مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات.
بعدما قرأت مقال اخي الدكتور حنا كتناشو تحت عنوان "من هو المسيحي: من الطائفة إلى الكنيسة؟"، وعلى ضوء طرح هذا الموضوع الهام على الملأ في زمان تكاد تكون المسيحية الحقيقية عملة نادرة، رأيت ان اعطي رأيا كمن رحمه الله ان يكون امينًا. ارى لازماً ان انوّه مسبقا ان الموضوع واسع ولن نوفيه حقه في سطور قليلة.
بداية، يجب ان نميز بين تعريف المسيحية وبين الثمار الناتجة عن المسيحية وبين السبيل للمسيحية. وانا اعني هذا، هناك سمات وصفات ناتجة عن كون فلان ميسحيًا. لكن هذه الصفات هي الثمار وليست التعريف، كما ان الولادة الجديدة هي السبيل وليست التعريف. والتحريضات التي نسمعها للتقيد بالسلوكيات اللازمة للحياة المسيحية الصحيحة، ليست هي التعريف.
اذاً، ما هي المسيحية؟
الكتاب المقدس يعلمنا على فم رب المجد نفسه حين قال: "امّا انا فقد اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل". طبقاً لذلك فان تعريف المسيحية هو، بكل بساطة، "حياة المسيح" في الانسان المسيحي على الارض. المسيحي الحقيقي يحيا لا هو بل المسيح يحيا فيه. بمعنى، ان تجسّد حياة المسيح من خلال حياة المسيحي هي المسيحية الحقيقية. اذاً، المسيحية هي حياة المسيح.
اقول بكل صراحة ووضوح، مع احترامي للجميع: ان المسيحية ليست طائفة ولا عقيدة ولا ممارسات وفرائض! المسيحية هي حياة. وكل ما زيد على ذلك فهو من نتاج فكر الانسان الباطل. وكل ما هو باطل، لا نصيب له مع المسيح.
وهذا يأتي بنا الى السؤال عن اولئك الذين دعيوا مسيحيين اوّلاً في انطاكية. لماذا هم دون غيرهم؟ والاجابة بكل بساطة: ان الذين نظروا الى اولئك التلاميذ في انطاكية رأوا فيهم "حياة" تطابق ما عاينوه من "حياة المسيح" على الارض. من اجل ذلك نسبوا لكل واحد من اولئك التلاميذ لقب "مسيحي".
كذلك هو الامر بالنسبة للملك اغريباس. ان قوله لبولس انّه كاد يقنعه ان يصير مسيحيًّا مبني على فهمه ان حياة بولس تجسّد حياة يسوع المسيح على الارض.
لن تتحول مسيحيتنا من لغة الاقصاء والادّعاء بالتفوّق الروحي الى ممارسة المحبة العملية – الّا عندما نكفّ جميعا عن الانطلاق من ذواتنا لاتمام المهمّة المقدسة التي اوكلت الينا، ونعطي روح الله الساكن فينا الحريّة الكاملة لكي يقودنا الى كمالات المسيح المثلى.
انّ القول الذي يستعمله البعض "المسيحية اليوم" هو قول خاطئ بسبب المدلول المتضمن فيه، كأن المسيحية تتغيّر مع مرّ السنين والزمان. المسيحية الحقيقية "هي هي" كما انّ يسوع المسيح "هو هو". هل يجرؤ احد ان ينسب تغيير لحياة المسيح بسبب مرّ الزمان؟
لا توجد كنيسة مسيحية تستطيع ان تنسب لنفسها كمال معرفة حكمة الله والحق الكتابي. فكما انّ الله لا يُحدّ من قبل انسان مهما علت قامته الروحية، فكذلك لا تستطيع كنيسة محليّة ايّاً كانت ان تحدّ تعامل الله مع كنائس المؤمنين المتنوّعة. لكن من ناحية اخرى، الحقّ الكتابي الذي يخاطب كل مؤمن: "يعلم الرب الذين هم له"، لا يتناقض مع الحق الكتابي الآخر المعلن ايضاً في الكتاب: "وامّا ما قد ادركناه، فلنسلك بحسب ذلك القانون عينه".
اصلّي من كل قلبي لأجل جميع اتقياء الرب في كل مكان ان تستنير عيون اذهانهم ويعلموا ما هو رجاء دعوة الله وما هو غنى مجد ميراثه في القدّيسين، فنجتهد كلّنا من كل القلب ان يروا فينا صورة يسوع.