عشرات الآلاف يتظاهرون في لندن رفضًا للهجرة وسط مخاوف من تراجع الهوية المسيحية

شهدت لندن تظاهرة حاشدة شارك فيها أكثر من مئة ألف شخص احتجاجًا على سياسات الهجرة، وسط شعارات تربط بين الدفاع عن الهوية الوطنية والحفاظ على الجذور المسيحية لبريطانيا، في مشهد يعكس تصاعد الجدل حول مستقبل البلاد الثقافي والديني.
قبل 3 ساعات
عشرات الآلاف يتظاهرون في لندن رفضًا للهجرة وسط مخاوف من تراجع الهوية المسيحية
لينغا، وكالات

شهدت العاصمة البريطانية لندن اليوم السبت أكبر مسيرة مناهضة للهجرة منذ سنوات، شارك فيها أكثر من 100 ألف شخص تحت شعار "Unite the Kingdom" بدعوة من الناشط المعروف تومي روبنسون. رفع المتظاهرون شعارات تندّد بسياسة الحكومة في استقبال المهاجرين واللاجئين، معتبرين أن استمرار هذه السياسات يهدد الهوية الثقافية والدينية لبريطانيا. بعض المشاركين ذهبوا أبعد من ذلك، محذرين مما وصفوه بـ"أسلمة البلاد"، ومؤكدين على ضرورة الحفاظ على جذور بريطانيا المسيحية التي شكلت أساس حضارتها وتاريخها.

في المقابل خرجت مظاهرة مضادة بعنوان "Stand Up to Racism" شارك فيها نحو خمسة آلاف شخص للتأكيد على رفض خطاب الكراهية والدفاع عن قيم التعددية والتعايش. وقد شهدت شوارع لندن انتشارًا أمنيًا واسعًا لتفادي الصدامات، لكن وقعت بعض المناوشات بين الطرفين.

يأتي هذا الحراك في سياق أوسع من الجدل داخل بريطانيا وأوروبا حول مستقبل الهوية الوطنية في ظل تزايد موجات الهجرة. ويرى كثير من أنصار اليمين أن تراجع الانتماء الديني المسيحي وازدياد عدد المسلمين القادمين إلى أوروبا يشكلان تهديدًا مباشرًا للمسيحية كإطار ثقافي وديني جامع. وبحسب مراقبين، فإن تومي روبنسون استثمر هذه المخاوف لتعزيز خطابه الداعي إلى "الدفاع عن بريطانيا" في وجه ما يصفه بالانفلات في سياسات الهجرة. ورغم أن بريطانيا دستوريًا تُعرف نفسها كدولة ذات تقاليد مسيحية، إلا أن المطالبات بتشديد هذا البُعد الديني أصبحت أكثر حضورًا في خطابات اليمين خلال السنوات الأخيرة.

الكنائس الكبرى لم تصدر حتى الآن بيانات رسمية بخصوص المظاهرة، لكن بعض القيادات الكنسية السابقة طالبت مرارًا بضرورة الحفاظ على الهوية المسيحية مع التمسك بقيم المحبة والعدل. الشرطة أكدت أنها ألقت القبض على عدد محدود من الأشخاص بعد اشتباكات جانبية، لكنها وصفت الوضع بأنه "تحت السيطرة". أما الحكومة البريطانية فلم تُعلق بشكل مباشر، لكنها تواجه ضغوطًا متزايدة لإعادة النظر في سياسة اللجوء والحدود.

المظاهرة كشفت عن تصاعد الشعور لدى قطاعات واسعة من البريطانيين بأن الهجرة، وبالأخص الهجرة القادمة من دول ذات أغلبية مسلمة، تهدد ليس فقط سوق العمل أو الأمن، بل أيضًا الهوية المسيحية لبريطانيا. ومع ذلك، يبقى النقاش محتدمًا بين من يرى في ذلك دفاعًا مشروعًا عن الثقافة الوطنية، ومن يعتبره غطاءً لخطاب كراهية يهدد التعايش الديني والاجتماعي.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا