مقارنة بين المسيحية والإسلام

المسيحية ليست دين شرائع وأنظمة اجتماعية، السيد المسيح لم يؤسس دولة ولم يحدد مواعيد وأوقات الصلات او الصيام. الإسلام هو نظام ديني سياسي يمزج بين الدين والسياسة..
27 ابريل 2022 - 08:51 بتوقيت القدس
مقارنة بين المسيحية والإسلام

في نطاق مقارنة الأديان نتطرق الى المقارنة بين المسحية والإسلام من التعاليم ووصايا الكتب المقدسة وتعاليم السيد المسيح ونبي الإسلام محمد لأتباعهم.

المسيحية 

المسيحية ليست دين شرائع وأنظمة اجتماعية، السيد المسيح لم يؤسس دولة ولم يعرض على اتباعه صلوات معينة غير الصلاة الربانية القصيرة، ولم يحدد مواعيد وأوقات الصلات او الصيام. 

السيد المسيح لم يحدد لأتباعه ماذا يلبسون وماذا يأكلون او يشربون، فهذه امور خاصة متروكة للناس. لم يضع قوانين للإرث ولم يحدد حصة ميراث المراءة مقارنة بحصة الرجل من الميراث. ولم يحدد او يفرض اي نوع من العقوبات على اي نوع من الجرائم او الأخطاء التي يرتكبها البشر سواء كان ذلك بحق انفسهم او غيرهم. 

تعاليم السيد المسيح تقتصر على الأمور الروحانية والأخلاقية والمبادئ الإنسانية وليست تعاليم امور مادية. تعاليمه هي مجموعة اخلاق ومثل عليا في التعامل الإنساني بين البشر. كان المسيح رجل سلام يدعو الى المحبة والتسامح، لم يحمل سيفا يوما ولم يقتل انسانا. ان عمل الناس بتعاليمه ساد الخير والسلام في العالم. جاء من السماء لأنقاذ البشرية وخلاصها بفداء نفسه عن كل الناس الخطاة. ليفتح ابواب ملكوت الله امام التائبين والمؤمنين. موعظته على الجبل هي دستور عظيم في الأخلاق السامية قال: 

 إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ".

اوصى الرجال قائلا: "إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ." 

"مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي."

سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ.

وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا.

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا.

وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.

مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.

 "أحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ"

لقد اسس المسيح تعاليمه كلها على فضيلة واحدة وهي المحبة. قال احبوا بعضكم بعضا. 

المحبة والتسامح هي اساس كل العلاقات الإنسانية بين الناس وهي مصدر كل الفضائل.

لم يقرر المسيح للناس نظاما مدنيا او سياسيا او اجتماعيا ، لكن الأمم المتحدة اقرت ميثاق حقوق الإنسان وعلاقات إنسانية متوازنة مبنية كلها على تعاليم السيد المسيح لإقرار السلام والتعاون بين شعوب العالم واحترام حقوق الإنسان رجلا كان ام أمرأة ام طفلا. ومنع المتاجرة بالبشر وتحريم العبودية. وبذلك استطاعت الشعوب التي تدين اغلبية سكانها بالمسيحية أن تتطور سياسيا واجتماعيا وثقافيا وعلميا مستندة على وصية السيد المسيح " اعطوا لقيصر ما لقيصر، واعطوا لله ما لله ". وبناء على ذلك فقد قررت برلمانات الدول المتحضرة والديمقراطية فصل الدين عن السياسة، من يريد ان يعبد الله ويمارس طقوس دينه فله كل الحرية في ذلك قي بيته او دور العبادة فرادا او جماعة. ومن يريد ممارسة السياسة، فالسياسة ليس مكانها دور العبادة. ودساتير البلاد لا تستمد قوانينها من شرائع الدين بل من الحقوق الإنسانية والواجبات المفروضة لبناء الوطن والمجتمع مع مراعاة الأخلاق وقواعد التعامل الإنساني. للدين رجاله وللساسة رجالها ولا امتزاج بينهما في الواجبات.

الإسلام 

الإسلام هو نظام ديني سياسي يمزج بين الدين، (العبادة وفرائضها وشرائعها والمعاملات) وبين السياسة وقيادة المجتمع والدولة وقت السلم والحرب. ساهمت تعاليم الإسلام قرآنا وسنة وأحاديث نبوية في تخلف العالم الإسلامي عن اللحاق بركب الحضارات البشرية، بسبب التمسك بالتراث القديم غير المسموح له ان يتطور مع تطور الزمن والمجتمعات. واستخدام الشريعة التي مر عليها اكثر من الف وخمسمائة سنة في  سن قوانين الزمن الحالي، ورسم دساتير البلاد الإسلامية. الا ان التطور يفرض نفسه على الشريعة ولهذا نرى ان الكثير مما جاء في شرائع القرآن قد الغي او جمد تطبيقه في الزمن الحالي مثل فرض الجزية على اهل الكتاب من مواطني البلاد الأصليين التي احتلها المسلمون واستوطنوها. كما تم الغاء قتل المشركين والغير مؤمنين باله الإسلام والقرآن بموجب قوانين الأمم المتحدة. وعجز المسلمين من تطبيق آيات القرآن في تنفيذ آيات الغزو والقتل لنشر الإسلام، وتوقف تقريبا  تعدد الزوجات وزواج القاصرات إلا في حالات نادرة وفي الأرياف والقبائل الجاهلة البعيدة عن التحضر.

لا يمكن ان تقدم الأموال للمؤلفة قلوبهم للإيمان بالإسلام. منع الإتجار بالبشر وبيع النساء في اسواق النخاسة. ابطلت شريعة القرآن في حق امتلاك ملك اليمين في الزمن الحالي وامتلاك الإماء والجواري والإستمتاع بنكاحهن. ابطلت شريعة القرآن بحكم العين بالعين والسن بالسن في المحاكم الإسلامية. ابطال عقوبة الجلد وقطع الرقاب والرجم في القوانين في 99% من المحاكم العربية والإسلامية. ابطال عقوبة قطع يد السارق في جميع المحاكم الإسلامية.

لقد شرعت قوانين من وضع الإنسان افضل مما جاء بشرائع الإسلام ولهذا تم ابطال تلك الشرائع والحدود والقوانين في الدول الإسلامية والعربية لأنها لا تتماشى والتحضر والتطور في المجتمعات الحالية. 

هذا فيما يتعلق بشريعة القرآن. اما تعليمات ووصايا نبي الإسلام التي اجتهد في وضعها للمسلمين وطبقت لقرون عديدة، فقد ولى زمنها وابطل تطبيقها تقريبا الآ في الدول القليلة التي يحكمها الإسلام السياسي المتزمت دينيا. كالسعودية والصومال وطالبان / افغانستان.

لقد تدخل نبي الإسلام في كل صغيرة وكبيرة من حياة المسلمين وفرضها سنة عليهم. فقد قرر منذ ما يقارب الف وخمسمائة عام للناس من اتباعه ماذا يأكلون وماذا يشربون وما يلبسون. وحتى كيف يفكرون، لقد امر المسلمين ان يحفوا الشارب ويطيلوا اللحى، ويستخدموا المسواك في تنظيف الاسنان، ونتف شعر الأبط، وأمر المرأة ان لا يظهر منها غير الوجه والكفين. واوصاهم بالتداوي بشرب البان وابوال الأبل، واخبرهم ان جناح الذبابة فيه داء ودواء ولا حرج من شرب الماء الذي سقطت فيه ذبابة لأن فيه الشفاء. وان حبة البركة فيها علاج وشفاء من كل الأمراض. واوصاهم بالحجامة فهي علاج فعال لعدة امراض وامرهم بالرقية الشرعية لعلاج المرضى. 

لقد وضع نبي الإسلام تعليمات لا يجرؤ اي مسلم ان يطعن فيها علنا رغم عدم فائدتها للناس في الزمن الحالي. وضع لهم قوانين ادارة شؤون البلاد في زمن السلم والحرب. وتدخل في الحياة اليومية والعلاقة الخاصة بين الرجل وزوجته حتى في غرف النوم، فأعطى تعليماته بكيفية معاشرة الزوجة ايام الحيض والنفاس، وحدد مدة ارضاع الطفل الصغير، والغى التبني، وحدد عدد الزوجات لكل رجل، ومنح حق امتلاك العبيد وملك اليمين والإماء. وللرجال حق معاشرة ملك اليمين ونكاح الجواري معاشرة الأزواج. كما وضع شريعة ان تنكح المطلقة من رجل غريب ليذوق عسيلتها وتذوق عسيلته إن ارادت العودة الى زوجها السابق الذي طلقها، حفاظا على اطفالها ورباط عائلتها قبل الطلاق وهي من تدفع ثمن خطأ الزوج. كما حدد نبي الإسلام كيف يدخل المسلم المرافق الصحية برجل اليمين او الشمال. وأمر المسلمين أن يتعوذوا من الشيطان ويقراوا البسملة قبل مضاجعة الزوجة، كي لا يشترك الشيطان مع الرجل في مضاجعتها. وعلم المسلمين كيف وبماذا يتمسح المسلم بعد التغوط، وامرهم ان يعيدوا الوضوء والصلاة إن خرجت من المصلّي ريح من دبره اثناء الصلاة. ولا يجوز ان تخرج المرأة من بيتها الا مع زوجها او محرم او بإذنه. كما انه امر ان تُرضع المرأة الرجل الكبير ان ارادت ان يدخل عليها ويصبح محرم لها.

جاء بكتب السيرة والتراث الإسلامي ان نبي الإسلام اوصى بعدم جواز البدء بإلقاء السلام والتحية على الكافر واهل الكتاب. وكيف يدفن الميت على وجهه ام على ظهره.

ليس غريبا أن نرى العالم الغربي يسير بسرعة كبيرة نحو المستقبل والتطور السريع في كافة المجالات العلمية والصناعية والإكتشافات والإبتكارات وغزو الفضاء، واستنباط النظريات العلمية، وارسال معدات الإستكشاف الآلية الجوالة على سطح القمر والمريخ واستكشاف كواكب المجموعة الشمسية وبناء محطات الفضاء والأقمار الصناعية، وتطوير الأدوية واللقاحات ضد الأمراض. لقد سبر العالم الغربي مجاهل الفضاء واغوار البحار والمحيطات وقدم نتائج ابحاثه وابتكاراته العلمية على طبق من فضة للعالم الإسلامي الذي ينتظر ما يخترعه الغرب (الكافر) ليستفيد منه المسلم المؤمن. لقد فتحت ابواب الجامعات العلمية في دول الكفر امام المسلمين لينهلوا من العلوم والمعرفة كما يشاؤون. وفتحت الدول الغربية ابوابها لإستقبال اللاجئين المسلمين ليعيشوا في ربوعها بأمان وسلام وحرية بعد ان هربوا من بلادهم التي تضطهدهم. بينما نرى مئات الملايين من المسلمين في دولهم الإسلامية يقصدون الجامعات والمدارس والحوزات الدينية ليتعلموا فيها علم الكلام والناسخ والمنسوخ وقتل المرتد عن دينه، والحقد على غير المسلمين لأنهم الأعلون، وكيفية غسل اليدين والقدمين قبل الصلاة، وكيف يقف المصلي اثناء الصلاة مكتفا يديه ام يسبلها، لحد الأن لم يتفق المسلمون سنة وشيعة في يوم العيد او الصيام لشهر رمضان، بل يتعمدون ان يختلفوا في رؤية الهلال رغم انهم يعيشوا في مدينة واحدة. 

هذه التدخلات في الحياة اليومية للمسلمين بسبب وصايا وتعليمات نبوية اكل الدهر عليها وشرب هي السبب في تخلف المسلمين علميا وحضاريا واجتماعيا واحتلالهم المراكز المتأخرة في ركب الحضارة العالمية واعتمادهم على الغرب (الكافر) بنظرهم في كل احتياجاتهم الغذائية والصناعية والتسليحية، ولا زالوا يمنعون اختلاط الذكور مع الإناث في المدارس ودور العلم، ولازال في بعض المناطق الريفية لبعض الدول الإسلامية المتخلفة كالصومال واليمن وافغانستان المتزمتة دينيا يشجعون زواج القاصرات وتعدد الزوجات واحتقار المرأة وضربها لتاديبها، كما يقومون برجم الزانية او جلدها علنا.

للتقدم حضاريا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا لابد من تطبيق وصية السيد المسيح بفصل الدين عن السياسة بقوله: ”اعطوا لقيصر ما لقيصر... وأعطوا الله ما لله“. ومنع تدخل رجال الدين والشيوخ بحياة الإنسان في كل الأمور صغيرها وكبيرها. وترك العبادة بين الإنسان وربه. 

هكذا تسير الشعوب نحو التقدم والإزدهار وتتطور حضاريا.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا