تحليل نصراوي لأوضاع مصر

كانت مصر نعم الملجأ ليسوع الطفل الهارب من بطش هيرودس. لنصلي لتكون ملجأ لاتباع ذلك الطفل وليحضر الرب الازدهار والانفتاح ولننادي معهم "مبارك شعب مصر".
14 مايو 2012 - 14:57 بتوقيت القدس

تعتبر مصر اهم الدول العربية لكبر مساحتها وعدد سكانها ولحضارتها القديمة وثقافتها الحديثة. يولي المسيحيون العرب اهمية قصوى للمسيحيين المصريين اذ اعدادهم في مصر يفوق باضعاف باقي الاقطار العربية مجتمعة. كما ان ما يواجهه مسيحيو مصر-سلبا كان ام ايجابا- سيؤثر على باقي مسيحيي الشرق.

من هنا فمسؤوليتنا تكمن في الصلاة لأجل مصر في هذه الفترة الحرجة من الحقبة اللاحقة لثورة 25 يناير. ولكي نصلي بشكل مستهدف وواعي لتسديد الاحتياجات في مصر- من الضروري فهم ظروف مصر في هذه الايام.

تواجدت في مؤتمر في مصر لعدة ايام مما سنح لي الفرصة لمعاينة عن قرب للاجواء العامة في الدولة وسماع تخوفات المسيحيين وتحديات المرحلة –كما سأوردها فيما يلي.

قاد الرئيس حسني مبارك مصر بدكتاتورية واستشرى الفساد فيها وعانى السواد الأعظم من الشعب من فقر شديد وقمع الحريات. نظراً للشرارة الاولى في تونس لما يسمى "الربيع العربي" ونجاحها السريع دون سفك دماء- تشجع الشعب المصري وخرج هو الآخر للاحتجاج. الجيش لم يقف كالسد المنيع للدفاع عن الرئيس مبارك بل سمح بالاحتجاجات وبتوسعها مما قاد لتنحي مبارك دون وقوع مذابح (بعكس ما يحدث في سوريا الآن). تم اعتقال مبارك وتقديمه مع نجليه للمحاكمة التي ما زالت قيد البحث حالياً. ساهم كثير من المسيحيين في الثورة بشكل فعال وبرزت بينهم كنيسة قصر الدوبارة الانجيلية. البابا شنودة اتخذ موقفا مترددا من الثورة ولكن هذا لم يمنع انضمام مسيحيين للاحتجاجات.

المبادرة للثورة المصرية اتت من شباب وطلاب جامعيين من جيل الفيسبوك والمنفتحين على العالم واصحاب المواقف الليبرالية. انضم جماعة الاخوان المسلمين للاحتجاجات والثورة في مرحلة متأخرة وبعد ان حصدت عدة نجاحات.

تم تعيين ممثل عن الجيش لقيادة البلاد في الفترة الانتقالية هو المشير الطنطاوي ويقود الدولة معه مجلس عسكري .

جرت اولا الانتخابات لمجلس الشعب (البرلمان) واسفرت الانتخابات عن نجاح منقطع النظير للحركات الاسلامية اذ كسب هؤلاء (ما بين الاخوان المسلمين والسلفيين) حوالي 70% من الاصوات وتسلطوا على مجلس الشعب. توقع كثيرون هذه النتيجة نظراً ان هذه الفئات هي الوحيدة التي عملت في الشارع (وعملياً في المساجد) خلال فترة حكم الرئيس مبارك رغم الحظر الرسمي لها. كما ان هذه الفئات استلمت مبالغ طائلة من دول كالسعودية وقامت بتقديم اعانات مالية ومؤن غذائية لفئات الشعب الفقيرة فقام هؤلاء برد الجميل في صناديق الاقتراع. ترغب هذه الفئات تطبيق الشريعة الاسلامية في مصر وبطبيعة الحال تتخذ موقفاً متشدداً من المسيحيين وعبادتهم وكنائسهم.

تقف مصر اسبوع واحد قبل الانتخابات للرئاسية التي ستعقد في جولتها الاولى في 23-24 من آيار وسط ترقب كبير وقلق من مسيحيي مصر بعد التجربة الاولى لانتخابات مجلس الشعب كما اسلفنا.
المرشحون لهذه الانتخابات الرئاسية ينتمون لعدة تيارات:
1- تيار النظام القديم ممن كانوا مرتبطين بحكم مبارك: احمد شفيق (وكان رئيس حكومة مصر زمن مبارك وهو مرتبط بشكل وثيق بالجيش) وعمرو موسى وشغل منصب وزير خارجية مصر وبعدها سكرتيرا للجامعة العربية. نجح عمرو موسى لحد كبير في ازالة صبغة النظام القديم عنه عن طريق تقديم نفسه للجمهور بأنه كان معارضاً للرئيس مبارك .
خصوم هذه الفئة ينعتونهم ب-"الفلول"- اي بقايا النظام القديم.
كثير من المسيحيين يؤيدون عمرو موسى صاحب النهج العلماني وصاحب العلاقات الدولية بحكم اشغاله لمناصب عديدة في الماضي.

2- التيار الناصري: ممثله هو المرشح حمدين صباحي الذي ينادي بتبني مواقف ونهج قومي مثل الرئيس السابق جمال عبد الناصر. يعتبر هذا المرشح من رموز المعارضة للرئيس مبارك وكان قد حبس عدة مرات لنشاطه السياسي وانتقاده لمبارك والسادات في قضايا عديدة. شعبية هذا المرشح في تزايد كبير وخاصة بين الشباب. يعتبر توجهه علمانيا ومعتدلاً بالعلاقة مع مسيحيي مصر ومن هنا يكسب تأييد الكثيرين منهم.
3- التيار الاسلامي: يمثله الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح والدكتور محمد مرسي.الأول طبيب ومنشق عن حركة الاخوان المسلمين وقد قرر السلفيون تقديم دعمهم له. ويعتبر ابو الفتوح بحسب بعض الاستبيانات كالمرشح الأكثر حظاً للفوز في الانتخابات.
أما الثاني فهو مهندس في علم الفضاء وهو المرشح الرسمي لحركة الاخوان المسلمين وقد اصبح كذلك بعد شطب اسم المرشح الرسمي خيرت الشاطر من لجنة الانتخابات.

يخشى بعض المراقبين من اندلاع عنف بين مؤيدي المرشحين الخاسرين والفائز بعد صدور النتائج مما يقود لسفك الدماء. كما يطلق آخرون سيناريو يتحدث عن الغاء الجيش لنتائج لانتخابات في حالة خسارة المرشحين المفضلين عليهم (مثل احمد شفيق أو عمرو موسى) مما سيؤدي حتماً لتجدد الاشتباكات مع الجيش وسفك الدماء.

لنتحد مع اخوتنا المسيحيين في مصر للصلاة لأجل طابع هذه الدولة والي سيتحدد في السنين القليلة القادمة – بداية عن طريق الانتخابات وما سيتبعها.

كانت مصر نعم الملجأ ليسوع الطفل الهارب من بطش هيرودس. لنصلي لتكون ملجأ لاتباع ذلك الطفل وليحضر الرب الازدهار والانفتاح ولننادي معهم "مبارك شعب مصر".

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. شاول 14 مايو 2012 - 15:03 بتوقيت القدس
احسنت يا اخ بطرس الرب يباركك، تحليل منطقي وصحيح صلي جميعاً من اجل مصر وشعب الرب في مصر. احسنت يا اخ بطرس الرب يباركك، تحليل منطقي وصحيح صلي جميعاً من اجل مصر وشعب الرب في مصر.
2. Dan 14 مايو 2012 - 19:45 بتوقيت القدس
ملجئ آمن للمسيحيين ملجئ آمن للمسيحيين
لعله من الأفضل تخصيص سيناء لأقامة وطن قومي و دولة مستقلة للمسيحيين المصريين بحيث يتم إعطاء الأقباط حق تقرير المصير في بلد خاص بهم فيما لو أصر المسلمون على مطلبهم في تطبيق الشريعة الأسلامية. مثل تلك الدولة من المأمول أن تعيش بسلام مع كل من مصر المسلمة و إسرائيل، مع تأسيس جيش قوي حسن التدريب و التسليح و سلاح جو متفوق يضاهي سلاح الجو الأسرائيلي مدعوم أمريكياً و أوروبياً و إسرائيلياً يساعد في ضمان إستمرار حالة السلام القائمة بين مصر و إسرائيل. و لا بد من ترتيبات لتبادل السكان بين مصر المسلمة و مصر المسيحية مع إتفاقيات مالية و إقتصادية منصفة للطرفين. و من ذلك إقتسام ريع قناة السويس بين مصر المسلمة و مصر المسيحية و إسرائيل. هذا هو الخيار الأسلم لجميع الأطراف. فمن ناحية، تتمكن مصر المسلمة من تطبيق الشريعة الأسلامية دون إعتراص من المسيحيين. و من الناحية الأخرى يتمكن المسيحيون من العيش أحرار في بلد خاص بهم دون منغصات ربما تنبع من تطبيق الشريعة الاسلامية. و تكون مصر المسيحية في سيناء بمثابة منطقة عازلة بين مصر المسلمة و إسرائيل مما يسهم في إطالة أمد السلام القائم بين الطرفين و تجنيب الشعبين الأخوين ويلات الحروب في المستقبل. و من ناحية أُخرى، يمكن أن تصبح الدولة العلمانية ذات الأغلبية المسيحية في سيناء بمثابة ملجئ آمن للمسيحيين الراغبين بالفرار من سوريا و العراق و فلسطين و الأردن.