لاحظت خلال كتابة العديد من المقالات في موقع لينجا أن بعض أعضاء الكنيسة يتصارعون مع كيفية التعامل مع قادتهم، ويستفسرون عن حقوقهم وواجباتهم. لهذا سيتحدث هذا المقال عن واجبات العضو نحو القائد آملا أن أشرح حقوق العضو في مقال آخر. ويخطئ بعضنا إلى الله وإلى الكنيسة عندما يتحدثون علنا وبصورة سلبية ضد القادة الذين أقامهم الله في وسطنا. وتضر الصور النمطية التي يرسمونها بالقادة الأمناء الذين يخدمون الله بتضحية. وتتعارض لغة التعميم مع كلمة الله التي تحثنا على عدم قبول شكاية على شيخ إلا على فم شاهدين أو ثلاثة (1 تيم 5: 19). وليست الشكاية تحت اسماء مستعارة أو على الصفحات الالكترونية أو الشبكة العنكبوتية مقبولة إلا إذا كانت هوية الشاكي معروفة لقادة الكنيسة وكانت الشكوى سرية. فالشكوى السرية يجب أن تكون قبل الشكوى العلنية ضد القائد أو العضو. وأتساءل: ما هو رأي الكتاب المقدس في كيفية تعامل عضو الكنيسة مع القادة؟ سأطرح ثلاث نقاط رئيسية تتحدث عن هذا الموضوع.
أولا، يقول بولس الرسول: "ثم نسألكم أيها الأخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم، وأن تعتبروهم كثيرا جدا في المحبة من أجل عملهم" (1 تس 5: 12). يبين بولس الرسول أن القيادة ليست منصبا بل عملا وخدمة، ويشجعنا رسول الأمم أن نحترم و نثمّن إلى أقصى حد قادة كنائسنا ونظهر تميزهم. فعندما نحب القادة نبحث عن كل الوسائل المتاحة لإكرامهم ونكون مستعدين للتضحية من أجلهم كما ضحوا من أجلنا. فيجب أن نكافئهم ونحتفل بعملهم النشيط، وبتعب محبتهم وتضحيتهم لأجل الرعية، وبتدبيرهم وإدارتهم أمور شعب الله بحكمة، وبإنذارهم المؤمنين والمؤمنات وتحفيزهم للناس أن يتبعوا المسيح بأمانة (1 كور 4: 14؛ كو 1: 28؛ أع 20: 31). وبدلا من نشر النميمة يجب أن نتحدث عن بركات الله التي نلناها من خلال خدمة القادة. ولا ضير من الإحتفال بهم وتقديرهم وإكرامهم على الأقل يوما في السنة تعبيرا عن إلتزامنا بهذا المبدأ.
ثانيا، يضيف بولس الرسول قائلا: "أما الشيوخ المدبرون حسنا فليحسبوا أهلا لكرامة مُضاعفة، ولا سيَّما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم، لأن الكتاب يقول: لا تكم ثورا دارسا، والفاعل مستحق أجرته" (1 تيم 5: 17). مرة أخرى، يؤكد بولس الرسول أهمية إكرام القادة بالمواقف وماليا. نعم، يتحدث الكتاب المقدس الموحى به من الله عن المال وعن أجرة الخادم. فمن العار سلب خدام الرب من حقوقهم المالية (لا 19: 13؛ مت 10: 10). فالذين "ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون" (1 كور 9: 14). وهنا أتوقف عند نقطة حساسة إذ نجد بعض الخدام يفتقرون إلى دخل معقول فلا يستطيعون أن يعتنوا بعائلاتهم. ولا تزود بعض الكنائس أو المؤسسات المسيحية برامج توفير لشيخوخة الخادم ولا تدفع عنه المستحقات القانونية من تأمين طبي ووطني. وهي تخطئ بذلك إلى الله وتتعدى قوانين الدولة (رو 13: 1 – 7). ويضطر الخادم أن يكون عاطلا عن العمل في نظر الدولة. وربما يتوجه الخادم إلى الكنائس الغربية ليطلب المساعدة المالية. وقد لا ينجح في تجنيد الأموال. وربما يكون رب أسرة ويعيش في ضنك وضيق بينما العديد من أعضاء الكنيسة يحيون بطريقة مريحة. ويملك أعضاء الكنيسة الضمانات الطبية والمالية الكافية وميزانيات إضافية للسفر والترفيه والثياب والمدارس بينما يضطر خادم المسيح أن يترك الخدمة ليعمل ويعيل أسرته موفرا لها أساسيات العيش الكريم. إن مسؤولية العضو أن يوفر الحاجة المالية لقادة الكنيسة المتفرغين للخدمة. ويفعل ذلك بتضحية وبفرح. فلو كان هناك عشرة أشخاص فقط يعملون داخل الكنيسة والتزموا كل واحد بإعطاء عُشر دخله لخادم الرب لأختبرت كنائسنا تغييرا إيجابيا كبيرا. وعندما يتعب الخادم في دراسة الكلمة والتعليم فيجب أن يوفروا له كرامة مضاعفة، أي يكون دخله أكثر لكي لا يفكر في هموم هذا العالم، بل في امتداد ملكوت الله من خلال رعيته. ولا اعتقد أن دخل الخادم يجب أن يكون أقل من دخل معلم في المدرسة أو مهندس أو محام. فلنكرم الرب من مالنا بإكرام خدامه.
ثالثا، يقول كاتب سفر العبرانيين: "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب 13: 7). ويشدد عبرانيين 13 على أهمية الذاكرة (13: 2، 3، 7، 16). ويذكرنا النص بالخدام الذين انتقلوا إلى الرب أو الخدام الشيوخ الذين خدموا الرب لسنين كثيرة بأمانة وتقوى. ويحثنا على معرفة تاريخ هؤلاء الخدام الأمناء والاقتداء والتمثل بإيمانهم ومواقفهم وطاعتهم للرب (عب 13: 7). ويضيف النص قائلا: "اطيعوا مرشديكم واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يُعطون حسابا، لكي يفعلوا ذلك بفرح، لا آنين، لأن هذا غير نافع لكم" (عب 13: 17). إن مسؤولية العضو أن يتمثل بإيمان المرشد ويخضع للقائد الأمين. والخضوع المقصود هنا هو اختيار العضو الطوعي وموافقته على الإلتزام بتعليمات المرشد المقنعة التي تقود إلى النمو في معرفة ربنا يسوع المسيح. فلقد أعطى الله القائد مسؤولية قيادة الكنيسة والبحث عن منفعة كل عضو فيها وكل اعضائها معا. ويتمتع القائد الروحي بخبرة ومعرفة روحية عميقة وبحكمة من الله. فمن الأفضل ان ندعمهم ونتعلم منهم ليقوموا بخدمتهم بفرح بدلا من الحزن الذي سيؤخرهم ويضرنا.
أخيرا، لقد تحدثنا عن إكرام القادة بتقدير تعبهم وبدعمهم ماليا وبالخضوع لإرشادهم. ولا بد أن نفعل هذه الأمور بروح الصلاة إذ يجب علينا أن نصلي لجميع الناس وللقادة لنعيش حياة التقوى والوقار (1 تيم 2: 1 – 3؛ 1 تس 5: 25؛ 2 تس 3: 1). ولا بد أيضا أن ندعم القائد بحضور الإجتماعات والتفاعل مع الوعظ والتعليم. ويجب ألا نترك اجتماعاتنا مع بعضنا بعضا ومع قادتنا (عب 10: 25). وآمل أن نلتقي في المستقبل لنتحدث عن مسؤولية القائد تجاه العضو.