وجد المسيحيون في سوريا أنفسهم أمام معضلة اخلاقية، من جهة، يشعر الكثيرون منهم بالمسئولية في دعم الثورة السورية والاطاحة بالحكم الدكتاتوري المستبد، ومن جهة اخرى قلقون من دعم الاحتجاجات التي يمكن ان تكون مدخلا لسيطرة التطرف الاسلامي على بلادهم. فبالرغم من وجود الرئيس الاسد بالحكم منذ سنة 2000، الا ان حُكمه يعتبر علمانيا بحسب الخبراء، وسوريا تعتبر ملاذا للاقليات الدينية في الشرق الاوسط.
وندد البطريرك يوسف اغناطيوس بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية بتدخل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في دعم الثورة، واتهمهم بالتضحية بالمسيحيين من اجل تحقيق مكاسب سياسية.
وقال ان المسيحيين في سوريا امام موقف حرج، لانهم ملتزمون اخلاقيا بدعم الثورة السورية، ولكن اذا سقط الاسد، يمكن ان تتحول سوريا الى منطقة صراع طائفي، الامر الذي يمكن ان يدمر البلاد. وعندها ستستهدف الحركات الاسلامية المتطرفة الشعب المسيحي كما حصل في مصر والعراق.
وقال ريان ماورو وهو محلل ومستشار حول الاسلام الريديكالي في شبكة العمل المسيحية "اذا دعم المسيحيون الرئيس الاسد وسقط الاخير في هذه المعركة، فان المسيحيين سيكونون هدفا للانتقام، وهو الامر الذي جعل المسيحيين يصمتون طول هذه المدة لانهم لا يعرفون ماذا يفعلون".
وقال جويندولين كاتس الذي اخرج فيلما وثائقيا حول الاقليات الدينية في العراق، ان سوريا هي آخر دوله علمانية متبقية في الشرق الاوسط، التي بقيت ابوابها مفتوحه من اجل حماية الاقليات الدينية في المنطقة بالرغم من نظامها القمعي. وقال انه استطاع الاجتماع مع العديد من المسيحيين في سوريا الهاربين من العراق، وبالرغم من العراقيل المعيشية امامهم الا انهم لا يخشون على حياتهم بسبب دينهم.
وقال كاتس، ان الناس في سوريا يعيشون في جو من التسامح بينهم والشعب فخور في هذا الحال، ففي البلاد يوجد مسلمون ويهود ومسيحيون ولا يوجد بينهم نزاعات، ويمكنك التجول في الشوارع بأمان وانت تسمع رنين الاجراس من الكنائس القريبة من المساجد.
وقال ديفيد وود المتخصص في الاسلام الريديكالي، ان الاسلام المتشدد نادرا ما هاجم المسيحيين في سوريا لارتعابهم من نظام الاسد الشديد. وكثيرون يُشبّهون سوريا بالعراق ونظام الاسد بنظام صدام. فعندما تم الاطاحة بنظام صدام سنة 2003 ارتفع العنف الطائفي في العراق، وكانت هجمات متعددة ضد الاقليات الدينية وخاصة المسيحية، وبحسب الدراسات الحديثة التي اجراها الفريق الدولي لحقوق الاقليات، فقد بقي اليوم في العراق بين 500 – 800 الف مسيحي فقط بينما كان عددهم 1.4 مليون مسيحي سنة 2003.
وقالت مصادر متعددة متوترة من التغييرات في الشرق الاوسط، ان الحكومة الامريكية دعمت الحركات المؤيدة للديموقراطية تحت شعار الربيع العربي، ولكن ادارة باراك اوباما لا تتخذ الاجراءات اللازمة في قضية العنف ضد المسيحيين بعد سقوط الانظمة.
صورة من داخل كنيسة الرسول بولس في دمشق
يذكر ان دمشق كانت من المناطق الاولى التي انتشرت اليها الديانة المسيحية، ويذكر الكتاب المقدس زيارة بولس الرسول لها. وتعتبر المسيحية عنصرا مهما في تكوين تاريخ سوريا.