تعتبر إسرائيل اول دولة في العالم تعترف بالقومية الآرامية. كيف لا وقد ذكرت التوراة وجودهم في شمال إسرائيل وصراعهم مع المملكة الإسرائيلية القديمة.
ويؤكد المؤرخون المسيحيون المشرقيون ومن بينهم الباحث والمؤرخ الدكتور هنري بدروس كيفا، ان الآراميين هم من سكان المشرق الأصليين وقد خرجوا من البادية السورية، وانتشروا في ممالك عديدة تتراوح اعدادها بين 15 الى 20 مملكة، تمتد من نهر دجلة الى الفرات وصولا الى حلب استمرارا لحمص ودمشق وأرض إسرائيل، كما وعرفت قبيلة منهم باسم الانباط تواجدت في الأردن، اعتبرهم المؤرخون العرب عربا بالرغم من جذورهم الآرامية.
يذكر ان الشعب اليهودي تكلم اللغة الآرامية لمدة 400 سنة قبل المسيح، وذلك منذ سبي بابل حتى أصبحت هذه اللغة الآرامية لغتهم الام، والسيد المسيح تكلمها ايضا كباقي سكان الجليل في ذلك الوقت، واستمرت اللغة الآرامية كلغة رسمية في الشرق وبقيت حية حتى القرن الرابع عشر.
ومن بين الكلمات التي ما زال سكان الشرق ينطقون بها وتعود أصولها الى الآرامية: شركله (اسقطه ارضا)، ستي (جدتي)، مرتي (زوجتي)، ليّس (أصبح لزجا)، طرش (دهن)، دَقَر (لمس الشيء) ... والعشرات وربما المئات من الكلمات المتحدثة باللغة العامية حتى يومنا هذا.
وكان وزير الداخلية الإسرائيلي جدعون ساعر قد اعترف في أيلول/سبتمبر 2014 بالقومية الآرامية وأمر بإدراجها في سجل سكان إسرائيل، ومنذ ذلك اليوم يستطيع كل مواطن مسيحي مسجل عربيا في بند القومية التسجيل للقومية الآرامية عن طريق تقديم طلب للمحكمة، اما الأطفال المولودين لعائلات مسيحية فيمكن للأهل تسجيلهم فورا آراميين بكل سهولة. هذا القرار اثار مشاعر أعضاء الكنيست العرب فحاربوه إعلاميا بكل الوسائل، ومنذ ذلك الحين يتعرض طالبي الحصول على القومية الآرامية الى مضايقات كثيرة ومتنوعة من وطنيين مسيحيين وعرب.
وفي آخر المستجدات حول تسجيل المولودين الجدد تحت بند القومية الآرامية، رفضت موظفة عربية تعمل في قسم سلطة السكان في الناصرة العليا، من تسجيل الطفل ليران أبو موسى تحت بند القومية الآرامية، وادعت في المرة الأولى عندما قدم والديه الى قسم سلطة السكان بتاريخ 14/10/16 ان على الطفل تقديم طلب للمحكمة مثله كمثل البالغين، وفي المرة الثانية بتاريخ 25/10/2016 ادعت شفهيا أيضا انها لا تستطيع تسجيل الطفل تحت بند القومية الآرامية إذا كان والديه غير مسجلين تحت هذه القومية قبله.
وقد علم منتدى تجنيد المسيحيين الذي يرأسه الاب جبرائيل نداف عن المضايقات التي تعرضت لها عائلة أبو موسى فقاموا بتقديم بلاغ الى المدير العام لسلطة السكان والهجرة، السيد أمنون بن عمي، ضد الموظفة التي اساءت الى مواطنين مسيحيين ومنعتهم من تسجيل ابنهم الرضيع تحت بند القومية الآرامية. ووصل نسخة منه الى موقع لينغا.
وقال الاب نداف لموقع لينغا انه يطلب من كل عائلة مسيحية ارادت تسجيل طفلها تحت بند القومية الآرامية ولكن لم تنجح بسبب رفض او إعاقة العملية من قبل موظفين في سلطة السكان، ان يتوجهوا الى منتدى تجنيد المسيحيين وسيقوم بمساعدتهم بكل الوسائل المتاحة، لان هذا قانون ساري المفعول ومن يرفض الانصياع للقانون يكون مستوجب الحكم.
تشق القومية الآرامية طريقها في المجتمع المسيحي الإسرائيلي وتتعرض لمضايقات شرسة من المواطنين العرب، فهل ستنتشر بين المسيحيين مع السنوات القادمة وتوحدهم ام ستقسمهم الى قوميتين؟ هناك المؤيد بشدة وهناك المعارض بأشد ضراوة وهناك المراقب والمنتظر، والسؤال الذي يطرح نفسه، ماذا يخبأ المستقبل؟ وكيف سيكون وضع المسيحيين في إسرائيل مستقبلا؟
صورة عن البلاغ: