول الكتاب عن جليات الجبار: "..وكان لابساً درعاً حرشفياً " (1صم 17: 5). حلقات متراصة وموصلة مع بعضها من الأمام ومن الخلف حتى تحمي صدر الجندي وقلبه وبطنه ورقبته ،تحميه من ضربات السيوف تحميه من ضربات الحراب تحميه من ضربات السهام ،تحميه من الوراء والخلف ومن الجانبين ايضا ،مرة يقول الكتاب عن رجال يهوذا (2صم 2: 16): "وأمسك كل واحد برأس صاحبه وضرب سيفه في جنب صاحبه". فهذا الدرع يوفر حماية كاملة ،وهو الان في وقتنا الحالي القميص الواقي من الرصاص ،وهذا القميص أو الدرع في غاية الأهميه لانه بدونه لو دخل الشخص الحرب سيكون هناك هزيمة شديدة. 

واهم عضو يحميه هذا الدرع هو القلب فأي رصاصة تأتي في اي مكان ربما لها حل لكن لو الرصاصة اخترقت القلب !هنا المسألة لأن الكتاب يقول: (أم 4: 23): "فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة".. " لابِسينَ دِرعَ البِرِّ" (أف 6: 14). فيجب ان نلبس درع البر والدرع لا يحمل ،الترس يحمل لكن الدرع يجب ان يلبس والدرع لا ينفع ان يلبس في المعركة ولا اثناء المعركة لكن يجب ان يلبس قبل المعركة ،لا يمكن ان تخرج للحرب دون ان تلبس الدرع . الى ماذا يشير هذا؟ الى البر العملي حياة البر العملية ،فالبر نوعين :البر الشرعي الذي حسب لنا :اذ قد تبررنا باﻷيمان فلنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح (رو1:5). لكن ايضا عندما نعيش ليس فقط مقامنا لكن حالة القداسة الحقيقية العملية التي لم نعملها نحن لكن هو من عملها لنا "احملوا سلاح الله الكامل"(اف 6:13). 

فنحن عندما لا نتمتع بحياة البر العملية نعطي ابليس مكاناً ،فلو الواحد منا عنده نقطة ضعف فيه أو خطية غير معترف بها ،سلوك غير مرضي أمام الله ،اثم في القلب فهذه النقطة بالتحديد يضرب العدو عليها بشدة ،لو وجد منطقة ضعيفة أو غير موصولة بشكل جيد ابليس يوجه سهمه لهذه النقطة والكتاب يحذر كثيرا من هذا "لا تعطوا ابليس مكانا ..لئلا يجربكم الشيطان لعدم نزاهتكم.. لئلا يطمع فينا الشيطان لاننا لا نجهل افكاره." في كل مرة يقول: لاتعطي فرصة ،لا تعطي مكان ،نحن الذين نعطي ابليس فرصة ،يقول عن الحدثات :وَلاَ يُعْطِينَ عِلَّةً لِلْمُقَاوِمِ مِنْ أَجْلِ الشَّتْمِ" (1 تي 5: 14). ويقول ايضا :"لِكَيْ يُخْزَى الْمُضَادُّ، إِذْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ رَدِيءٌ يَقُولُهُ عَنْكُمْ. "(تي 2: 8).. فالرب في ايام يشوع قبل ان يخرج شعبه للحرب قال لهم قبلها (تقدسوا) لماذا ؟ "لان غدا صأصنع في وسطكم عجائب".

فقبل ان نمسك السيف وقبل ان نحمل ترس الايمان نحن محتاجين ان نرتدي الدرع الواقي، وما هو هذا القميص الواقي هو ان نعيش حياة البر العملي والتوبة اليومية التي فيها لا نعطي فرصة ولا نعطي مكان. آخاب  كان لابس درع ،كان نازل للحرب في اخر اصحاح في سفر الملوك الأول عدد  22 و 30 يقول الكتاب في عدد 34 "وإن رجلا نزع في قوسه غير متعمد وضرب ملك إسرائيل بين أوصال الدرع". فالدرع له منطقة أمامية ومنطقة خلفية ويشد بينهم بحلقات بأربطة من الجلد تشده تجعله يغطي كل منطقة البطن والصدر والجانبين. اخاب استهتر ولم يضبط هذا الدرع ولم يربطه جيدا وخرج الى المعركة ،الجندي نزع في قوسه وهو غير متعمد لا يقصد ان يميته لكن الضربة التي ضربها جائت بين أوصال الدرع، فهو لبس الدرع لكنه استهتر ان يربطه ويوصله، نحن من يحاربنا ليس جندي نزع في قوسه وهو غير متعمد لكن "ابليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه". فالعدو عدونا متعمد ومع سبق الاصرار والترصد ،وعدونا يعرفنا الجندي في القصة لم يكن يعرف الملك ،ابليس يعرف نقط ضعفي ويعرف اين هي النقاط المتآكلة في الدرع ويصوب وضربة واحدة تكفي لننظر الى داود فلما كان لابسا الدرع وقطع طرف جبة شاول ضربه قلبه لكن عندما خلع الدرع وترك الحرب تمشى على السطح وزنى.

وقبل ان نخرج للحرب ونقول سنعمل وسنقاتل وسنربح و سنمتلك اراضي وو.. هل ارتديت درع البر؟  البس درع البر وخذ وقتك قال لهم " جوزوا في وسط المحلة و امروا الشعب قائلين  ..تقدسوا " وقام العرفاء يطوفوا وسط الشعب :انتبهو وانتم داخلين الحرب احترزوا من الحرام لا تمدوا ايديكم الى الحرام ،لكن بعدها خرج واحد ايضا مستهتر عخان ابن كرمي ونظر ورأى رداء شنعاريا ،وابليس يعرف كل واحد ماذا يحب فالذي يحب الرداء أو الملابس يحضره قدام عينه والذي يحب شهوة الجسد يحضرها امام عينه والذي يقع من شهوة العيون يحضرها امام عينه والذي يحب السلطة والشهرة سيحضرها امام عينه ،اخذ الرداء وسقط الشعب وعندما سقط الشعب سقط يشوع على وجهه ،فقال له الرب لماذا انت ساقط على وجهك قم وقدس الشعب في وسطك حرام فلا اكون في وسطك ،وهذا ما نحتاجه نحن في حربنا مع العدو.

لا تشغل نفسك من اين ستأتي الضربة أو السهم من الامام، من الخلف، من الجنب  ،من بيتي، من خارج بيتي ،من اخوتي المؤمنين حتى ،من اين يأتي السهم؟ لا اعلم لكن لو انا لابس الدرع فأنا مطمئن ،لان هذا الدرع غير معمول بيد بشرية لكنه معمول بيد إلهية لذلك يقول بولس: "لذلك أنا ايضا أدرِّب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس." (أع 16:24). 

هذا هو الدرع الذي نسجه الرب لنا والذي قال لنا وانتم داخلين للحرب ليس (إلبسوه) مرة لكن (لابسين) مضارع مستمر ،حال مستمر اي نلبسه ولا ننزعه ابداً وكل من يستهتر في موضوع القميص الواقي هذا لا يقدر ان يضمن ان تأتيه الرصاصة من احباءه او اصدقاءه او ابناءه او من اعداءه ،واحيانا نحن نستهتر واستهتار مرة واحدة فقط ممكن ان يكلفنا كثيرا.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا