هل صُلبَ المسيحُ أم شُبّه بهِ؟

وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن
01 فبراير 2021 - 10:12 بتوقيت القدس

القرآن يناقض الإنجيل في موضوع صلب المسيح، الأناجيل الأربعة تشرح بالتفاصيل الدقيقة حادثة الصلب ابتداء من تنبوء السيد المسيح بحدوثها قبل وقوعها وتكرر الحديث عنها عدة مرات مع تلاميذه، ثم تفاصيل إلقاء القبض عليه ومحاكمته ثم صلبه وموته وقيامته. والعقيدة المسيحية تأسست على حقيقة الصلب والنتائج المترتبة عليها من خلاص البشرية ومصالحتهم مع الله. بينما أورد القرآن آية يتيمة منفردة لم تتكرر، تنكر صلب وموت السيد المسيح نهائيا.

يقول القرآن عن اليهود: "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًاَ بل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" سورة النساء 157.

عند دراسة هذه الآية القرآنية وتحليل كلماتها ومعانيها نجد فيها أخطاء عديدة تدل بشكل قاطع على عدم مصداقية الكلام الذي فيها.

- الآية لم يتم التأكيد عليها مرة أخرى بالرغم من اهمية الحدث والإنكار المتعمد له، بينما
في سور القرآن وردت آيات كثيرة تكررت ولا اهمية تاريخية لها.

- هذه الآية  تنكر صلب وموت المسيح، بينما وردت في القرآن آيات غيرها تشير الى
موت المسيح ومنها:
1. "وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ" مريم 33.
2. "اذ قال الله يا عيسى اني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا". آل عمران 55
التناقض موجود بين آيات القرآن نفسه في موضوع موت او وفاة السيد المسيح. فمن نصدق؟ مفسروا القرآن يتلاعبون  بالألفاظ والكلمات فيفسر بعضهم الوفاة انها ليست الموت لتلافي الأحراج في تناقض الآيات مع الآية 157 من سورة النساء. بينما  التصريح بالموت واضح في الآية المذكورة.

اما الأخطاء اللغوية في الاية 157 التي تكذب نفسها بنفسها في صحة الإدعاء بعدم الصلب والموت فهي:
1- اليهود لا يعترفون أن المسيح نبي او رسول من الله، فكيف يقولون حسب الآية (إنا قتلنا المسيح عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ)، هل يسمّون المسيح [رسول الله] وهم لا يعترفون به رسولا ولا نبيا بل شخصا مضلا وساحرا ومجدفا يعمل ضد دولة اسرائيل؟ يمكننا تشبيه هذه الآية الغريبة كقول الفلسطينيين: (انا حررنا اسرائيل من اليهود)!! هم اصلا لا يعترفون بوجود اسرائيل، فكيف يقولون انهم حرروها؟!

2- الاية رغم أهميتها في نكران الصلب، تقول ان الله القى شبه المسيح على شخص مجهول لم يحدد القرآن شخصيته ولا اسمه. وهذا يُضعف من اهمية ذكر نكران الواقعة بلا دليل ولا تاريخ ومن غير شاهد ولا اسم للمصلوب الشبيه ليعزز مصداقية الكلام.

3- الاية تقول: (ما قتلوه وما صلبوه) ويقال ان القرآن يجسد بلاغة اللغة العربية وفصاحتها. فهل من البلاغة والفصاحة في ذكر التسلسل للحدث معكوسا؟ أي ان تذكر الآية حدوث الموت قبل الصلب، ام يحدث الموت نتيجة لاحقة لعملية الصلب. والصحيح في البلاغة اللغوية ان يقال في الآية (وما صلبوه وما قتلوه) وليس العكس؟

4- الآية 157 تتهم اليهود أنهم قالوا بأعترافهم الصريح: (إنا قتلنا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) وهذا خطأ آخر في هذه الآية، لأن اليهود وشوا بالمسيح عند الحاكم الروماني، والصقوا به كذبا و زورا تهمة الكفر والتجديف على الله، والرومان هم من نفذوا الصلب والقتل به، وليس اليهود هم من قتل المسيح . فالاية في لغتها وخبرها وصياغتها خطأ.  

اخطاء كثيرة وردت بهذه الاية تثبت عدم مصداقية إنكار الصلب والموت وضعف الخبر
لنقص الآية من اي دليل او شاهد يؤيدها، حتى الاخطاء اللغوية في الآية وسوء
صياغتها تثبت عدم مصداقية ما جاء بها من خبر.

حادثة الصلب والموت كما وصفها كتاب الأناجيل الأربعة ومنهم من كان شاهد عيان واقفا تحت الصليب يشاهد كل الأحداث مع مريم ام المسيح، وصفت بكل دقة كل تفاصيل الحدث، بالتواريخ واسماء الشهود الحاضرين، ومن قام بالمحاكمات وفي اي مكان ومدينة، وحددت الأناجيل مكان الصلب انه خارج مدينة اورشليم وفوق جبل الجلجثة، و ذكروا اللصين الذين صلبا مع المسيح، وما هي آخر اقوال السيد المسيح على الصليب قبل موته. وأين دفن ومن قام بالدفن ومن وضع الحنوط والأطياب على الجثة.

كل هذه الأدلة انكرت والغيت حادثة الصلب التاريخية بسطر واحد من آية يتيمة بالقرآن جاءت بلا دليل بعد أكثر من ستمائة عام من حادثة الصلب التي شاهدها الاف الناس، وارخّها عشرات المؤرخين المشهورين وثنيين ويهود. فهل نصدق خبرا منفردا كتب بآية مليئة بالأخطاء جاء بعد ستمائة عام بإنكار الحدث، أم نصدق شهود العيان الذين عايشوا الحدث لحظة بلحظة وكتبوا لكل العالم ما شهدوه، وقدموا حياتهم شهداء بسبب إيمانهم بالمسيح وحقيقة صلبه ومشاهدتهم لقيامته بعد الموت بثلاثة أيام وتناوله الطعام معهم بعد قيامته من الموت؟

ان موضوع القتل والموت للسيد المسيح من قبل اليهود تم الإشارة له بشكل غير مباشر في بعض الآيات القرآنية. ففي سورة البقرة 87 "ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده
بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم، ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون".

يذكر كاتب القرآن اسم موسى اولا ثم عيسى، ويقول فريقا كذبتم اي (موسى) وفريقا تقتلون. فمن هو المقصود بالقتل هنا غير عيسى؟ هذه الآية تكذب ما ورد بالآية 157.

لِمن لا يعرف صفات المسيح التي وردت بالقرآن نقول له: انه الغلام الزكي الذي بشّر بالحبل به لامّه مريم هو ملاك أرسله رب العالمين، وهو كلمة الله المؤيد بالروح القدس التي هي روح الله. وقد ولد من فتاة عذراء لم يمسسها بشر قط وقد اصطفاها الله على نساء العالمين، وهو المولود الوحيد بين البشر الذي لم ينخسه الشيطان بعد ولادته بشهادة نبي الإسلام. وهو الذبح العظيم الذي رمز له اسحاق بن ابراهيم. المسيح وحده منحه الله القدرة على عمل معجزات لا يعملها إلا الله وحده، فهو الخلق وهو غافر الخطايا، وعالم الغيب وما يدخر الناس في بيوتهم وما يفكرون به في عقولهم، وهو الطبيب الشافي لكل الأمراض المستعصية، وطارد الشياطين والأرواح النجسة، وهو نور العالم ومانح الحياة ومقيم الموتى والمتحكم بالروح. فمن يكون المسيح بن مريم يا أصحاب العقول المفكرة غير الله المتجسد بهيئة إنسان على الأرض؟

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا