السامريون أصغر طائفة بالعالم تروي حكايتها على جبل جرزيم

انطلقت على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس في الأراضي الفلسطيينة، أخيرًا، احتفالات الطائفة السامرية بعيد العرش، وتعد هذه الطائفة الأصغر والأقدم في العالم، فلا يتجاوز عدد أفرادها 743 نسمة، يعيش نصفهم على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس في الأراضي الفلسطينية، ونصفهم الآخر في منطقة حولون في مدينة تل أبيب الإسرائيلية.
27 أكتوبر 2010 - 10:05 بتوقيت القدس

انطلقت على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس في الأراضي الفلسطيينة، أخيرًا، احتفالات الطائفة السامرية بعيد العرش، وتعد هذه الطائفة الأصغر والأقدم في العالم، فلا يتجاوز عدد أفرادها 743 نسمة، يعيش نصفهم على قمة جبل جرزيم في مدينة نابلس في الأراضي الفلسطينية، ونصفهم الآخر في منطقة حولون في مدينة تل أبيب الإسرائيلية.

يسمى عيد العرش السامري بعيد المظال، بحسب السامريين، ويصادف اليوم الخامس من الشهر السابع العبري، ويستمر لمدة سبعة أيام، وفي أول أيامه يحجّ السامريون إلى قمة جبل جرزيم، ويكون العيد الثالث والأخير من أعياد الحج، ويتطلب بأن يقوم كل بيت سامري بجمع الأربعة أصناف التي ذكرتها الشريعة المقدسة، وهي "ثمر بهجة، وسعف النخيل، وأغصان أشجار غبياء، وصفصاف الوادي".

وعن هذا العيد، قال الكاهن حسني واصف السامري، إن العرش أو المظلة يجب أن يتكون من أربعة أصناف هي سعف النخيل وشجر الغار وثمر الحقل أو الواد، ويمكن اختيار صنفين فأكثر، ليعطي صورة بهية ونبتة ابراهيم. وأوضح أن شكل العرش أو المظلة يتم تغييره سنويًا من أجل أن يتعلق ويتحبب الأبناء بهذا العيد ويمارسوه لاحقًا.

ولفت إلى أن اختيار الله لأربعة أصناف كان من أجل التعرف إلى الأرض، فمثلاً يتم احضار السعف من الأغوار وشجر الغار من الشمال، وثمر الواد ينتشر في كل أرض فلسطين، وهذه العبرة، فالعبادة تحتاج مجهودًا. وأشار الكاهن إلى أن عيد العرش هو "لإحياء ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر، حيث صادفتهم صحراء سيناء بعد الخروج، ولعدم تعودهم على جو الصحراء، ظللهم الله بمظلة تقيهم حر الشمس، وفي الليل أضاء لهم (الله) عمودًا من النار ليستدفؤوا بحرارته من برد الصحراء، ومن هنا كانت الفكرة، وحتى يشرح للأحفاد عن مساعدة رب العالمين لبني إسرائيل".

وقال السامري، وهو باحث ومتخصص أيضًا إن السامريين يعدون الفلكيون الأوائل، وبالتالي لديهم فلك يستطيعون من خلاله تحديد أعيادهم لسنوات طويلة وإلى ما لا نهاية، ففي الأول من الشهر السابع يكون عيد رأس السنة، وفي العاشر من الشهر السابع يكون يوم الصوم، وفيه تعذب النفوس، وفي خامس يوم يكون عيد المظلة.

ونوه إلى أن الطائفة تستبشر خيرًا، إذا ما صادف عيد العرش الشتاء، وكان هناك هطول للأمطار، ويعطيهم انطباعًا بأن العيد مقبول، ويتم خلال هذا العيد إحياء ذكرى كيف ساعد الله شعب بني إسرائيل بهذه المناسبة، وفي اليوم الثامن من العيد يكون نهاية أعياد السنة العبرية، وهي سنة 3649 حسب التقويم السامري، بحيث تبدأ السنة في الشهر السادس، وهي فترة دخول شعب إسرائيل للأراضي المقدسة.

في ما يتعلق بالاختلاف مع اليهود، أوضح الكاهن أن هذه السنة هي سنة كبيسة، وتعني وجود ثلاثة عشر شهرًا، بخلاف اليهود الذين تكون حساباتهم مبنية على القمر. وذكر أن كل 19 سنة يوجد سبع سنوات كبيسة، لذلك كان عيد العرش لدى الطائفة السامرية بعد اليهود بشهر، وحتى لو صادفت الفترة عينها في بقية الأعوام، فهناك فرق يوم أو يومين، والسبب يعود إلى أن الحاخامين اليهود أجروا تعديلات على تقويمهم، خشية من أن يصادف يوم السبت يوم عيد، وبالتالي يكون هناك انقطاع عن العالم. وعن السلوك خلال فترة العيد أكد السامري أن أول يوم يكون للخروج إلى الحج على قمة جرزيم وأداء صلاة تستمر مدة ست ساعات متواصلة، وبعد ذلك تبدأ عمليات تبادل الزيارات، وهم مرتدون اللباس الأبيض وغطاء الرأس ودون أحذية، ويضعون أحزمة على الخصر، ويكون الإنسان طاهر التفكير كما هو اللباس في هذا العيد، وبعد النزول عن الجبل يتوافد أهل حولون للمشاركة في هذا العيد.

يذكر أن الطائفة السامرية تعيش على قمة جبل جرزيم في جنوب مدينة نابلس في منطقة لا تتعد مساحتها مائة دونم ، ولا يتجاوز عدد أبنائها عن 370 نسمة في نابلس. وعن تفاصيل حياة الطائفة، قال الكاهن حسني السامري إن الطائفة السامرية تضم خمس عائلات، هي عائلة "الكاهن"، وتتولى الشؤون الدينية للطائفة، ويكون أكبرها سنًا من الذكور هو الكاهن الأكبر، وتنتمي إلى سلالة "سبت لاوي"، وعائلات "ألدينفي" و"سراوي" و"صدقة" و"مفرج"، التي تنتمي إلى السلالتين (السبتين أفرا يم ومناشي).

ويوضح أن أبرز الفروق بين الطائفة السامرية واليهود هو أن الطائفة السامرية وحسب الديانة الحقيقية لبني إسرائيل تعتبر أن المكان المقدس لها الذي يوجد فيه هيكل سليمان يقع على جبل جرزيم لكونه ذكر في التوراة 13 مرة، في حين يؤمن اليهود بأن المكان المقدس لهم الذي يوجد فيه هيكل سليمان يقع في القدس، رغم عدم ذكر القدس في التوراة.

ونوه السامري إلى أن تاريخ الطائفة الذي يمتد لأكثر من 3600 سنة، كما بين أن التاريخ السامري بدأ منذ أن دخل قوم موسى فلسطين وهم "بني إسرائيل"، وبعد فترة حدثت انشقاقات وخلافات أدت إلى انقسام مملكة بني إسرائيل إلى مملكتين، هما مملكة السامرة وعاصمتها سبسطية في الشمال، ومملكة يهودا وعاصمتها القدس.

الدين والمعتقدات والأعياد السامرية أكد الكاهن السامري على إيمان الطائفة "بالتوراة" باعتباره كتابها المقدس وأسفار النبي موسى، لافتًا إلى أن الديانة السامرية ترتكز على الديانة الإسرائيلية الحقيقية بأركانها الخمسة، وهي" الله واحد، وموسى رسول، والإيمان بخمسة أسفار موسى، والإيمان بجبل جرزيم، والإيمان بيوم الحساب".

وقال إن أبرز المعتقدات في الدين السامري "الديانة الإسرائيلية الحقيقية" هي "الوصايا العشرة"، وهي "لا تشرك بالله، ولا تحلف بالله كذبًا، ولا تشهد الزور، ولا تسرق، ولا تزن، واحفظ يوم السبت، وأكرم أباك وأمك، ولا تقتل، ولا تشتهي امرأة قريبك أو بيته أو ناقته أو كل شيء يخصه وقدسية جبل جرزيم".

وبحسب السامري، فإن السامريين يولون الطهارة والنجاسة أهمية كبيرة حسب معتقداتهم ودينهم، ومن أمثلة ذلك عزل الفتيات والنساء في فترة الحيض مدة ثمانية أيام في غرفة خاصة بشكل منفرد تعيش وتأكل وحدها. وأوضح أنه يتم عزل النساء اللواتي ينجبن أطفالاً ذكورًا مدة 41 يومًا، في حين تعزل اللواتي ينجبن إناثًا مدة 80 يومًا، ويكون ختان الطفل في اليوم الثامن من ولادته وإلا يقتل.

وذكر الكاهن السامري أن مرحلة تلقي علوم الدين وأساسياته من الحروف والقراءة، تبدأ من عمر خمس سنوات وحتى عمر السابعة، ويكون حينها الطفل قد ختم التوراة. وتبدأ بعد ذلك المرحلة التعليمية في المدارس والجامعات الفلسطينية في نابلس. ولفت إلى أن السامرين لهم صلاتهم داخل كنيس خاص بهم، وصلاتهم عبارة عن سجود وركوع باللغة العبرية القديمة، وليس بالعبرية الحالية.

ونوه إلى أنه وضمن المعتقدات لا يخلط السامريون في طعامهم "بين روحين"، وذلك بعدم تناول اللحوم مع اللبن أو أي من مشتقاته، بمعنى إذا تناول أحدهم اللحوم فإنه لا يتناول اللبن إلا بعد ست ساعات، أي بعد أن يهضمها، وإذا تناول اللبن فإنه لا يأكل اللحوم إلا بعد ثلاث ساعات، تجنبًا للجمع بين الروحين.

وأشار الكاهن السامري إلى أن السامريين لا يأكلون الذبائح إلا إذا قام بذبحها شخص سامري بالغ وطاهر يضع على رأسه غطاء ويقرأ على الذبيحة قبل ذبحها "التسمية"، ويشترط أن لا يقل طول السكينة عن 25 سم، وذلك ليكون الذبح بنحره واحدة، وإذا تكرر النحر فإن الذبيحة تعتبر محرمة عليهم.

وعن طقوس الزواج التي يمارسها السامريون ذكرت بدوية السامري، أن هذه الطقوس تكون نابعة من تعاليم الدين، وأبرزها عقد قران "ملاك" بين وكيل الفتاة والشاب، وفي يوم الزواج في الكنيس، يتم كتابة مجلد على لوحة كبيرة، يذكر فيها مناقب الزوجين وذويهما والدعوة لهما بحياة سعيدة والرزق بالأطفال والرزق الصالح.

وينحصر الزواج بين أفراد الطائفة فقط، وبسبب "قلة البنات" سمح للرجال الزواج ممن يدخلن في الطائفة ومعتقداتها بعد موافقة الكاهن الأكبر. وقالت إن الطلاق يقع في حالات عدة فقط، وهي في حال وقعت خيانة زوجية أو نتيجة لمرض خطر معد أو إذا كان أحد الطرفين يعاني العقم.

بالنسبة إلى أعياد الطائفة بينت السامري، بأن جميعها "دينية وليست وطنية"، وهي عيد الفصح وعيد الفطير وعيد الحصاد وعيد رأس السنة العبرية وعيد الغفران وعيد العرش واليوم الثامن.

متحف جرزيم... عنوان الطائفة هذا ويعتبر السامريون متحف جرزيم عنوانًا لطائفتهم لما يحويه من أثار لتاريخهم وسلالتهم، وقد حظي بزيارة سياح ووفود عالمية. ويحتفظ فيه السامريون بأقدم نسخة خطية من التوراة، ويقدر الكاهن السامري عمرها بـ3630 سنة، وكتبها "الرابع من هارون"، وهو "أبيشع بن فينحاس بن اليعازر بن هارون".

ويحوي المتحف مخططًا لسلالة الطائفة من سلالة أدم وحتى الكاهن الأكبر الحالي، ويقدر عددها بـ 161 سلالة مفصلة، وتحمل نواحي الحياة التي مرت بها سلالة الطائفة السامرية.

المشاكل التي تعانيها الطائفة تشكو الطائفة السامرية من تشييد شبكة للضغط العالي الإسرائيلية، أخيرًا، إضافة إلى قيام شركات الاتصالات بوضع أبراج البث والتقوية على مقربة من الحي السكني. ويعاني السامريون كما هو الحال بالنسبة إلى الفلسطينين إجراءات عسكرية إسرائيلية متمثلة بوضع حاجز عسكري تتجسد في بوابة حديدية فصلت بينهم وبين مدينة نابلس، وحدت من حركتهم وحركة السياح الذين كانوا يتوافدون للمنطقة الأثرية التي تجمع بين الحضارة السامرية والرومانية والبيزنطية.

وتعيش أيضًا الطائفة مشكلة التقسيم الأمني الإسرائيلي كالفلسطينيين، حيث تقسم المساحة التي يعيشون عليها إلى ثلاث مناطق هي الحي السكني الشرقي ويقع في المنطقة c ووسط الحي السكني وجنوبه في المنطقة (b)، في حين يقع الحي السكني الغربي في المنطقة (a)، وهو تقسيم تضيع معه المسؤوليات والخدمات والحقوق، كما يقول الكاهن السامري.

وينتقد السامريون بعض أفراد المجتمع الفلسطيني والدولي، الذين يعتقدون أن أبناء الطائفة يهود، مشددًا على أنهم السلالة الحقيقية لشعب بني إسرائيل، وهم براء من اليهود، ويعتبرون أن من يصفهم بذلك فإنما يحتقرهم، ويسيء إليهم.

السامريون

السامريون

السامريون

السامريون

السامريون

السامريون

السامريون

السامريون

وكالات

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا