نصف يوم في عكا

تختلط الاصوات الاجشة للرجال بالاصوات الناعمة للنساء. تقلع السفينة بينما نرنم. للتسبيح في البحر نكهة خاصة. الذي نسبّحه لا يسود على اليابسة فحسب. انه يسود على البحار وهي تغطي أغلب الكرة الأرضية
09 سبتمبر 2012 - 16:23 بتوقيت القدس

اشتهر اهل عكا بأنهم اذا خرجوا من بلدهم- يحلفون بغربتهم. لكي نوفر عليهم حلفان وهم في غنى عن ذلك – ذهبنا نحن اليهم يوم السبت الماضي.

شدّينا رحالنا وسافرنا الى عكا للاشتراك في الفطور الشهري للخدام الانجيليين. وقد اتخذ الفطور هذه المرة طابعاً رقيقاً بتأثير الجنس اللطيف اذ دعى اليه الخدام ونساءهم والخادمات وأزواجهن. لم يقتصر التغيير على ذلك بل أيضاً على عقده على متن سفينة هناك...

يسهل السفر من الناصرة الى عكا يوم السبت صباحاً فالشارع الجديد متسع الارجاء كثير المسارات وحركة السير خفيفة.

البلدة القديمة في عكا تستيقظ متثائبة ومحلاتها تفتح ابوابها وتستعد لأن يؤمها كثيرون في يوم سبت يتميز بطقس مريح. نوقف السيارة بصعوبة بالغة قرب السور وفي زقاق يقود الى شاطئ عكا. بينما نمشي الى الشاطئ نمر بخان العمدان ونتذكر مشهد محاكمة يسوع الذي التقط هناك في فيلم المسيح الشهير الذي صوّرته جمعية "كامبوس كروسيد". نصل مطعم "ابو خريستو" المشهور الذي ما زال مغلقاً. لربما ذهب اصحابه لاصطياد السمك...

"سفينة ملكة عكا" تمتلئ رويداً رويداً بالخدام والخادمات الأفاضل (وهو نعت دخل الموضة وأصبح مبالغاً في التداول). تكاد تغفل عن البعض اذ كثيرون يلبسون نظارات الشمس فلا تعرفهم. اللقاء ظريف والشركة جميلة يرافقها نسيم بحر. ينشط البعض ،وخاصة من ألخادمات، في عملية تقديم الطعام للجالسين حول الطاولات. سلمت ايديهن.

بعد الفراغ من الأكل يصعد الجميع الى سطح السفينة العلوي. القبطان لا يبحر مباشرة لئلا تنقلب المعدات الحساسة ويطرأ ما لا تحمد عقباه. نسمع الهدير ويا خوف عكا من هدير البحر!

عكا القديمة - صورة من البحر
صورة لعكا القديمة من داخل البحر

شباب عكا المتسفعين ذوي البشرة السمراء الداكنة يقفزون من اعلى السور الى البحر. يا لجرأتهم ! هل نتجرأ مثلهم نعرّض انفسنا لخطر في سبيل شؤون أهم؟

يستلم الزوج كتناشو الدفة فالخدمتان اللواتي يقودانها ترعيان الفطور. سرعان ما يستدعيان مرنم كفرياسيف الحلو القس خالد ليقود الترنيم. تختلط الاصوات الاجشة للرجال بالاصوات الناعمة للنساء. تقلع السفينة بينما نرنم. للتسبيح في البحر نكهة خاصة. الذي نسبّحه لا يسود على اليابسة فحسب. انه يسود على البحار وهي تغطي أغلب الكرة الأرضية. البحر ليس هادئاً بشكل خاص . ماذا لو حدثت عاصفة وكدنا نغرق كما حدث مع التلاميذ في بحيرة طبريا؟ سيبكمها الرب بكلمة لا محالة ولربما اعطتنا النجاة دعوة اقوى للخدمة لشعورنا بضرورة افتداء الوقت . كما تذكرت يونان في السفينة. لو سقطنا في البحر مثله–لا سمح الله- لهرب الحوت لئلا نبلعه نحن...

ننتهي من الترنيم فتقام فعالية للأزواج تتضمن ابداء رأي كل من الزوجين بعبارات مختلفة وبعدها يقوم الزوجان بتقييم اجاباتهم مع بعض. بعض العبارات التي تطرح علينا متعلقة بالقيّم مثل "مهم جداً ان نكون ميسورين مالياً" واخرى نفسية المعنى مثل "اني حساس جداً للانتقاد، لكن ما اثار اهتمامي هو العبارات الفلسفية مثل " اعتقد ان الحياة قاسية احياناً" والعبارة الفلسفية العميقة للغاية: "غسل الصحون والأطباق مسؤولية الرجل"...

ابلى المشتركون بلاء حسناً في الاجابة على الاسئلة.

ثم تتالت الاعلانات والمشاركات عن كتب جديدة ومجلات ومبادرات وخدمات واجتماعات وفعاليات وغيرها مما زاد مَن اصيب بدوار البحر دواراً.

خلال اليوم تذكرت عبارة كنّا نستخدمها خلال الصلاة في حصص الدين ايام استاذنا الراحل طيب الذكر جورج لاتي وهي " بارك الذين في البر والبحر والجو". لقد عقد فطور الخدام في البر وتقدمنا الآن فعقد في البحر. تساءلت اية جمعية او كنيسة ستدعونا لفطور الخدام في المستقبل في الجو (على متن طائرة مثلاً)...

بالمجمل- كانت مبادرة جميلة. عدنا لليابسة وسرنا تجاه سياراتنا وإذ عكا تعج بالضيوف. آلاف الناس تبحث عن ترفيه وسياحة وكلها تحتاج لخدمتنا في ايصال رسالة الانجيل التي ائتمنا يسوع عليها اليهم.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا