إذا الشعب يومًا أراد الحياة

إذا الشعب العربي يومًا اراد الحياة، فلا بد أن يستجيب الإله؛ إذا تواضع الشعب، وقَبِل يد الله الممتدة له من خلال المُخَلِّص يسوع المسيح.
19 ديسمبر 2012 - 18:05 بتوقيت القدس

لقد قال بيت الشعر هذا، الشاعر العظيم أبو الحكم، أبو الطيِّب المتنبي:

إذا الشعب يومًا أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر

لقد صحيت في الفجر، وبيت الشعر هذا يطن في رأسي، وكان هذا من الغريب جدًا؛ حيث أني لم أذكر أني سمعته منذ أكثر من عشرين عامًا !! وشعرت أني أريد أن أكتب خاطرة عنه.

إذا سألت مجموعة من الناس في أي بلد عربي:
"هل يريد شعبك الحياة؟"؛ سيكون جوابه البديهي: “نعم".
لكن إذا سألتهم: “ما هي الحياة التي ترجوها من جهة شعبك؟"؛ ستجدهم يتخبطون في الإجابة على هذا السؤال!!

فالبعض يظن أن الحياة الرغيدة الكريمة تتجسد عندما تسود الشريعة الإسلامية على البلد؛ والبعض ينادي بالديمقراطية، والمساواة والعدالة، وبفصل الدين عن الدولة. وتجد بينهم أيضًا باقة من الآراء المتنوعة الكثيرة عن مفهوم الحياة الفضلى من جهة أي شعب.
فبعض الشعوب، مثل الشعب السوري، يسير في نفق مُظلم لا يعلم أين نهايته. وبعض الشعوب التي ظنت، بعد سقوط أنظمتها، أن النفق انتهى؛ كتونس وليبيا ومصر. لكن سرعان ما اكتشفت أنها تسير في نفق أظلم مما كانت فيه.

والسؤال الهام هنا:
كيف يستطيع أي شعب أن يطلب الحياة، دون أن يعرف ما هي الحياة؟؟

إن الحياة تكمن في محبة الإنسان لله:

إن الله هو حياة الإنسان؛ والله أعطى الإنسان الشعوب إراد حرة ليختاروا؛ فيقول الله لموسى:
" ١٥ اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ،....٢٠ إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ ...”
إذًا وضع الله أمام الإنسان الحياة-الخير؛ الموت-الشر؛ وقال لموسى أن الله نفسه، هو حياته، إذا أحبه من كل قلبه.

فحياة الشعب تكمن في الله؛ وبالتحديد تقول الآية أن حياة الإنسان تكمن في محبته لله.

إن محبة الله تنعكس في محبة الإنسان لأخوه الإنسان:

ربما يقول لك قائل: "إني أحب الله"، فكيف يمتحن الإنسان نفسه، هل يحب الله أم لا؟

الامتحان الحقيقي فيما إذا كان الإنسان يحب الله أم لا، هو محبته لأخوه الإنسان. تلك المحبة هي التي توحد بين البشر؛ كما أوصى الله موسى أيضًا:
" ٣٣ «وَإِذَا نَزَلَ عِنْدَكَ غَرِيبٌ فِي أَرْضِكُمْ (وهو إنسان ذات دين مختلف) فَلاَ تَظْلِمُوهُ. ٣٤ كَالْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ لَكُمُ الْغَرِيبُ النَّازِلُ عِنْدَكُمْ، وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ، لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ.” لاويين ١٩.

إن هذه الشريعة التي تبني البلد وتعطيه حياة، ليس شريعة العنصرية والتكفير والظلم. وبالتأكيد سوف لا يجد أي شعب الحياة في أي ديانة يتبعها؛ لأن الدين يفرق بين الشعوب، لكن المحبة تُوحِّد وتبني. أنها شريعة تدعو للمساواة التامة: "كَالْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ". وشريعة لا تدعو الإنسان أن يحترم أخوه الإنسان فقط؛ بل يحبه! وليس يحبه فقط؛ بل يحبه كنفسه!!! يا لها من شريعة تغسل النفس من الأتعاب والأقذار؛ وتملأ النفس بالسلام والطمأنينة والحياة.

لكن بالرغم أن أن ديفيد بن غوريون، مؤسس دولة إسرائيل، نادى بتلك الآيات كالمبدأ الخامس الذي أقام عليه دولة إسرائيل، لم تتمكن إسرائيل، لا قديمًا ولا حديثًا، من تطبيق هذه الشريعة الصعبة؛ وهذا يقودنا إلى الباب الثالث للحياة.

المسيح هو الحياة؛ وهو المفتاح لمحبة الله ومحبة الإنسان:

لقد عرَّف الكتاب المقدس الحياة في هذه الكلمات:
" وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.”
طبعًا لم يُعلِّم المسيح عن الحياة الأبدية، كأمر نختبره بعد الموت فقط؛ بل حياة تبدأ هنا على الأرض. لقد علَّم المسيح الإنسان كيف يحيا من أجل الوطن والشعب، ولم يعلِّمه كيف يموت لأجل الوطن. فالذي لا يعرف المسيح، لا يعرف المحبة، وهو يبقى في الموت؛ لأن الكتاب يقول:
" ١٤ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ.” ١ يوحنا ٣.

إذًا هل يريد الشعب العربي الحياة؟ وهل يعرف الشعب ما هي الحياة؟

إنها حياة محبة المسيح غير المحدودة لجميع البشر والشعوب.

لقد ولد المسيح في هذه البلاد قبل حولي ألفي عام؛ وبميلاده ولدت بذرة الحياة على هذه الأرض من جديد؛ “ ٤ فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ،" (يوحنا ١). لذلك قال يسوع: "... أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.” يوحنا ١٠: ١٠.

إذًا أخيرًا نؤكد على قول المتنبي ونقول:
إذا الشعب العربي يومًا اراد الحياة، فلا بد أن يستجيب الإله؛ إذا تواضع الشعب، وقَبِل يد الله الممتدة له من خلال المُخَلِّص يسوع المسيح.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. رسلان عظيموف 19 ديسمبر 2012 - 17:56 بتوقيت القدس
أنظر إلى التاريخ. أنظر إلى التاريخ.
أولاً و قبل كل شيء، هذا البيت لم يقله المتنبي و إنما أبو القاسم الشابي من تونس. ثانياً، أنت تقترح بأن الشعوب العربية تحتاج إلى معرفة يسوع حتى تحظى بالحياة. هذا، طبعاً، إقتراح جدير بالدراسة. و لكن، حتى تتم الفائدة، ربما كان من المفيد تبيان ماهية الحياة التي يتمتع بها أولائك الذين يزعمون معرفة يسوع و يزعمون أنهم يتبعونه. الواقع هو أن الشعوب التي إدعت المسيحية كانت و ما تزال أكثر الشعوب ظلماً و عدواناً فيما بينها و ضد الشعوب الأخرى و لا سيما شعوب الدول العربية. من المرجح بأن الشعوب التي تدعي إتباع المسيح في إوروبا و أمريكا إنما تقول بأسم المسيح باللسان و لكن القلوب يسيطر عليها الشيطان. أنظر إلى التاريخ. الغالية العظمى من أدعياء المسيحية في الماضي و الحاضر عملوا أعمال إبليس أكثر من غيرهم. رسلان عظيموف
2. سامي 19 ديسمبر 2012 - 18:56 بتوقيت القدس
مقال جميل ولكن ملحوظة ان بيت الشعر الاصلي من نظم ابو قاسم الشابي وليس المتنبي مقال جميل ولكن ملحوظة ان بيت الشعر الاصلي من نظم ابو قاسم الشابي وليس المتنبي
3. باسم ادرنلي 22 ديسمبر 2012 - 11:40 بتوقيت القدس
أعتذر على الخطأ في إسم الشاعر أعتذر على الخطأ في إسم الشاعر
أولا: التمس العذر من القراء، فعلاً هذا الشعر لأبي القاسم الشابي وليس للمتنبي. ثانيًا: إن المسيح علم على فصل الإيمان عن الحكم، فلم يدعو لقلب الأنظمة وجعلها مسيحية، بل قال؛ أعطوا ما لقيصر لقصير، وما لله لله؛ والمقال اقتصر على تأثير تعاليم المسيح على ثقافة الفرد لبناء المجتمع. ورأينا مصداقية ما علمه المسيح في اختبار التاريخ، حيث أنه عندما دخلت الكنيسة في الحكم، خرب الحكم، وخربت الكنيسة. أما من جهة الدول التي وصفتها بالمسيحية (لست أتفق معك في هذا الوصف)، فأنت في رأيي تخلط بين أمرين: سياسات الدول الداخلية، والسياسات الخارجية. نعم لقد تمتعت تلك الدول في جزئيات من تعاليم المسيح، مثل قبول الناس ذوي الديانات التي ليست مسيحية؛ وكانت دول أروربا وأمريكا من الدول الرائدة في استقطاب وقبول هجرة ذوي الديانات التي ليست مسيحية. فالدول ذات الأكثرية اللا مسيحية، إلى اليوم، معظمها، ليس له قبول لهجرة واستقطاب ذوي الديانات الأخرى، وحتى لا يزال معظمهم يتصارع في استبقاء الأقليات الدينية الموجودة تاريخيا في أرضها. إن هدف مقالي هو بسيط: لماذا لا تزال تعاليم المسيح الأكثر رفضًا ومحاربةً في الدول العربية والإسلامية إلى الآن؟ لماذا يحق لأدولف هتلر أن يتكلم لشعبي العربي (في كتابة "حربي"، وهو من الكتب الأكثر مبيعًا)، ولا يحق للمسيح أن يتلكم لشعبي العربي؟ لماذا يحق للمسلم أن يكون ملحدًا، أو شيوعيًا، ولا يحق له أن يتبع المسيح؟ فالأنظمة العربية تحتاج أن تعطي الفرصة للمسيح لأن يتكلم للشعب بحرية. كما قال المفكر الشيعي ضياء الموسوي، في هذا اللقاء؛ أننا نحتاج لأن نعلم تعاليم المسيح، أحبوا أعدائكم باركو لاعنيكم، لشبابنا العربي. http://www.youtube.com/watch?v=JppjEK1Y90Y