الى حضرة سيادة المطران الدكتور عطالله حنا المحترم.
تحية باسم فادينا ومخلصنا الرب يسوع المسيح له كل المجد.
سيادة المطران, في بداية رسالتي هذه اود ان اقدم لكم اعمق التقدير والتبريكات على مجهوداتكم التي تقومون بها على جميع الأصعدة المحلية او العالمية، وبعد التحية اسمح لي بتوجيه عتاب محبة على ما صدر منكم عبر وسائل الأعلام وبالتهجم على الكنيسة المعمدانية الأنجيلية وخلط بعض الحقائق والتي اود ان اصحح قيه بعض المعلومات الخاطئة التي صدرت من سيادتكم.
حضرة السيادة لقد وجهت لكم رسالة قبل سنتين بالتحديد بتارخ 20-09-2006 طالبا من حضرتكم توضيحا على بعض الأسئلة التي وجهت لي من بعض اعضاء كنيستكم تتعلق بموضوع الصليب الكريم, والذي تفضلتم وعلمتم عنه في مساء يوم الثلاثاء الموافق 13-09-2006. مستفسرين " احقا الكنيسة الأنجيلية المعمدانية لا تؤمن بالصليب الكريم؟ !!" لقد فوجئت عندما سمعت بأن سيادتكم تفضلتم وقلتم ان الكنيسة الأنجيلية المعمدانية لا تؤمن بالصليب الكريم. جوابي الفوري كان كما قال القديس بولس الرسول الى اهل غلاطية 6: 14: وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ.
وها التاريخ يعيد نفسة يا سيادة المطران وتتهجم على الكنيسة الأنجيلية المعمدانية والتي تتصف بتاريخ عريق وعطاء فياض في هذه البلاد الحبيبة، مثال على ذلك المدرسة المعمدانية في الناصرة والتي هي احد الثمار التابعة لرابطة الكنائس المعمدانية في البلاد، والتي خرجت من خيرة الأطباء والمحاميين والمثقفين من جميع شرائح المجتمع والذين يخدمون كل طبقات شعبنا بدون اثارة الفتن والنعرات الطائفية وتغذية التطرف التي تكلمت عنها في ندائك.
اتوجه الى سيادتكم مرة اخرى وها تجمعنا نفس المناسبة عيد الصليب المرفوع فوق الجميع طالبا من حضرتكم الرد لأن الكتاب يعلمنا ان نقرع فيفتح لنا، فلكل سؤال يجب ان يكون هناك جواب ،واذا لم يكن جواب فأين الحساب؟
اولا، رد على اتهامنا باننا لا نؤمن بالصليب:
في البداية يا سيادة المطران دعني وانا الأخ الصغير المتواضع, عديم المعرفة امام معرفتكم في الكتب المقدسة وبمحبة المسيح ان اقدم لكم ايماننا الأنجيلي في صليب ربنا يسوع المسيح:
ان الصليب في ايماننا الأنجيلي هو واحد من اركانه المهمة. فبدون الصليب لا يوجد رسالة خلاص, وبدون الصليب, لا يوجد كفارة وبدون الصليب لا يوجد رجاء. فنكران الصليب هو نكران مسيحيتنا ونكران الصليب هو نكران عمل الله الكفاري وقوة الله واننا نقول كما قال القديس بولس الرسول في رسالته الى اهل كورنثوس الأولى 1: 17 "لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يُرْسِلْنِي لأُعَمِّدَ بَلْ لأُبَشِّرَ، لاَ بِحِكْمَةِ كَلاَمٍ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ صَلِيبُ الْمَسِيحِ. 18 فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ". فالقوة التي نستمدها في حياتنا الروحية هي عندما ننظر الى عمل الصليب, فالصليب في حياتنا المسيحية يعني:
اولا: "الصليب" هو "المصالحة" (رسالة القديس بولس الى اهل كورنثوس الثانية 5: 19)، فقد صالح الله اليهود والامم في جسد واحد بالصليب قاتلاً العداوة به " (رسالة القديس بولس الى اهل افسس 2: 14 –16)، بل صالح "الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه" (رسالة القديس بولس الى اهل كولوسي 1: 20 ) ، "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب إذ جرد الرياسات والسلاطين اشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه" (رسالة القديس بولس الى اهل كولوسي 2: 14 و15).
ثانيا: "الصليب" هو رسالة الخلاص او أنجيل الخلاص بأن يسوع المسيح قد "مات لأجل خطايانا"، فكانت الكرازة بالأنجيل تتركز في كلمة "الصليب" أو "بالمسيح يسوع وإياه مصلوباً" (رسالة القديس بولس الرسول الأولى الى اهل كورنثوس 1: 17 و18، 2 : 2)، ولذلك يفتخر الرسول بولس "بصليب ربنا يسوع المسيح" (رسالة القديس بولس الرسول الى اهل غلاطية 6: 14)، فكلمة الصليب هنا تعني كل عمل الفداء الذي أكمله الرب يسوع المسيح بموته الكفارى.
ثالثا: ان كان الصليب في القديم يرمز إلى العار والاتضاع، ففي صليب المسيح تتجلى "قوة الله وحكمة الله " (رسالة القديس بولس الرسول الأولى الى اهل كورنثوس 1: 24). لقد استخدمته روما ليس كآلة للتعذيب والإعدام فحسب، ولكن كرمز للخزى والعار إذ كان يُعدم عليه أحط المجرمين، فكان الصليب لليهود عثرة لأنه رمز اللعنة (سفر الثتنية 21: 23، ورسالة القديس بولس الرسوا الى اهل غلاطية 3: 13) وهذا هو الموت الذي ماته المسيح، فقد "احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (الرسالة الى العبرانيين 12 : 2) وكانت آخر درجة في سلم اتضاع المسيح أنه "أطاع حتى الموت ، موت الصليب" ( رسالة القديس بولس الرسول الى اهل فيلبي 2: 8) لهذا كان الصليب "حجر عثرة " لليهود (رسالة القديس بولس الرسول الأولى الى اهل كورنثوس 1 : 23 انظر أيضاً رسالة القديس بولس الرسول الى اهل غلاطية 5 : 11).
وكان مشهد حمل المحكوم عليه للصليب أمراً مالوفاً عند من خاطبهم المسيح ثلاث مرات بأن طريق التلمذة له هي "حمل الصليب" (انجيل القديس متى 10: 38، انجيل القديس مرقس 8 : 34، انجيل القديس لوقا 14 : 27) أي حمل الخزي والإهانة من أجل اسمه.
رابعا: أن الصليب هو رمز اتحادنا مع المسيح، ليس فقط في اقتدائنا به، بل فيما لأجلنا وما يفعله فينا. ففي موته النيابي عنا على الصليب متنا نحن "فيه" (رسالة القديس بولس الرسول الثانية الى اهل كورنثوس 5: 14) و"أنساننا العتيق قد صُلب معه" (رسالة القديس بولس الرسول الى اهل رومية 6: 4 و5)، لكى نستطيع بروحه الساكن فينا أن "نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة" (رسالة القديس بولس الرسول الى اهل رومية 6: 4 و 5) ونحن ثابتون "فيه" (انجيل القديس يوحنا 15: 4، 11).
خامسا: خلال خدمتي البسيطة في البلاد وخارجها لم اتذكر باني كنت في كنيسة انجيلية معمدانية لم ترفع رمز الصليب فاذا لم يكن الصليب على سطح مبنى الكنيسة وهذا قليل جدا, فانه يكون في مقدمة الكنيسة, حتى ينظره الشعب. هذا الصليب الذي يذكرنا بالعمل العظيم الذي قدمه لنا السيد المسيح, لذلك فكل كنيسة انجيلية معمدانية محلية او عالمية لا يقل فخرها واهتمامها برمز الصليب عن باقي الكنائس من الطوائف الأخرى.
ثانيا، هل المعمدانيون الأنجيليون وبدعة بشهود يهوة هما واحد كما جاء بتصريحكم:
حضرة السيادة الدكتور انت ادرى العالمين من هم شهود يهوة فهي بدعة معروفة للجميع والتي ليس لها اصلا صلة في لاهوت المسيح والمسيح بالنسبة لهم هو الملاك ميخائيل الذي تجسد وعاش على الارض كـإنسان ولم يمت على صليب كما يعتقد كل المسيحيون بل على عمود او خشبة (الكلمة الاصليةاليونانية staurós)، لذلك فهم لا يضعون الصليب على كنائسهم بل انهم يحرمون ذلك على اتباعهم فهم ينكرون الوهية المسيح.
يا سيادة المطران ان الكنيسة الأنجيلية المعمدانية ليس لها اي علاقة بما يسمى "شهود يهوة" فهده البدعة تنكر من الأصل كل ما تعلمنا وتسلمنا من الرسل عن الرب يسوع والأيمان المسلم كما يقول الكتاب المقدس في رسالة يهوذا 1: 3 أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. 4 لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ.
ليس لي حاجة كبيره ان ادافع او اناقش هذا الموضوع فايماننا الأنجيلي واضح مبني على كلمة الله وحدها كما علمنا اياها القديس الرسول بطرس في رسالته الثانية 1: 16 لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. 17 لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى:«هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ». 18 وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. 19 وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، 20عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. 21 لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.
ثالثا، هل نحن اصحاب فتن ونعرات طائفية؟:
لقد نعتنا يا صاحب الغبطة بـ " الدور المشبوه الذي تقوم به بعض هذه الجماعات في إثارة الفتن والنعرات الطائفية وتغذية التطرف الذي نحن بغنى عنه".
الى اي فتن ونعرات طائفية تتكلم؟؟ وهل لنا ان نعرف واحدة منها.؟ افحص ماضينا وحاضرنا وهلم نتحاجج. ان هذه الكلمات لها تأثير سلبي من شخص معروف بالمسؤولية الوطنية وتسعى الى احلال السلام بين الشعب الواحد. فمن يسمع اقوالك يا سيادة المطران لربما يعمل بها ؟ ولربما تكون له كفتوى من رجل دين ويسمح لنفسه بحرق كنيسة او بالتعدي على الكنيسة المعمدانية واتباعها، فمن يتحمل مسؤولية اقوالك يا سيادة المطران ومن يكون في النهاية مسؤول امام القانون عن اي مكروه يصيب احدنا ؟
اني اتقدم لسيادتكم بالأعتذار اذا كان في كلامي اي شيء يسيء او ينتقد ما علمتموه, فان مرافعتي امامكم ليس هي الا للتصحيح, وبناء جسر للتقارب والحوار الديني الذي تنادون وتعظون به وتفضلتم بذكره في المحاضرة التي القيتموها في الرامة اذ قلتم: " لا يجوز لأي فئة ان تمس فئة اخرى في عنصر اساسي من العناصر الإيمانية التي تجسد ايماننا وعقيدتنا ", لقد ذكرت لكم سابقا ان الصليب ورسالة الصليب في ايماننا الأنجيلي هو واحد من اركان ايماننا وعقيدتنا المهمة . سيادة المطران؛ كما تعلمنا من سيادتكم في مواقفكم الدينية والوطنية التي تتبنوها وتسيرون فيها, الا نسكت عن نير وضع في المكان الخاطيء او حق لم يظهر للنور, وكما تفضلتم بقولكم في تلك المحاضرة: " كما اننا نحترم الأخرين كما هم, نحن بدورنا ايضا نريد من هؤلاء الأخرين اينما كان هؤلاء الأخرين ان يحترموننا كما نحن ", وهذا ما نتوقعه من سيادتكم.
سيادة المطران الموقر؛ لقد علمتنا في محاضرتكم: " بأن صليب الرب يوحدنا, ويجب ان يوحدنا ويجب ان يقربنا من بعضنا البعض لأن المسيح صلب من أجل المحبة, واذا افتقدنا المحبة في حياتنا افتقدنا عنصراُ هاماً في ايماننا وروحانياتنا وعقائدنا ". اريد ان اضم صوتي لصوتكم ولصوت الرب يسوع عندما قال: " بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض" (انجيل القديس يوحنا 13: 35). اني اشكركم على صرف هذا الوقت في قراءة هذه الرسالة والتي تهدف الى شيء واحد كما تفضلتم في بداية المحاضرة بقولكم: " ما اجمل ان نكون مسيحيين حقيقيين, فالصليب الذي يوحدنا هو الصليب الذي يجمعنا ". لكم ولصبركم الشكر الجزيل.
اخوكم في المسيح, ابن الرامة
القس حاتم جريس
ملاحظة: هذه الرسالة موجه من القس حاتم جريس بشكل شخصي، وهذا ليس بالضرورة رأي المجمع الأنجيلي