من يكسب معركة الذهن:"اراب ايدول" أم الرب؟

بهذه الطريقة فقط يتحول الايمان من مبدأ مجرد الى مبدأ واقعي يلتفت اليه البشر ويطلبونه لأنفسهم. تحول هذا المبدأ الى حقيقة واقعية مؤثرة مثلا في حياة طيبي الذكر الأم تريزا وجورج لاتي وروي ويتمان وعيدي بشارة.
31 مارس 2012 - 14:55 بتوقيت القدس

العالم يسعى بكل قوته لجذب انتباهنا.

يرن هاتفنا النقّال ورقم المتصل مجهول. ترد على الهاتف، فتسمع صوت فتاة تسألك ان كنت فلانًا من الناس بلكنة غريبة وبتشويه لاسمك. انها تريد ان تبيعك بوليصة تأمين صحي بمبلغ زهيد أو رزمة "أحسن" للهواتف الخليوية دون التزام وبسعر رائع لك خصيصًا ...

كما يطلبون لفت انتباهنا عن طريق التلفزيون. قبل 25 عامًا نعِم أغلب السكان في الناصرة بثلاث محطات تلفزيونية فقط (القناة الاسرائلية الاولى مع مباط ومباط سبورت ومباط شيني، قناة 3 الاردنية مع رافع شاهين ومازن كبج والمسلسلات المصرية الشعبية وأيضاً قناة 6 بالانجليزية وبرامج الكوميديا على الثامنة والنصف والأفلام الاجنبية بعد اخبار العاشرة). في تلك الأيام نجح بعض الساكنين في اعالي تلال الناصرة بالتقاط التلفزيون السوري او لبنان في الأيام الحارة وكان ذلك يعتبر امتيازًا لا يعادله امتياز. اما اليوم فهناك مئات (وحتى الوف) محطات الاقمار الاصطناعية من المر وحتى الحلو، وكلها تتنافس على جذب انتباهنا.

كما يتزاحم الجميع لجذب انتباهنا عن طريق الانترنت وخاصة الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وقد امست في متناول اليد على التلفون الخليوي. تتراقص امام اعيننا الدعايات التجارية ودعايات لبرامج دينية وسياسية واجتماعية، تذكير بأعياد ميلاد اصدقاء ومعارف ، أقوال لعظماء وأقوال لسفهاء، صور تتوسل للتعليق، أخبار محلية وروابط لأغاني وما يخطر ولا يخطر على البال- الكل يستغيث: هبني انتباهك!

ثم هناك برامج "الريالاتي" على انواعها .انها برامج الواقع وهي، بخلاف المسلسلات أو الأفلام العادية، حلقات يمثل فيها اناس عاديون يوضعون في مواقف معينة بشكل طبيعي دون وجود لسيناريو مكتوب سلفًا. ومن هذه البرامج "الأخ الأكبر" وبرامج المنافسات لتحقيق اهداف بعد تعيين مهام للمتسابقين (مثل النزول بالوزن أو الصمود في الصحراء وغيرها) ومسابقات المعلومات العامة والرقص وغيرها.

كسبت برامج "الريالاتي" اهتمامًا كبيرًا بين العرب ككل وبالذات تلك التي اشتملت مسابقات الغناء العربية ابتداء من السوبر ستار وحتى الارب ايدول (ولشدة عروبتها نزل اسمها بالانجليزية). أما في بلادنا فقد ذاع مؤخراً صيت برنامج the Voice الاسرائيلي باشتراك الشابة العربية دانه در (ذات الجذور الهولندية- كما آثرت ان تقدم نفسها). فلقد تجند الشباب العرب وبالذات في الناصرة لدعمها حتى ترتقي من مستوى لآخر في سلم المسابقة/البرنامج. وهكذا اضحى الانتباه وحتى الشغل الشاغل للشباب هو أداء وحركات المتسابقين وعائلاتهم المرافقة وتجاوب المرشدين وهم من المغنيين أو الملحنين المعروفين.

أمام هذا الزخم الهائل من الملهيات التي تشد الناس وتتنافس على انتباههم – نحمل في جعبتنا رسالة في قمة الاهمية. هل من الضروري أن تتنافس رسالتنا في حرب جذب الانتباه والتسويق؟

القرن الحادي والعشرين هو عصر الصراع على الذهن. من يكسب ذهنك – يكسب المعركة بالكلية. من يغسل دماغك يأسر ارادتك له. ومن جذب انتباهك وأقنعك سيميلك اليه.

من هنا فاننا اذا اخلينا الساحة لكي يجذب الآخرون انتباه الناس فسنفشل، اذ سيضيعون في سعيهم وراء سراب وتسلية وترفيه ولا يلتفتون لخالق الكون ومخلص البشرية .

أمام ذلك هل نجرؤ على الاعتكاف عن المزاحمة؟

كيف نجذب الانتباه إذن لرسالتنا؟

لهذا السؤال جواب من شقين.

الأول- لقد وهبنا الرب روحه القدوس المرشد والمعلم وطلب منا أن نجدد ذهننا.

تجديد الذهن لا يعني ان نلحق كل تقليعة وموضة جديدة اخترعها العالم ولكنه يعني الابداع والابتكار.

رسالتنا قديمة الاصول ولكنها مناسبة لكل عصر وزمن. ولكن هل شكلها الخارجي ورزمتها في عصرنا جذابة أم مملة؟ هل نجدد افكارنا فنبتكر وسائل جديدة لكي نغلف رسالتنا؟

يميل الانسان للقيام بالعمل بنفس الطريقة الروتينية لأن هذا أسهل فقد جُرب في الماضي، ولربما لاقى قبولاً ما أيضًا. لكن ومع مر السنين اصبح روتينيًا ومملاً.

التجديد يفيد طرح القديم جانبًا والابتداء "من أول وجديد"- كما نقول بالعامية. انه يفيد المغامرة والمجازفة.

أنواكب مثلاً الاجهزة الالكترونية الجديدة التي نستطيع بواسطتها تقديم رسالتنا بشكل أفضل؟ أنستعين ببرامج أو افكار جربها آخرون لجعل رسالتنا جذابة في المنافسة على انتباه البشر؟


الثاني- نشتق الاجابة من مصدر انجذاب كبير في التلفزيون هو برامج "الريالاتي" (الواقع). انها تجذب الناس لتشاهدها لأنها تحكي قصة أناس حقيقيين مثلهم مثل المشاهد يوضعون في مواقف انسانية حرجة في منافسات فيحزنون ويفرحون وينتقمون ويتعبون - فيتعاطف معهم المشاهد ويعشق متابعتهم.

مقابل هذه الواقعية الجذابة للناس – تعتمد رسالتنا المسيحية الايمان وهو "الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى (عبرانيين 11:1)، اي انها غير ملموسة. كيف سيكون اذن الايمان وهو غير ملموس ويتحدث عن رجال ونساء من قبل الفي عام - واقعي وجذاب ليلفت انتباه ألناس؟

الجواب القاطع هو أن يكون الايمان واقعيًا في حياة المؤمنين به. على الناس ان تراه يقينيًا واضحًا ومؤثرًا في حياة المؤمنين يوجه حياتهم بكل تفاصيلها. بهذه الطريقة فقط يتحول الايمان من مبدأ مجرد الى مبدأ واقعي يلتفت اليه البشر ويطلبونه لأنفسهم. تحول هذا المبدأ الى حقيقة واقعية مؤثرة مثلا في حياة طيبي الذكر الأم تريزا وجورج لاتي وروي ويتمان وعيدي بشارة.

حياة الشهادة الطيبة للأفراد في واقع الحياة والمقرونة بالابتكار والإبداع في تقديم الانجيل يمكنهما جذب انتباه العالم لرسالتنا في خضم ضوضاء الحياة التي تشد كل واحد اليها.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. اسامة فؤاد حنا الجاولى 31 مارس 2012 - 14:58 بتوقيت القدس
جميلة جدا جميلة جدا
اشكرك فالتجديد يفيد طرح القديم جانبا والابتداء من اول وجديد