ولاءً وإخلاصًا أطوفُ مُعيِّدا * لِمَنْ مات مصلوبًا وقامَ مُمَجَّدا
كما انتشرتْ بشرى القيامة في الدّنى * وتُرجِمَ إنجيلُ الحياةِ مؤيِّدا
فكمْ مِن رسولٍ طاف في الأرض زاهدًا * شهيدًا لربّ المجد ما هَمّهُ الرّدى
وفي القلب يَنبوعُ الخلاصِ أعَدَّهُ * بشيرون ما بعد القيامةِ مَورِدا
لهُ العيدُ وهْوَ العيدُ للخَلقِ كلِّهِ * ولا مجدَ إلاّ مَجْدَهُ كي يُخَلَّدا
نعَمْ قامَ حقّا قام ربُّ خلاصِهِ * يسوعُ المسيحُ الحيّ رُوحًا ومشهَدا
تجلّى لأعداد من الناس كلِّها * ومن سائر الأعراق لا عِرق أوحدا
لنِسْوتِهِمْ والمجدليّةُ أوّلاً * أتَينَ يُطيّبْن الذبيحَ المُمَدّدا
لقد ظُنّ ربُّ المجد لا زال راقدًا * كما ظُنّ بالقبر المقدّس مُوصَدا
وقد بات مختومًا وحُرّاسُهُ بَدَوا * من الخوف مَوتى حين ساد فأرعَدا
لأنّ ملاك الربّ جاءَ لفتحِهِ * بقوّة زلزالٍ وبَرقٍ على المدى
فما حَجَرٌ يبقى هو القبرُ فارغٌ * سوى الكفن المتروك فيهِ مُنضَّدا
هنا سَمِعَتْ صوتًا يخاطِبُ بٱسمها * لتُدرِكَ أنّ الرّبّ حيٌّ فتسجُدا
لأنّ خروف الربّ يعرِفُ صوتهُ * ولا شكّ في لُطفٍ عليهِ تعوَّدا
فقال لها لا تلمِسِيني لأنني * سأبقى فما آن الأوانُ لأصعَدا
وهُبّي إلى حيث التلاميذُ إنّهُمْ * يَرَون المَسِيّا في الجليل مُجَدَّدا
تجلّى لهُمْ في قلب عِلِّيّةٍ وإنْ * مُغَلَّقة أبوابُها حينما بدا 1
ولاثنين في عِمْواسَ أظهَرَ مجدَهُ * وبُطرُسَ ما شاء الكتابُ ليَشهَدا
فبولسُ أحصى خمسَمائة مؤمنٍ * هُمُ دَفعةٌ مِمّن رأوهُ وأزيَدا 2
وما زال حتى اليوم يَظهَرُ للورى * بحُلمٍ وفِعْلٍ فليُعيِّدْ مَن ٱهتدى
بلى مَعَنا طول الطريق ولم يَغِبْ * ويأتي سريعًا رُبّما اليومَ أو غدا
¤ ¤
هنيئًا على الإيمان من دون أن ترى * وتلمِسَ يا توما الزمان وتنقُدا
إذا جاشَ شكٌّ فيهِ وهو مصدِّقٌ * هنيئًا لـتوما إذ رأى وتأكّدا
فقد جاءهُ الرّبّ الوديعُ بشخصِهِ * ومَنْ طلبَ الربّ ٱستجابَ وأنجَدا
بآثارِ أوجاع الصّليب مُخيِّبًا * شُكوكًا فما غطّى الجُروحَ وضَمَّدا
وقال تعالَ ٱلمِسْ بنفسِكَ واثقًا * لتؤمِن حتّى آمَن الجَمْعُ سُجَّدا
فمَنْ شاء فليُقبلْ إلى الربّ باسطًا * ذراعيهِ مشتاقًا لأنْ يتعمّدا
فلولا تباشِيرُ القيامة لمْ تقُمْ * مسيحيّةٌ يومًا ولا طيرُها شدا
ولا كُتِبَ الإنجيلُ وهْوَ بشارةٌ * بها لخلاص الناس جَمْعًا ومُفرَدا
ولا أرسَلَ اللهُ الملاكَ لمريمٍ * يبشّرُها إلاّ لكي يتجسّدا
بشخص المسيح الحيّ والله عالِمٌ * بتدبير ما أوحى به وتعهّدا
¤ ¤
ليَفقهْ فلولُ الجاهليّة ديننا * ومعنى الصّليب الواضحَ المتوطِّدا
لقد صُلِبَ الناسوتُ والصّلبُ لازمٌ * ولم يُصلَبِ اللاهوتُ حاشا الذي فَدى
بسَفك دم المصلوب تمّ فِداؤهُ * فأكمَلَ مشروعَ الخلاص الذي ٱبتدا
وسُجِّلتِ الأحداثُ في وقتِ صَلبهِ * كما حَدَثتْ مَن ذا يشكّ مُفنِّدا؟
وللعِلم حتّى الأرضُ أظلمَ وجهُها * لأنّ كُسُوف الشمس قد حلّ أسْوَدا 3
فمَن دوّنوا الإنجيل كانوا ثِقاتَهُ * ومَن دوّنوا التاريخ ما وضعوا السُّدى
وهل مريمُ العذراءُ لا تعرفُ ٱبنها * أيُخطئُ قلبُ الأمّ إبنًا ومَولِدا؟
أما بات يوحنّا ٱبنها وهو شاهدٌ * عِيانًا وبالرؤيا ٱنتهى وتفرَّدا؟
فمَنْ قالَ "لمْ يُصلَبْ" فأيّةُ حُجّةٍ * لديهِ؟ ولكنْ للعداوة مَهَّدا
¤ ¤
ليَفهَمْ فلولُ الجاهليّة أنّهُمْ * رِعاعٌ فما يُخشى جَهُولٌ توعَّدا
لقد غاظهُمْ صَلبُ المسيح ودِينُهُ * فأضحَوا ليَنبوع المَحبّة حُسَّدا
وفاءً لدِين اللات والدينُ عندهُمْ * شِعارُ اعتداءٍ إنّما اللاتُ ما ٱعتدى
صعاليكُ لا هَمٌّ ولا عَمَلٌ لهُمْ * سوى الغزو والتخريب ما قصَّروا يدا
وأكلِ ثِمار الغير غدرًا وخِسّة * ونبشِ قبورٍ صوتُها ما لهُ صدى
فمنْ شاء بٱسم الله يزنِ بطفلةٍ * ومَنْ شاء يسرُقْ والضميرُ تجمَّدا
ومَنْ شاء بٱسم الله يَسْبِ ويَغتصِبْ * ويقتُلْ ويَحتلَّ الحَرامَ تعمُّدا
ويُشركْ شياطين الدُّنى بفِعالِهِ * ويسجُدْ ويَخشَعْ في الصلاة مُوَحِّدا
هُمُ أنجسُ الأقوام في نظري أنا * وأجْبَنُهُمْ طُرًّا غُلامًا وسَيّدا
عرفتُ أساليبَ العُلوج مُجَرَّبًا * عرفتُكَ يا دِينَ الصّعاليك جَيِّدا
لقد أصبح ٱسمُ الله في الفم لُقمةً * وحاشا ٱسمَهُ القُدّوسَ إلاّ ليُحمَدا
فما الله في الوجدان إلاّ محبّة * إذًا مستحقٌّ أنْ يُحَبَّ ويُعبَدا
¤ ¤ ¤
- تمّ بعون الرب نظم القصيدة في مناسبة حلول أسبوع الآلام المقدّس\ نيسان-أبريل 2014 مستوحاة من أحداث الصلب والقيامة بحسب الإنجيل، على وزن بحر الطويل.
1. مغلّقة، بتشديد اللام، بأدوات الغلق ولم تكن مغلقة غلقًا عاديًّا فحسب، خوفًا من اليهود (يوحنّا 20: 19 و26 ) لاحتمالية قيامهم بمطاردة تلاميذ المسيح بعد صلبه وموته ولم يكن الروح القدس حينئذ حالاّ على التلاميذ
2. أزيَدَ: معطوف بواو العطف على خمسمائة المنصوبة وليس على دفعة المرفوعة؛ إشارة إلى كورنثوس الأولى 6:15
3. لم يُذكَرْ كسوفُ الشمس الذي حدث في أعقاب الصلب حرفيًّا في الإنجيل لكن بالمعنى، في متّى 45:27 ومرقس 33:15 ولوقا 44:23 عِلمًا أن أنبياء العهد القديم قد تنبّأوا بهذه الظلمة