أجرى موقع لينغا لقاءً مع الدكتور منذر اسحق مدير مؤتمر المسيح أمام الحاجز والذي تقيمه كلية بيت لحم للكتاب المقدس للمرة الثالثة. وسيقام المؤتمر في فندق قصر جاسر في بيت لحم في 10-14 آذار 2014 ويتوقع أن يحضره نحو ست مئة شخص. ومحاولة منا لفهم فكرة المؤتمر ومضمونه، قمنا بتوجيه بعض الأسئلة إلى الدكتور منذر.
ما هو المؤتمر "المسيح أمام الحاجز"؟ وما الفكرة من ورائه؟
مؤتمر المسيح أمام الحاجز هو مؤتمر مسيحي إنجيلي يهدف إلى حشد قادة إنجيليين من البلاد وخارجها لمناقشة الأمور المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من منظور كتابي إنجيلي. والفكرة من وراء المؤتمر هي الإجابة عن الأسئلة: "لو وقف المسيح أمام الحاجز العسكري اليوم، ماذا كان سيفعل أو سيقول؟ ما هي رسالته للفلسطيني الذي يقف على الحاجز وللإسرائيلي الذي يقف أمامه؟" بكلمات أخرى ما هي رسالة الكنيسة اليوم للتحديات التي يمر بها شعبنا.
في الوقت ذاته وعلى مر السنين لاحظنا أن لدى الكثير من الإنجيليين في خارج البلاد نظرة سلبية عن الصراع وعن الشعب الفلسطيني، وينظرون إلى أرضنا من منظور النبوات فقط، ويتخذون مواقف سياسية تؤثر على واقعنا اليومي رغم أنهم في الكثير من الأحيان ليس لديهم دراية أو فهمًا لما يحصل في البلاد. أتحدث هنا بشكل خاص عن ما يُعرف بالمسيحية الصهيونية وأيضاً عن الكثير من الإنجيليين الذين يملكون مواقف مسبقة عن إسرائيل. لذا يهدف المؤتمر إلى تعريفهم بالواقع وإلى دعوتهم لمناقشة القضايا اللاهوتية في جو يسوده الاحترام المتبادل.
ماذا تتمنى الكلية أن تحقق بواسطة هذا المؤتمر؟
إرساليتنا لهذا العام هي أن نحث الإنجيليين في البلاد وفي العالم لأخذ المسؤولية في طاعة وصية المسيح "طوبى لصانعي السلام". رؤيتنا أن نرى الكنيسة تأخذ دورها في صنع السلام عن طريق أخذ مواقف تساهم في التقريب بين الطرفين بدلاً من الانحياز إلى طرف دون الآخر. كما ويهدف المؤتمر إلى تشجيع الحضور على العمل من أجل العدالة ومواجهة الظلم بطرق ترضي الله. سنركز في هذا العام على مفهوم ملكوت السماوات وتداعيات حلوله بيننا من خلال خدمة المسيح. ونريد أيضًا أن نحفز الحاضرين على أخذ تعاليم المسيح بجدية، خاصةً في ما يتعلق بتعاليمه عن المغفرة ومحبة القريب والعدو وعلاقة ذلك بواقعنا اليومي.
مَن أبرز ضيوف المؤتمر في هذا العام؟
سيكون معنا في هذا العام نخبة من القادة ومعلمي الكتاب المقدس واللاهوتيين المعروفين من عدة أماكن في العالم. ونذكر منهم رئيس المجمع الإنجيلي العالمي (World Evangelical Alliance) جيف تونكليف، ومعلم الكتاب المقدس والكاتب المعروف كريس رايت، والقس الأمريكي المعروف بوب روبرتس. ومن الأمور المميزة في هذا العام وجود متكلمين من دول ومناطق متنوعة مثل البلقان وغانا وكوستاريكا والهند وجنوب أفريقيا. هذا بالطبع إضافة إلى القادة الإنجيليين المحليين.
في المؤتمر الماضي كان هناك وجود للإخوة المسيانيين (يهود مؤمنين بالمسيح) هل سيتكرر الأمر في هذا المؤتمر كذلك؟
نعم سيتكرر الأمر في هذا العام إذ أننا نؤمن أننا واحد في المسيح رغم وجود بعض الاختلافات اللاهوتية والسياسية. رسالتنا هي ضرورة الشركة والحوار والتعرف على الآخر وعدم التهرب من مناقشة الاختلافات في جو يسوده الاحترام والمحبة. وسيجري في هذا العام نقاش لاهوتي مطوّل حول علاقة إسرائيل بالكنيسة في العهد الجديد بمشاركة أحد الإخوة المسيانيين. كما وستكون هناك ورشة عمل حول موضوع المصالحة.
هذا المؤتمر الثالث الذي تقيمه الكلية، ولاحظنا أن الحضور كان مميزًا في المؤتمر الثاني مما يدل على نجاح المؤتمر، ما سبب استمرار المؤتمر ونجاحه بحسب رأيك؟
أولاً نعمة الله علينا كانت واضحة وصلوات الكثيرين من الإخوة حول العالم دعمتنا وما زالت مصدر قوة لنا في هذه الأوقات. وهناك اهتمام كبير جدًا في المؤتمر حول العالم. وأعتقد أن سبب النجاح هو أنه توفرت لأول مرة للعالم الإنجيلي مساحة ملائمة لمناقشة واحد من أكثر النزاعات شدة في العصر الحديث وأكثرها تعقيدًا. إن تركيز المؤتمر على المصالحة ومحبة العدو والغفران ساهم أيضًا في نشر رسالة إيجابية. كما ونلاحظ مؤخرًا أن العالم عامةً بات أكثر قناعة بأن الوقت حان لإنصاف الفلسطينيين ووقف الظلم وإنهاء الاحتلال.
هل للمؤتمر إذًا رسالة سياسية؟
المؤتمر هو مؤتمر مسيحي روحي في الدرجة الأولى، لكن دون شك سيتطرق المؤتمر في بعض الأحيان إلى بعض الأمور المتعلقة بالسياسة والتي لها تأثير على الحياة اليومية. ولكن كل هذا من خلال منظور كتابي. هدفنا ليس أن نعطي حلولًا سياسية أو أن ندعو إلى أن تأخذ الكنيسة مكان الحاكم، ولكننا نؤمن أن الكنيسة هي ضمير المجتمع والصوت النبوي فيه. يجب أن تشمل رسالة الكنيسة جميع نواحي الحياة بما فيها السياسية ولكن دون الخلط بين الدين والدولة. على سبيل المثال، لا ندعو في المؤتمر إلى حل دولة واحدة أو دولتين بل نتحدى الظلم الذي نراه أمامنا، فنحن نعطي مبادئ وقيم كتابية ورسالتنا للحاكم هي أن ينتبه إلى هذه المبادئ والقيم. ومثال آخر، عندما نرى توزيعًا غير عادل للمياه بين القروي الفلسطيني والمستوطن الإسرائيلي رغم أن مصدر المياه واحد، علينا أن نتحدّى هذا الظلم، وعندما نرى أن قوانين لم شمل العائلة تختلف بين شعب وآخر (باسم الدين والكتاب المقدس) علينا أن نتحدى هذا الظلم كذلك وأن ندعو إلى المساواة إيمانًا منّا بإله العدل.
ولكن يفهم البعض من شعار المؤتمر أنه يهاجم دولة إسرائيل، فما تعليقك على ذلك؟
لا يدعو المؤتمر أبدًا إلى زوال دولة إسرائيل أو إلى كراهية الشعب اليهودي. نحن نتحدى سياسات معينة تمارسها إسرائيل فيها ظلم لا يمكن إنكاره. دعوتنا إلى إنهاء الاحتلال هي ليست معاداة لإسرائيل بل مبنية على إيماننا أن الإنسان مخلوق على صورة الله وأن الاحتلال يشوه صورة الله في من يمارس الاحتلال وفي من يعاني منه. نقولها من جديد، شعار المؤتمر مبني على الفكرة أنه لو وقف المسيح أمام الحاجز اليوم ماذا كان سيقول! اخترنا الحاجز والجدار كونهما رمزين لواقع النزاع، وكل من يعيش في بيت لحم لا يمكن أن يتجنب هذه الصورة. في الوقت نفسه لن يركز المؤتمر على ظلم إسرائيل فحسب، بل سنعالج التطرف الديني عامةً بما فيه الإسلامي وستكون هناك شهادات من مصر وغزة إضافة إلى وجود عدة محاضرات عن التطرف الديني.