لتصمت نساؤكم في الكنائس

وهب الله الانسان القدرة على النطق والتعبير الكلامي، وهذه احدى الامور التي تميزه عن باقي الكائنات الحية.
06 أكتوبر 2021 - 10:07 بتوقيت القدس
لتصمت نساؤكم في الكنائس

نقرأ في الكتاب المقدس عن محبة الرب لشعبه في العهد القديم، ومحبته للكنيسة اي جماعة المؤمنين في العهد الجديد، وشبه هذه الشركة بينه وبين الكنيسة المفدية بعلاقة العريس بعروسه.

ما يميز علاقة الرجل والمرأة، كما اوصى الكتاب بان تكون مبنية على المحبة والخضوع، وهذا يذكرنا بالشركة المقدسة التي كانت بين الآب القدوس والرب يسوع المسيح، علاقة وشركة المحبة والخضوع.

اوصى  بولس الرسول كنيسة كورنثوس بانه يجب على النساء ان تصمت في الكنائس، لانه ليس مأذونا لهن ان يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس ايضا ( 34:14).

لماذا اوصى بولس بهذا الامر؟ وما معنى هذا؟

هل الصمت التام وعدم الكلام البتة؟

عندما نقرأ عن كنيسة كورنثوس، ندرك انها كانت كنيسة مليئة بالمواهب الروحية، لكنها افتقدت المحبة والخضوع، لذلك دخلها الانشقاق والتحزب والتذمر على الاخوة بل والخدام ايضا، وهذه ليست مشيئة الرب لكنيسته.

الكلام امر معقد جدا، يقوده الذهن البشري في اعضاء عصبية في الدماغ باسم "بروكا وفيرنيكي"، الاول مسؤول عن الكلام اللفظي، والثاني عن فهم الكلام.

لكن هذه القدرة المباركة يجب ان تكون موزونة جيدا، وان لا تُستخدم في كلام بدون فائدة او حتى الثرثرة وكلام السفاهة!!  

وهذا ما اوصى به الحكيم سليمان، وبشكل خاص في محضر الله، بان الاستماع اقرب من تقديم ذبيحة الجهال، وبان لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك الى نطق كلام قدام الله، ولتكن كلماتك قليلة. (جامعة 2:5).

كذلك اوصى يعقوب في رسالته بان يكون كل انسان ( رجل او امرأة)، مُسرِعًا في الاستماع، مُبطئًا في التكلم، كذلك اوصى بان لا نكون معلمين كثيرين، لاننا في اشياء كثيرة نعثر جميعنا.

فهل من الحكمة اخوتي كثرة الكلام والانتقاد والتعليق على امور كثيرة، وخاصة في الامور الروحية في الكنيسة؟ وما دخل هذا بوصية بولس بصمت النساء في الكنائس؟

كل مؤمن حقيقي اختبر الرب يسوع بصدق القلب، يُدرك بروحه ان الرب يحب الجميع وبشكل متساوي، وهو لا يفرق بذلك بين الرجل والامرأة. ربما تكون الوظائف والمسؤوليات مختلفة ان كان في البيت او في الكنيسة، غير ان الرجل ليس من دون المرأة، ولا المرأة من دون الرجل في الرب (كورنثوس الاولى 10:11)، وايضا لاننا جميعا واحدا في المسيح، ذكر وانثى (غلاطية 28:3).

هل نقدر ونحترم كل امرأة في بيتها، على ما تقدم من عطاء ومحبة للزوج والاولاد؟ وهل نقدر دور كل اخت في الكنيسة، وخدمتها في بناء ملكوت الله؟

هذا الامر الذي لم يفهمه عالي الكاهن، عندما كانت حنة تصلي في هيكل الرب، بل ظنها انها تسكر!! (صموئيل الاولى الاصحاح الاول). هذه المرأة التي استجاب الرب الى صلاتها ووهبها ثمرة البطن، صموئيل النبي الذي كان سبب بركة كبيرة لشعب اسرائيل.

وماذا نقول عن النبية مريم اخت موسى وهارون، وعن دبورة النبية التي كانت سبب بركة وخلاص للشعب، وخلدة النبية التي تكلم الرب على فمها وحذر الشعب والملك يوشيا على الشر الذي جاء على الشعب بسبب العصيان؟

هل صَمتن هؤلاء؟ ام تكلمن بكلام الله وبروح النبوة في هيكل الله وامام الشعب بكل سلطان وقوة؟

ربما يقول البعض ان هذا الامر كان في العهد القديم، وهو غير مذكور في العهد الجديد!

لكننا نقرأ في انجيل لوقا 36:2 عن حنة النبية، التي لم تفارق الهيكل، عابدة باصوام وطلبات ليلا ونهارا، هي التي سبحت الرب وتكلمت عن يسوع مع جميع المنتظرين فداءً في اورشليم.

عندما نقرأ الاصحاح الرابع عشر من رسالة كورنثوس، نرى ان بولس كان يُعلم عن النظام في العبادة في الكنائس، كذلك عن مبدأ الخضوع قائلا بان ارواح الانبياء خاضعة للانبياء، لان الله ليس اله تشويش بل اله سلام، كما في جميع كنائس القديسين. وبعد هذه الوصية ذكر بولس بانه على النساء ان تصمت في الكنائس.

اخوتي، هل معنى هذا انه ممنوع على كل اخت في الكنيسة ان تصلي وتسبح وتشهد وتتنبأ؟

ألم يُعلم بولس ذاته بان كل امرأة ممكن ان تصلي وان تتنبأ (كورنثوس الاولى 5:11)، وهي مغطى الرأس؟ 

في بداية هذا الاصحاح ايضا علم بولس مبدأ واهمية الخضوع، قائلا بان اريد ان تعلموا ان رأس كل رجل هو المسيح، وامل رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله. 

فهذه الوصية وهذا التعليم يذكرنا بما قرأنا سابقا في رسالة كورنثوس عن مبدأ الخضوع والطاعة في الكنيسة، طبعا الدافع الوحيد يجب ان يكون فقط المحبة. ان كان بين الانبياء في الكنيسة، بان يخضع احدهم للآخرين، وان يتواضعوا ويسألوا مشورة الانبياء الآخرين، وان لا نظن بان كل ما نقوله دائما هو على صواب، بل ان نكون منفتحين لروح النبوة في الكنيسة، طبعا ان كانت مصدرها كلمة الله وبدافع الروح القدس.

يجب على كل واحد منا، رجال ونساء، ان نتعلم من رب المجد يسوع الخضوع والطاعة لله الاب، الخضوع للاهل، الخضوع للخدام، وبشكل خاص على كل امرأة ان تخدم لزوجها بدافع المحبة، لان هذه هي وصية الرب، ليس لان الرجل هو الاحكم او الافضل او الاهم، لكن لان هذه هي الوصية لكل بيت مسيحي وكل كنيسة، بان تسود روح المحبة، والتي لا بُد ان يتبعها الخضوع المقدس، الذي يجلب البركة على البيوت والكنائس، واذا حتم الامر او الموقف بان تصمت الامرأة في الكنيسة، لكي تمنع روح الانشقاق والخصام، وان تُعطي الاولوية والمسؤولية للزوج امام محضر القديسين، فهذه هي الحكمة والفهم التي اوصى بها الرب شعبه، وخاصة النساء عندما علم بطرس بان تكن النساء خاضعات لرجالهن، وتكون زينتهن انسان القلب الخفي في العديمة الفساد، زينة الروح الوديع الهادئ. ( رسالة بطرس الاولى الاصحاح الثالث 1-6).

ما احوجنا جميعا في هذه الايام الصعبة والمعقدة، المليئة بروح التشويش والخصام والانشقاق في مجالات عديدة في حياتنا اليومية، الى اخوات قديسات في بيوتنا وكنائسنا، تعلمن الخضوع مثل سارة لابراهيم، تعلمن الصلاة وحتى النبوة مثل حنة ودبورة وخلدة ومريم، بكل وداعة وخضوع لازواجهن، رافضات روح الاستعلاء والسيطرة على الآخرين وخاصة الزوج امام مجمع الكنيسة، لكي يعود كل المجد لالهنا الحي القدوس المبارك، ولكي نتعلم جميعنا نعمة الصمت في ظروف معينة في حياتنا، كما قرأنا وسمعنا عن ربنا يسوع امام حنانيا وقيافا، هيرودس وبلاطس، الذي ما زال صوته في قلوبنا:

"تعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا