بكاء أمام القبر

وقفت مريم المجدلية أمام القبر الذي أشرق لنا منه الغفران شاخصة إلى المسيح ... كانت مريم واقفة عند القبر خارجًا تبكي (يو20: 11)، وعندئذ توقف البكاء وتبدد الحزن المريع، فقد سمع الرب صراخها
27 يناير 2020 - 14:00 بتوقيت القدس

اكتست السماء بغيومٍ قاتمةٍ ومَلأ الحزن قلوب التلاميذ الحيارى، وانكسرت النفس داخل المريمات والنسوة اللواتي خدمن الرب بكل امانة واخلاص. كيف ولماذا حدث هذا؟ تسائلوا وبكوا ولم يفهموا شيئا من مشهد الصيلب.

وسط هذه الظروف الصعبة لمعت محبة مريم المجدلية للرب الذي صنع معها اعظم احسان اذ اخرج منها سبعة شياطين. هذه اتت الى القبر باكيةً والظلامُ ما زال يكتنف الطريق والقبر والحجر.

لها بالذات ظهر الرب اولاً بعد القيامة! قبل ان يظهر لاحد اخر من التلاميذ المُعتبرين، وقبل ان يظهر لامه. لماذا؟ لاربعة اسباب على الاقل:
اولا، لانها احبت كثيرا اكثر من الباقين. لقد كان مجيئها للقبر تحت كنف الظلام البيّنة الاولى عن هذه المحبة القوية.

ثانيا، كانت في حالة ضعفٍ شديد. الرب رأى فيها كائنا ضعيفا يحتاج اليه. في ضعفها اتت الى الرب وهي عالمةٌ انه في القبر!

ثالثا، كانت عندها أشواق حقيقية للقاء الرب شخصيا. لم تعلم كيف مُمكن ان يتمّ مثل هذا اللقاء وسيدها في القبر، والقبر قد خُتم بحجر عظيم. لكنها لم تستطع ايقاف نهر اشواقها للقاء الرب.

رابعا، تميزت مريم بالاجتهاد في طلب الرب والسعي الى حيث هو موجود. انه في القبر! ليكن، فمريم لن تُوفّر جهداً للقائه.

في بقية تفاصيل القصة ما يشبع قلب كل مؤمن. عندما انحنت مريم الى القبر رأت ملاكين جالسين. ليس هذا منظراً عادياً، ولكن بالرغم من ذلك لم تكترث مريم بهذا المشهد لكن مشغوليتها كانت موجهة فقط نحو يسوع. قالت للملاكين: "أخذوا سيدي". اه يا مريم، يا لجمال اشواقك لسيدك. وسط عالم يسرق مجد الرب هل نصرخ كما صرخت مريم بنفس الأشواق؟

ظهر لها يسوع ولكنها ظنته البستاني. لا بد من السؤال: لماذا لم تعرفه؟ ربما بسبب كمية الحزن التي في قلبها؟ ربما مشغوليتها بجسد يسوع المُلقى في القبر وليس بشخص يسوع الحيّ؟ على كل حال، ناداها الرب باسمها: "يا مريم". ما ان سمعت اذناها صوت الرب يناديها باسمها عرفته في الحال، وانطلقت نحوه لتلمسه! لكنه اعترض طريقها قائلا: لا تلمسيني؟ لماذا يا رب؟ ها انت قد اتيت خصيصا لاجلها، والان تمنعها من ان تلمسك وتُشبع ضمأ اشواقها للقائك؟ اجابة هذا التساؤل هو رغبة السيد ان ينقل مريم الى دائرة علاقة جديدة اعظم بكثير من معرفته في الجسد: انها علاقة الايمان بيسوع الحي المُقام من الاموات.

واذ اخبرها الرب باعلان عظيم ان التلاميذ هم "اخوته"، اطلقها اليهم لكي تكون مريم رسولة الى الرسل حاملة بشارة القيامة!

يقينا يوجد وسط المؤمنين (اخوة واخوات) من هم بحاجة للعبور من دائرة دموع الحزن الى دموع الفرح. الامر مُتاح! تعالوا مسرعين الى الرب يسوع وقولوا له: نحبك.
"الذاهب ذهابا بالبكاء حاملا مبذر الزرع، مجيئا يجيء بالترنم حاملا حزمه" - آمين

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا