عادة، ترحب الكنيسة بكل الناس ليسمعوا كلام الله ورسالة الخلاص إلا أن الإنضمام للكنيسة المحلية والتمتع بكل الامتيازات والمسؤوليات فيها هو أمر آخر. فلا يستطيع أي إنسان الإنضمام لعضوية الكنيسة المحلية والتمتع بامتيازاتها ومسؤولياتها وبكل بركاتها دون الإيمان بعقيدتها والإلتزام بأخلاقياتها. ولا يستطيع الإنسان أن يبقى عضوا في الكنيسة إن لم يلتزم بعقيدتها ومبادئها. فأحيانا، يضطر قادة الكنيسة إلى تحاشي بعض الناس وإلى التوصية بتجنبهم (2 تيم 4: 14 – 15). وأحيانا أخرى يضطرون إلى مواجهة بعض الأشخاص الذين يسببون المتاعب لجماعة الرب. وهكذا اضطر الرسول يوحنا إلى مواجهة ديوتريفوس الذي تكلم بأقوال خبيثة وطرد مؤمنين من الكنيسة (3 يو 1: 10). ولقد أكد الرسول يوحنا أن الكنيسة لا تدعم أو تستضيف من ينكر العقائد الأساسية (2 يو 1: 10 – 11). واضطر أيضا الرسول بولس أن يؤدب هيمينايس والإسكندر اللذين رفضا الإيمان القويم والضمير الصالح (1 تيم 19 – 20). ولن يتحدث هذا المقال عن التفاعل والتعامل مع الأديان الأخرى ومن يؤمن بها إذ لا نستطيع أن نمتنع عن ذلك وإلا فيلزمنا أن نخرج من العالم (1 كور 5: 9 – 10). ولكننا سنركز حديثنا على تعليم بولس عن تجنب وتحاشي الشركة والعلاقات الكنسية الحميمة ومقاطعة سبع فئات محددة من الناس لن يرثوا ملكوت الله (1 كور 6: 9 – 10) إلا إذا تابوا عن شرهم. وسنركز حديثنا على تي 3: 10 – 11 وثم على 1 كور 5: 11، وتظهر في هذه النصوص الفئات التالية:
المبتدع
بعد أن تحدث الرسول بولس عن الخلاص وثماره، بيّن انحراف وضلال البعض الذين لا يمارسون الأعمال الحسنة النافعة لهم وللناس، بل يصرفون وقتهم في المباحثات الغبية والخصومات والمنازعات (تي 3: 9). فماذا نفعل عندما يكون أحد أعضاء الكنيسة مصمما على إثارة القضايا غير النافعة لخدمة الله والكنيسة والمجتمع وعندما يخدع أحدهم العقول ويتمرد ضد الحق الكتابي ويحرّفه؟ يخبرنا بولس أن البدع لا بد أن تأتي (1 كور 11: 19) ويحثنا رسول الأمم أن نسعى إلى "سد أفواههم" (تي 1: 11) وأن "نوبخهم بصرامة" (تي 1: 13) وأن نبيّن الفكر الصحيح (تي 2: 1). طبعا، لا يجب أن نستخدم العنف الكلامي او الجسدي، بل نأخذ موقفا حاسما وحازما بلطف ومحبة. فكيف نفعل ذلك؟ أولا، يجب فحص الأمر في ضوء الكتاب المقدس والصلاة والحق الذي بحسب التقوى (تي 1: 1). ويجب إيقاف الأحاديث غير النافعة والمضرة للكنيسة وتوبيخ المناقضين والإلتزام بقرار الكنيسة (تي 1، 9؛ 3: 9). ثانيا، إذا لم يلتزم المبتدع الذي يثير تعليما يسبب الخصام، فيجب انذار الشخص الذي يثير هذه النزاعات بطريقة واضحة ومفهومة ومتوافقة مع الكتاب المقدس. ثالثا، إذا استمر المبتدع بنفس التوجه، وبعد التأكيد على أهمية تجنب المواضيع غير البناءة، يجب انذار الإنسان المبتدع مرة ثانية وأخيرة. فإن لم يرتدع تنكسر شركة الكنيسة معه ويصبح قراره حكما ضده وسببا لتحاشي الاختلاط معه (تي 3: 10 – 11).
الزاني
الزاني هو الشخص الذي يمارس الجنس بصورة غير شرعية لا تتوافق مع معايير الله. وقد يمارس الجنس بصورة غير شرعية أو غير طبيعية (اللواط، السحاق، استغلال الاطفال جنسيا، الكلف الجنسي بالحيوان، الإدمان على الانترنت، الخ). وقد حرمه الله من ميراث ملكوت الله (1 كور 6: 9؛ اف 5: 5). طبعا، سامح الرسول بولس الزاني التائب (1 كور 5: 1 – 8؛ 2 كور 2: 5 – 11) بعد توبته ومسامحة الكنيسة له. إلا أنه يجب الحفاظ على قداسة الكنيسة وعدم قبول كل من يمارس الجنس بصور غير طبيعة أو غير شرعية أعضاءً في الكنيسة. ويجب عدم قبول خدمتهم في الكنيسة أو السماح لهم بالإشتراك بكل امتيازات عضوية الكنيسة. ونستطيع أن نتعامل مع هذه الفئة بأن ندعوهم للتوبة ونبين لهم محبة الله وقداسته.
الطمّاع
الطمّاع هو إنسان مادي يرغب في امتلاك ما ليس له. وقد يشتهي ممتلكات إنسان آخر أو البركات التي عنده (خر 20: 17). وبسبب طمعه يبرر كسر وصايا الله كما فعل عخان الذي سرق من شعب الله (يش 7: 21). والطماع يحب المال ويعبده ولهذا هو مُتاح لكل أنواع الشرور. ويحب الطماع نفسه على حساب الآخرين فلا يستطيع أن يحيا طريق المحبة التي تقودنا إلى وضع نفوسنا على مذبحها لأجل الأحباء. وإذا كان الطمع مرضا في الكنيسة، فيجب علاجه إما بالإنذار والتشديد على التوبة أو باستئصال الطماع وعزله وتحاشي الشركة معه.
عابد الوثن
قد يكون عابد الوثن غير مسيحي أو "أخا" في الكنيسة (1 كور 5: 11). وعبادة الوثن هي دعم ومشاركة الإنسان في طقوس وذبائح تعارض تعاليم الكتاب المقدس. وقد يقوم بها وثنيون أو أشخاص ينتمون إلى شعب الله. ولهذا تحدّث الرسول بولس عن شعب بني إسرائيل الذين شاهدوا اختبارات عظيمة، مثل الشرب من صخرة روحية، أي المسيح، إلا أنهم طُرحوا في القفر لأنهم عبدوا الاوثان ومارسوا طقوسا وثنية (1 كور 10: 1 – 7). لهذا إن صمم أحد أعضاء الكنيسة على التعامل بالسحر أو ممارسة طقوس وثنية أو الإشراك بعبادة الله، فعندئذ يحق للكنيسة أن تتحاشى الشركة مع هذا الشخص المدعو أخا!
الشتّام
الشتم هو استخدام الكلام للتحقير والإهانة والتعيير والتجديف. والشتّام هو من يمارس الشتم باستمرار. ولقد امتنع المسيح عن شتم من شتموه (1 بط 2: 23) وطلب منا ألا نلعن، بل نبارك. وهكذا فعل بولس الرسول (1 كور 4: 12). ويحثنا بولس الرسول على تحاشي الشتّامين وعدم معاشرتهم والجلوس معهم لتناول الطعام. فإن قداسة الكنيسة مهمة ويجب أن نكون قدوة في الكلام والعمل والمحبة لنكون صوت الله للعالم.
السكير
هو الذي يشرب باستمرار المشروبات الكحولية إلى درجة فقدان السيطرة الكاملة على أفكاره وتصرفاته. ويمنع الكتاب المقدس السكر (أف 5: 18؛ رو 13: 13). ويقود السكر إلى الفقر (أم 21: 17؛ 23: 21)، والخصام (أم 23: 29، 30)، والضلال عن مشيئة الله (اش 28: 7). ولقد سكر نوح فتصرف بغير لياقة وكشف عورته (تك 9: 20 – 23)، وسكر نابال غير عالم بالخطر القادم عليه (1 صم 25: 36 – 37)، وسكر أوريا غير عالم بمؤامرة داود (2 صم 11: 13)، وسكر أمنون فخسر رأسه (2 صم 13: 28)، وسكر الملك أيلة بن بعشا فلم يعلم بمؤامرة عبده زمري الذي قتله (1 مل 16: 8 – 10)، وسكر بنهدد ملك آرام فخسر المعركة (1 مل 20: 13 – 21)، وسكر احشويروش فأهان زوجته (اس 1: 10 – 11)، وسكر أهل كورنثوس فأهملوا إخوتهم واستهانوا بكنيسة الله وكسروا ناموس المحبة (1 كور 11: 21 – 22). السكر هو تعدي شرائع الله وشر لا بد من إزالته. لهذا لا يليق أن يكون السكير في داخل الكنيسة إلا إذا تاب من سكره وصار مستعدا أن يحيا حياة التقوى.
الخاطف
هو الذي يجمع المال والممتلكات بالغش والخداع والإحتيال. ويحاول الخاطف أن يخطف حقوق الناس فيدمر سمعة الكنيسة وأعضائها. لهذا يدعو بولس أهل كورنثوس إلى تحاشي الخاطف وعدم مخالطته وعدم منحه الامتيازات الكنسية (1 كور 5: 11).
أخيرا، قد يستغرب البعض من هذا المقال إلا أنه من الضروري أن تؤكد الكنيسة على محبتها لجميع الناس وفي ذات الوقت تشدد على أهمية قداستها أمام الله وجميع الناس، وإلا فستخسر الكنيسة قوتها وشهادتها ورضى الله عنها. وندعو الكنيسة أن تتعامل وتحب كل الناس وتدعوهم إلى معرفة ربنا يسوع المسيح، إلا أن عضوية الكنيسة وامتيازاتها ومسؤولياتها هي للمقدسين في المسيح يسوع الذين يتبعون القدوس. ليست العضوية في كنيسة الرب يسوع المسيح بالوراثة أو بالإنتماء القانوني أو الإجتماعي، بل بواسطة دم يسوع المسيح. ويجب أن يكون طريق الإنتماء للكنيسة المحلية هو الإنتماء لكنيسة الرب يسوع المسيح. وقبل أن نكون أعضاء الكنيسة المرئية يجب أن نكون جزءا من جسد الرب يسوع المسيح. وهنا تكمن إحدى التحديات التي تحصل عندما تتحول الكنيسة إلى طائفة معترف بها في الدولة. فهناك فرق بين عضو الكنيسة بحسب القانون، وعضوها بحسب شهادة الروح القدس وحياة التقوى التي تعكس الإلتزام بالمسيح.
لاحظت خلال التعليقات وجود ازمة ثقة عند بعض الاشخاص. يكتبون ضد رعاتهم وقادة كنائسهم تحت اسماء مستعارة وبصورة علنية. اشدد أن مقالي لا يتحدث عن طرائق حل النزاع بين هذه الفئة والرعاة. ويجب أن نتعامل مع قادة الكنائس كما يطلب الكتاب المقدس بكل احترام وتقدير دون انتقاص قدر أي إنسان.
في ذات الوقت، بحسب رأي ليس موقع لينجا هو المكان الصحيح لحل الخلافات والنزاعات بينك وبين راعي كنيستك. فهذه المقالات هي تثقيفية وتعليمية لنستطيع أن نتبع الرب من كل قلبنا ونبني كنيسته. وإرادة الله هي أن نحترم ونثمن الذين يخدمون ويتعبون في وسطنا. فأنا ارفض تحقير أو تقزيم أي خادم للرب وأدين هذا التوجه غير الكتابي إذ يقول الكتاب لا تقبل شكاية على شيخ إلا على فم شاهدين أو ثلاثة وليس تحت اسماء مستعارة. واشجع محاربة كل خطية تمنع امتداد ملكوت الله. فلنعمل معا كفريق الرب بحسب قوانين الرب لنحقق مقاصد الرب معا.
القس الدكتور حنا كتناشو