جبل الرب المُقَدَّس

في الكتاب المقدس - العهد القديم جبل سيناء هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى وأوحى له بالوصايا العشر.
04 مارس 2021 - 19:39 بتوقيت القدس

نقرأ في الكتاب المقدس عن لقاء الرب مع شعبه امام الجبل، ومع الخدام والانبياء امثال ابراهيم وموسى وحزقيال وغيرهم.

ففي خروج الاصحاح 19 نقرأ عن نزول شعب اسرائيل مقابل جبل سيناء، لكن الرب لم يسمح للشعب بان يصعد الى رأس الجبل، بل دعى فقط موسى ليصعد الى هناك، لكي يسلمه الوصايا والشريعة والاحكام.

نحن، لم نأتي الى جبل سيناء المضطرم بالنار، والى ضباب وظلام وزوبعة، وهتاف بوق وصوت كلمات حتى وان مست الجبل بهيمة، ترجم او ترمى بسهم، ولا الى ذلك المنظر الذي كان مخيفا جدا حتى موسى نفسه قال: انا مرتعب ومرتعد (عبرانيين 18:12).

لم نأتي الى جبل سيناء، جبل الوصايا والاحكام والفرائض، جبل الناموس المقدس، وان اخفق احد منا باحدى هذه الوصايا كانه اخفق بجميعها!

لكننا اتينا الى جبل صهيون، الى مدينة الله الحي، اورشليم السماوية، والى ربوات هم محفل ملائكة، وكنيسة ابكار مكتوبين في السماوات، والى الله ديان الجميع، والى ارواح ابرار مُكملين، والى وسيط العهد الجديد يسوع، والى دمِ رشٍ يتكلم افضل من هابيل.

كان ابراهيم احد رجال الله الاوفياء، الذي كان يُطيع صوت الله ويسير حسب ارشاده له، حتى انه دُعي خليل الله. 

ففي كتاب التكوين اصحاح 22 نقرأ كيف دعى الله ابراهيم بان يذهب الى ارض المُرِيَّا، لكي يُصعد محرقة على احد الجبال، وكيف طلب منه الله بان يقدم ابنه اسحاق ذبيحة!

كانت طاعة ابراهيم لله كاملة ليس فقط بخروجه من ارض اور الكلدانيين، بل اطاع حتى انه كان على استعداد ان يقدم ابنه المحبوب اسحاق ذبيحة لله، مع انه نال مواعيد البركة من خلال اسحاق، بعد أعجوبة ولادته لام عاقر متقدمة جدا في السن، واب شيخ جليل.

اقول اخوتي ان الله لا تهمه الجبال او البقاع، لا الاماكن العالية ولا المنخفضة منها، لكن الرب ينظر الى القلب المنسحق المتواضع، الذي يعرف ان يسمع صوت الله ويطيع ويخضع لمشيئته. ما احوجنا في هذه الايام المضطربة، بان نصعد الى "جبل الرب" بعيدا عن ضوضاء العالم، والفوضى التي تحيط بنا بل والخطية ايضا، لكي نكون بخلوة مقدسة مع الرب وحده، نسمع صوته هو وحده، ونكون على استعداد تام للطاعة التامة له، وبان نقدم كل غالي في حياتنا، وكل اسحاق روحي وكل بركة على المذبح الالهي، لكي ندرك بالروح ملء الشركة المقدسة مع الرب، ونفهم ان من قدَّم لابراهيم الكبش بدلًا من اسحاق، قدم لنا ابنه الوحيد المبارك يسوع المسيح، لكي يأخذ خطايانا في جسده على الصليب، غافرا لنا وواهب الحياة الابدية.

كيف لنا ان نعيش هذه البركات الروحية، ان لم نصعد بالروح الى جبل الجلجثة، ونتأمل بالمصلوب الذي اتم عمل الفداء لنا جميعًا؟

سأل الملك داود الرب في المزمور 15 هذا السؤال:
"يا رب، من ينزل في مسكنك؟ من يسكن في جبل قدسك؟"
كانت الاجابة بروح النبوة ان السالك بالكمال، والعامل الحق، والمتكلم بالصدق في قلبه، الذي لا يَشي بلسانه، ولا يصنع شرًّا بصاحبه، ولا يحمل تعييرًا على قريبه، والرذيل محتقر في عينيه، ويُكرم خائفي الرب، يحلف للضرر ولا يُغير، فضته لا يعطيها بالرِّبا، ولا يأخذ الرشوة على البريء، الذي يصنع هذا لا يتزعزع الى الدهر.

وفي المزمور 25 يسأل داود مرة اخرى:
"من يصعد الى جبل الرب؟ ومن يقوم في موضع قُدسه؟" الطاهر اليدين، والنقي القلب، الذي لم يحمل نفسه الى الباطل، ولا حلف كذبًا، يحمل بركةً من عند الرب، وبِرًّا من اله خلاصه. هل من الممكن ان نأتي بل ونسكن في جبل صهيون، اذا كنا ما زلنا نكذب ونسرق ونغش ونحمل التعيير على الآخرين، ونقبل الرشوة والباطل، ونقول اننا نسكن جبل صهيون المقدس، ونُقيم في اورشليم السماوية؟ هل بالفعل قمنا وجلسنا مع الرب في السماويات، ونطلب ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله القدوس؟

أخذ مرة يسوع معه بطرس ويعقوب ويوحنا، وصعد بهم الى جبل عالٍ منفردين، وتغيرت هيئته قدامهم، واضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور.

واذا موسى وايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه، عندها اراد بطرس ان يمكث هناك، واراد صنع ثلالث مظال، ليسوع وموسى وايليا، وفيما هو يتكلم اذا سحابة نيرة ظللتهم، وصوت من السحابة قائلا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، له اسمعوا".

في هذه الايام الصعبة الغريبة، لنصعد اخوتي كل يوم الى "جبل الرب المقدس"، وندخل حضرته المباركة، لكي نرى يسوع المسيح بكل جلاله وبهائه وقدرته ومجده ومحبته لنا جميعا، ولكي نختبر عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، لكي نرى ليس فقط موسى وايليا، بل نرى تتميم عمل الناموس والانبياء من خلال نعمة يسوع المسيح في حياتنا، عندها سوف نراه وحده مكللًا بالمجد والعظمة عن يمين الآب القدوس، ليس على جبل التجلي بل في هيكل قدسه، عندها سوف نقول جميعا: جيدا ان نكون معك ايها الرب الإله الى ابد الآبدين...

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا