رئيس اللوبي السرياني العالمي: نحن لسنا عرب!!!

في وقت يتعرض فيه المسيحيون في الشرق لأبشع أنواع الاضطهاد، ومع غياب الدعم الدولي لبقاء المسيحيين في الشرق، ينشط اللوبي الارمني والسرياني في العالم من أجل تشكيل لوبي ضاغط يحمي الوجود المسيحي في الشرق
10 يوليو 2016 - 23:58 بتوقيت القدس
اليتيا

في وقت يتعرّض فيه المسيحيون في الشرق لأبشع أنواع الاضطهاد، وفي وقت غياب الدعم الدولي لبقاء المسيحيين في الشرق، ينشط اللوبي الارمني والسرياني في العالم من أجل تشكيل لوبي ضاغط يحمي الوجود المسيحي في الشرق وقد نجح اللوبي الارمني مؤخراً في فرض قرار من الكونغرس الأمريكي يطلب من تركيا إعادة أراضي المسيحيين وكنائسهم في تركيا وقبرص إلى اصحابها.

اللوبي السرياني، بدأ يضغط في اتجاهات عدة، وكان لموقع أليتيا مقابلة حصرية مع رئيس المنظمات السريانية العالمية (الاتحاد السرياني العالمي) جوني ميسو، للإضاءة على واقع السريان في الشرق والشتات.

هل لك أن تخبرنا أكثر عن عملك وعن الاتحاد؟
تم انتخابي في أكتوبر من العام ٢٠٠٨ رئيساً للاتحاد السرياني العالمي الذي كان يحمل حتى العام ٢٠١٢ اسم التحالف السرياني العالمي. تم تأسيس الاتحاد في العام ١٩٨٣ ليكون مظلة عالمية. ويضم منظمات أعضاء من الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا وسوريا والسويد وألمانيا وهولندا وسويسرا وبلجيكا والنمسا. كما وتربطنا بسريان تركيا ولبنان والعراق والاردن وسواها علاقات طيبة. ونتوقع ان تنضم إلينا، في السنوات القادمة، منظمات من هذه البلدان. نقوم بسلسلة من النشاطات التي تتراوح بين نسج علاقات دبلوماسية والمحافظة عليها مع برلمانات وحكومات وحل المسائل المرتبطة بالشتات والسريان الموجودين من حول العالم. وننتهز، من خلال أليتيا، الفرصة لدعوة اخواننا السريان في الشرق الاوسط – موارنة وغيرهم – الى الوحدة تحت راية انتمائنا السرياني.
كما ونضطلع بنشاطات مهمة من خلال المنظمات الأعضاء ومن النشاطات المنجزة: اطلاق سلسلة اللؤلؤة الخفية في العام ٢٠٠١ وهي كناية عن ثلاثة كتب و٣ أقراص دي.في.دي. ونشر وثائقي بعنوان سيفو: الإبادة المنسية في العام ٢٠١٥ بثه التلفزيون الهولندي وترجم الى لغات عديدة منها الإنجليزية وعرض في عدد من الصالات العالمية بما في ذلك صالة الأمم المتحدة في جنيف.
ونتمتع، منذ العام ١٩٩٩، بصفة استشارية خاصة كمنظمة غير حكومية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الولايات المتحدة. ويسمح لنا ذلك العمل بفعالية في مكاتب الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف وفيينا. نركز الى حد كبير على تركيا وسوريا والعراق ولبنان وهي بلدان نعتبرها بلداننا الأم أما المواضيع التي نركز عليها فتتضمن حقوق الانسان وحقوق الأقليات وحقوق الشعوب الأصلية والمساعدة الإنسانية والتنموية للنازحين في سوريا والعراق إضافةً الى اللاجئين من هذه الدول.

حدثنا أكثر عن الهوية السريانية:
إن الهوية السريانية غنية الى حد كبير إلا انها ليست معروفة وبالتالي غير مقدرة حتى من قبل المسيحين السريان أنفسهم لأسباب عديدة. أولاً، وعلى سبيل المثال، لم يعد عدد كبير من السريان، في بلداننا الأم والشتات يتحدثون اللغة السريانية – فقط العربية أو التركية أو الكردية أو لغة البلد المضيف – وهم فقدوا بالتالي التواصل العاطفي مع هوية اجدادهم واسلافهم. إضافةً الى هذه الخسارة اللغوية المهمة، لم يحظ عدد كبير من السريان بتعليم حول التاريخ السرياني والتراث الثقافي وقد تبدو بالتالي لهم الهوية السريانية غريبة إذ لا يستطيعون تقييم غنى تراثهم. وتحافظ بعض الجماعات الكنسية على السريانية في قداديسها – مع تفاوتٍ بين الواحدة والأخرى. لكنني أتجرأ على القول ان السواد الأعظم من المنتمين الى الكنائس السريانية غير قادرين على قراءة كتب اسلافهم. وبالتالي، لا يستطيعون أو لا يريدون دراسة وفهم وتقدير أدبهم التاريخي الذي غالباً ما يحمل الإجابات للأسئلة الكثيرة التي تراودنا اليوم.
على سبيل المثال، ما الذي نعرفه عن الدور المهم الذي لعبه أجدادنا في تثقيف العرب الذين نقلوا لهم علوم بلاد الرافدَين واليونان مثل الفلسفة والطب؟ من يعرف ان اصل تسمية شعبنا ولغتنا كانت “آرامية” في حين اعتمد اجدادنا المصطلح اليوناني الأصل “سرياني” (سوريويو) في أواخر القرن الرابع؟ من يعرف انهم كانوا يستخدمون كلا المصطلحَين على اعتبارهما مرادفَين ودائماً ما كانوا على دراية بأصلهم السرياني فعبروا عنه في كتاباتهم؟ وفي الواقع، كم من واحدٍ منا على دراية حقيقةً بأن اجدادنا كانوا يعتبرون “آرام” سلفنا الأقدم؟
ننسى غالباً ان لادراكنا الذاتي الضعيف تابعات على حاضرنا ومستقبلنا في بلداننا الأم وبلدان الشتات حيث يتجه عدد كبير من الناس الى فقدان هويتهم السريانية. نستمر في اقتراف الأخطاء نفسها لأننا لا نعرف إلا القليل عن ماضينا فلا نضمن مستقبل لنا في مسقط رأسنا. نستمر في الحديث مع بعضنا البعض عن نفسنا وكأننا نعاني من أزمة هوية ولا نفهم سبب انقسامنا الى مجموعات كنسية مختلفة ونعيش في اصقاع مختلفة لأننا لا نعرف سوى القليل عن تاريخنا. لا ندرك ان هذه السلبية في الكلام عن الذات تصبح نبوءة تتحقق في نهاية المطاف كما اننا لا ندرك ان جهل ماضينا وأدبنا الوطني هو ما يمنعنا من تحقيق وحدتنا الوطنية من خلال هويتنا السريانية الفريدة التي تشكلت من خلال لغتنا الفريدة التي لعبت دوراً فريداً في تاريخ الشرق الأوسط. فهي كانت، على سبيل المثال، لغة امبراطوريات عديدة وكانت اللغة المسيطرة في الشرق الأوسط لفترة ١٥ قرن قبل ان تُستبدل بالعربية بين القرنَين السابع والثامن. في الواقع، كانت الآرامية اللغة التي تحدث بها المسيح وتلاميذه وجميع آباء الكنيسة تقريباً.
– ما هي رسالتكم وما الذي يطلبه الشعب السرياني من الفاتيكان والعالم؟
إن مهمة الإتحاد السرياني العالمي هي تلبية النداء لحماية وصون حقوق الشعب السرياني وحريته ومساواته مع الشعوب الأخرى والترويج لتراث الأجداد الثقافي وضمان العدالة ووحدة الشعب على اعتبار ذلك عنصراً اساسياً للاعتراف بالدولة السريانية.
نعمل مع الكرسي الرسولي من مقر الأمم المتحدة في جنيف كما وننظم أنشطة مشتركة إلا أننا نأمل ان يضغط الفاتيكان أكثر بعد لصالح الوجود المسيحي المهدد في الشرق الأوسط. باستطاعة قداسة البابا وسفراء الكرسي الرسولي الذين يمثلون ربع أعداد السكان ان يسلطوا الضوء على خطورة الموضوع فتهتز الحكومات والبرلمانات ووسائل الاعلام. سيعاني العالم من خسارة كبيرة لو جردت أرض المسيحية من المسيحيين كما ومن شأن مسيحيي الغرب أن يخسروا مصدر الالهام لديانتهم وإيمانهم في الأرض التي ولدت إيمانهم الحبيب وأولى الكنائس.
يطلب السريان من العالم الاعتراف بمظالم الماضي والحاضر مثل إبادة ١٩١٥ – ١٩١٨ والإبادة التي تنفذها داعش منذ العام ٢٠١٤ كما ونطلب الدعم لكي يتمكن ما تبقى من الشعب السرياني الاستمرار في العيش في ارضه. إلا أن جوهر كل هذه المسائل يكمن في الاعتراف بشعبنا بصفته شعب – ليس فقط شعب له حقوق إنما كوننا شعب أصلي من جنوب شرق تركيا وسوريا والعراق ولبنان. ويمكننا بفضل هذا الاعتراف الحصول على صفة قانونية معترف بها في وطننا والعالم وبالتالي طلب دعمنا في مسائلنا الوطنية. لماذا هناك مثلاً يوم تضامن وطني مع الشعب الفلسطيني المعترف به دولياً والذي يحظى على المساعدة بالمليارات من المجتمع الدولي في حين لا يعترف أحد بالسريان ولا يحظون بالدعم والحماية؟ لا يجوز ان نستمر في صمتنا وتقبل كوننا مهمشين من قبل المجتمع الدولي خاصةً إن كان آخرون يحظون بمعاملة خاصة. إن اختار العالم البقاء غير مبالٍ وصامتٍ إزاء المسائل الخاصة بنا، علينا بالعمل أكثر بعد الى حين نكسر دوامة الصمت هذه ولا يسعنا القيام بذلك فعلياً إلا إن بدأنا بفهم قيم ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا والاعتراف بها وتقديرها.

ما هي رسالتك للشعب السرياني من حول العالم؟
علينا ان نستيقظ من سباتنا ونبدأ بتقدير ومحبة اللغة السريانية والمحافظة عليها تماماً كتراثنا وهويتنا. علينا ان تستيقظ وندرك ان جماعاتنا الكنسية من المارونية والسريانية الأرثوذكسية وصولاً الى الكلدانية لا تتنافس بل هي تعكس بطرق مختلفة الإيمان نفسه الواجب اعتباره مصدر غنى للشعب السرياني كما للبلدان النامية الأخرى في العالم مجموعات دينية وغير دينية تساهم في حماية رفاه الأمة بصورة عامة. هكذا، علينا رؤية الوان بعضنا البعض على انها ورود جميلة في الحديقة السريانية الفريدة. علينا ان نستيقظ وندرك اننا بالوحدة ننتصر وبالانقسام نسقط.
وعلينا ان نرتقي ونتوقف عن رؤية بعضنا البعض على اننا جماعات دينية مختلفة. علينا اعتبار أنفسنا جسداً واحداً يمكن ان يطلق عليه اسم شعب أو أمة. يمكنني على سبيل المثال أن أكون سرياني أرثوذكسي وأقدر في الوقت نفسه الكنائس الشقيقة مثل المارونية واعتبارها جزءاً من تراثي الوطني. أؤمن بأن هويتي قادرة على الاغتناء بفضل قصص رائعة وملهمة من مختلف الكنائس.

ما هي المعوقات التي يواجهها حالياً الشعب السرياني؟
نواجه معوقات خارجية وداخلية. على الصعيد الخارجي، لا دولة لدينا كما ولا تحمي أي دولة الشعب السرياني أو تراثه. على الصعيد الداخلي، يحتاج السريان الى تنظيم أنفسهم بطريقة أفضل متجاهلين من هو أهم أو من يتبوأ منصباً أفضل. علينا أن نضع مطامعنا جانباً وإدراك أننا كأفراد جزءٌ من جماعة. فدون الفكر الجماعي السرياني، حظوظنا في البقاء ضئيلة جداً.
وبالتالي، علينا تكريس فكرة اننا جسد واحد فنترجم ما قاله القديس بولس في رسالته الأولى الى أهل كورنثوس: “فإن كان عضو واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضو واحد يكرم، فجميع الأعضاء تفرح معه.” فندرك انطلاقاً من ذلك أهمية وحدتنا الوطنية وهذا ما يعكسه اسم منظمتنا غير الحكومية باللغة الآرامية “الاتحاد العالمي” الذي يشير الى عملية التوحد الجارية للجسد أو الشعب السرياني.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
قد يهمك ايضا