خلق الله الانسان على صورته ومثاله، ذكرًا وانثى خلقهما الله، وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الارض، وأَخضِعوها.
الله هو الذي اسس الزواج منذ البداية، الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة لا غير.
يُشَبِّه الكتاب المقدس هذه العلاقة الحميمة المقدسة، بشركة المسيح مع الكنيسة عروسه العفيفة الطاهرة، على الاقل هو يراها هكذا، مع انها بها عُيوب لكن المسيح يراها كاملة، لانها هي له وحده، هو يسوع المسيح الوحيد الفريد، وهي العروس المحبوبة، الكنيسة.
كل مُؤمن مسيحي يرى بشخص الرب يسوع المسيح، المثال الاعلى في كل امور حياته، ومن بعض الامور الاكثر اهمية هي العلاقة الزوجية، التي تبدأ بالتعرف بارشاد الرب (لمن يُؤمن ويطلب هذا الارشاد)، بعدها فترة الخطوبة ثم الزواج.
كما قرأنا عن المحبة بين الآب القدوس وابنه يسوع المسيح، وحياة الخضوع والطاعة من الرب يسوع للآب، هكذا علينا جميعًا ان نتشبه بالابن المبارك، الذي كان كاملًا في محبته، وعجيبًا في تواضعه وخضوعه.
نقرأ في رسالة افسس ان المسيح أحبَّ الكنيسة، حتى انه اسلم نفسه لاجلها، لكي يُقدسها، مُطهرًا أِياها بغسل الماء بالكلمة، لكي يُحضرها لنفسه كنيسة مجيدة، لا دنس فيها ولا غضن او اي شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب (افسس 25:5).
من الممكن لنا ان نتمثل بالعلاقة الزوجية الجيدة بين والدينا مثلًا، او احد الاقرباء او الاخوة في الكنيسة، لكن دعوتنا العليا اجمعين هي ان نتفرَّس بجمال الرب يسوع، ومحبته للكنيسة، وان نسير في خطاه ونتغير لصورته ومثاله.
فكل رجل مسيحي مؤمن عليه (ليس الامر اختياري بل هي وصية الرب) ان يُحب امرأته كما احب المسيح الكنيسة، لا اكثر ولا اقل! لاننا لا نريد ان نحب نساءنا اقل من ذلك، ولانه لا توجد محبة اعمق واصدق من تلك!
في المحبة يطلب كل واحد راحة الآخر، يرعاه، يشجعه، يحضنه، يساعده واحيانًا ايضًا يعير انتباهه على امر معين غفل عنه او اخطأ به.
لم يوصي الله الرجل بان يتحكَّم ويتسلَّط على المرأة، ولم يطلب منه ان يُؤدبها حتى استخدام العنف والضرب والاهانات!!! بل نقرأ وصية الرب في رسالة افسس انه يجب على الرجال ان يحبوا نساءهم كاجسادهم، ومن يحب امرأته يحب نفسه ايضا، لانه لم يبغض احد جسده قط، بل يقوته ويُربيه، كما الرب ايضًا الكنيسة، لاننا اعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه، من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامراته، ويكون الاثنان جسدًا واحدًا.
هل هذا معناه ان نهمل محبتنا واهتمامنا بوالدينا؟ حاشا! بل بالعكس، لكن من المهم ان تكون هناك استقلالية بعلاقة الزوجين مع الاهل، لانه هناك امور خاصة تبقى بين الزوج وزوجته، وحتى الاهل لا يعرفوا بها، وهنالك قرارات حاسمة في حياتنا، من الممكن ان نشاور الاهل بها، لكن القرار النهائي يكون بين الزوجين بمشورة وارشاد الرب الذي احبنا، حتى لو خالف ذلك الآخرين حتى الاهل.
في رسالة كولوسي 18:3، يُؤكد بولس الرسول اهمية هذه الوصية بقوله : ايها الرجال، أحبوا نساءكم، ولا تكونوا قساة عليهن، لا في قسوة الكلام، او بمعاملتها بانها خادمة لك وحدك! او بان تظن بانك وحدك تتعب وبحاجة الى الراحة، بل ايضًا المرأة! كذلك يجب ان يساعد احدنا الاخر في كل امور الحياة، الجسدية، النفسية والروحية ايضًا.
في بعض الاحيان، من الممكن ان يستغرب الرجل لماذا تُعاق صلواته، فهل السبب من الممكن ان يكون لانه اهمل الوصية بان يكون الرجال ساكنين بحسب الفطنة مع الاناء النسائي كالاضعف، معطين اياهن كرامة، كالوارثات ايضًا مع الرجال نعمة الحياة؟
هل يُقَدِّر الرجل تعب امرأته في البيت كل يوم، ربما ايضا تعبها في مكان عملها خارج البيت؟ هي التي كانت تستيقظ كل ليلة عدة مرات للعناية بطفلها الرضيع؟
وهل الزوجة تتفهم الجهد الكبير لرجلها في مكان عمله، والتحديات اليومية التي يواجهها، وعند رجوعه الى البيت يريد اجواء الهدوء، الراحة والسلام؟
عندما يفكر كل واحد براحة وخير الآخر، فمن السهل ان تكون الشركة مقدسة بين الزوجين، اساسها التفاهم والمحبة والوئام، واذا شعرت الزوجة بعناية ومحبة زوجها لها، فمن السهل لها ان تخضع له، كما تخضع الكنيسة للمسيح، لان الوصية هي ان تخضع النساء لرجالهن كما للرب، لان الرجل هو رأس المرأة كما ان المسيح ايضًا رأس الكنيسة، وهو مخلص الجسد. وكما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء، حتى وان لم يحبها رجلها كما ينبغي فهي عليها ان تكرم اسم الرب بخضوعها لزوجها، حتى لو انه غير مؤمن، لكن ليس بان تسير ورائه في امور خاطئة وشريرة التي تعارض وصية الرب، لانه ينبغي ان يطاع الله اكثر من الناس، حتى لو كان الزوج ومشورته الشريرة. (افسس 22:5 ، كولوسي 18:3).
ما احوجنا في هذه الايام الشريرة، لنساء في سيرة تليق بالقداسة، مُعلمات الصلاح، لكي ينصحن الحدثات ان يَكُنَّ مُحِبَّات لرجالهن ويحببن اولادهن، متعقلات، عفيفات، ملازمات بيوته، صالحات، خاضعات لرجالهن، لكي لا يُجدَّف على كلمة الله!
في حياة العالم، يطلب كل واحد ما هو لنفسه، لكن لم تكن هذه هي مشيئة الرب منذ البدء، ولم تكن هذه وصيته، بل ان يُحب احدنا الاخر، فكم بالحري ينبغي ان تكون هذه المحبة شديدة بين الزوج والزوجة، وهذا العطاء يكون صادق ومُستمر؟
وان كان فكر العالم اليوم يرفض مبدأ الخضوع، بل بالحري يشجع على التمرد والاستقلالية الكذابة، والتي تعارض فكر الله ووصيته في الكتاب المقدس، فما احوجنا الى نساء الله، من اختبرن محبة الرب ووضعوا راسخ في قلوبهن ان يطيعوا وصيته المقدسة، لكي يُكرمن اسمه القدوس، لانه عندها سوف يسطع نور مجد المسيح في كل حياة زوجية، اتخذت الرب مثلها الاعلى بمحبته وخضوعه، وعندها من الممكن لنا ان نقول بان الخيط المثلوث لا ينقطع سريعًا... الزوج، الزوجة ورب المجد يسوع المسيح.