أعلن فريق من علماء الآثار في جامعة حيفا عن اكتشاف أثري فريد من نوعه في مدينة هِبّوس القديمة قرب بحر الجليل، يُعتقد أنه يمثل أقدم دار رعاية للمسنين في التاريخ المسيحي، ويعود إلى الفترة البيزنطية قبل نحو 1600 عام. هذا الاكتشاف يلقي الضوء على جانب مهم من الحياة المسيحية المبكرة، حيث لم تقتصر رسالة الكنيسة على العبادة والطقوس، بل امتدت لتشمل خدمة الفقراء والمرضى والمسنين، تعبيرًا عن روح الإنجيل.
التنقيبات كشفت عن مبنى ضخم مزين بفسيفساء مميزة عند المدخل، تحمل عبارة باللغة اليونانية الكوينية تقول: "سلام مع الشيوخ". إلى جانب ذلك، ظهرت رموز مسيحية تشير إلى الرجاء في الحياة الأبدية. هذه الكتابات والرموز تبرز البعد الروحي لهذا المكان، وتؤكد أنه لم يكن مجرد منشأة سكنية، بل بيتًا يجمع بين الرعاية الجسدية والدعم الروحي لكبار السن الذين عاشوا فيه.
الباحثون أوضحوا أن هذا المركز لم يكن منفصلًا عن الكنيسة، بل كان جزءًا من النسيج الاجتماعي والديني للمدينة. فقد عاش فيه الرهبان إلى جانب المسنين، مقدمين لهم العناية اليومية، ومرافقين إياهم بالصلاة والقداس. وهذا يكشف عن طبيعة الرؤية المسيحية في تلك الحقبة، حيث كانت الخدمة الاجتماعية امتدادًا طبيعيًا للإيمان.
هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لفهم تاريخ العمل الكنسي والاجتماعي، ويبرهن أن الكنيسة منذ نشأتها الأولى كانت تسعى لتجسيد وصية المسيح: "كنت مريضًا فزرتموني". وهو أيضًا تذكير لنا اليوم بأهمية الاهتمام بالمسنين، لا باعتبارهم عبئًا، بل ككنز من الخبرة والحكمة.
الخبر لقي صدى واسعًا في الأوساط المسيحية والأكاديمية، حيث اعتُبر شهادة على الدور الإنساني الذي اضطلعت به الكنيسة منذ بداياتها. كما يعكس أن الرسالة المسيحية لم تنحصر في الوعظ، بل تحولت إلى ممارسة عملية للرحمة والمحبة في المجتمع.