لقد اطلعت على ردود الكثير من أخواننا العرب في المواقع التي كتبت عن خبر الحريق الذي شبَّ قبل بضعة أيام في جبل الكرمل في حيفا. وأثارت الكثير من الردود انزعاجي وحزني العميق لما حملت في طياتها من الشماتة والاستشفاء والفرح بهذه الكارثة التي أصابت بلدنا وأرضنا وأخوتنا.
"بستاهلوا اللي صار لهم..."، "هذه ضربة من الله لهؤلاء السجَّانين للعذاب الذي عذبوه لمساجيننا..."، "الله لا يردهم، انشالة بينحرقوا جميعًا..". إلى آخره من الردود الكثيرة الأخرى التي تثير أقصى درجات الاشمئزاز، لما ممكن أن تأتي به روح الانتقام والمرارة والكراهية، والتي تحرق أولاً صاحبها، أكثر بكثير من الجهة المكروهة. والتي أيضًا لا تتناغم مع أبسط المبادئ الإنسانية.
طبعًا أنا أدرك جروح شعبنا وشعوره بالألم من إسرائيل، لكني أعرف أيضًا أنه فقط المسيح قادر أن يشفيه وينعم عليه بروح التسامح والغفران. وأما الشماتة، فهي تعطي الإنسان الذي قلبه مليء بالمرارة، جرعة مخدر من لذة الانتقام، تضفي على القلب شعور بالرضى المؤقت، لكن سرعان ما تزداد نار المرارة والكراهية في داخل القلب، ويجد الإنسان نفسه لا زال مثقلاً من التعب والألم دون شفاء.
طبعًا نشكر إلهنا أن هذا ليس موقف جميع العرب، فالكثير منهم عبر عن حزنه وألمه لهذه الكارثة، ومنهم أيضًا حكومات التي بالرغم من أنها ليست بعلاقة طيبة مع إسرائيل، لكنها مدت يد المعونة الإنسانية للتصدي لهذه الكارثة الكبيرة، من أمثال السلطة الفلسطينية وتركيا.
لقد شعرت أننا في هذا الوقت، ككنيسة وكمؤمنين بالمسيح، محتاجون أن نرفع ونعلن كلمة الله الحقيقية في وسط جميع الندائات الكاذبة الشريرة التي حولنا في هذا العالم المريض.
قيقول الله في كلمته الحقيقية الشافية:
"لاَ تَفْرَحْ بِسُقُوطِ عَدُوِّكَ، وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ." أمثال 24: 17.
"فرحًا مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين." رومية 12: 15.
وفي مرة من المرات جاء قومٌ بروح الشماتة والبر الذاتي للمسيح، حاملين له خبر فاجعة أصابت قومًا من الجليليين، كما روى لنا الوحي الإلهي:
"1 وَكَانَ حَاضِراً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ. 2 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمْ: " أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلاَءِالْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هَذَا؟ 3 كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ، بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ. 4 أَوْ أُولَئِكَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ (مدينة سلوان)
وَقَتَلَهُمْ أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِيأُورُشَلِيمَ؟ 5 كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ!
بَلْ إنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ"."
نعم كلمة المسيح الأزلية لجميع هؤلاء الشامتين هي: "أَقُولُ لَكُمْ! بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ." نعم عندما تنصب جامات الله على هذه الأرض ويصرخ سكانها قائلين لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ المسيح الديان العادل الذي سيقف أمامة جميع البشر للدينونة (رؤيا 6: 16).
ونرى في الكتاب أيضًا الكثير من الشعوب التي كابدت دينونة الله بسبب شماتتها بمصيبة الآخرين، مثل بني عمون وموآب وسعير (حزقيال 25 و35).
وفي نهاية هذه الرسالة، أقول لجميع الشامتين في هذا الحريق:
"لقد تم إطفاء الحريق الذي حدث في جبل الكرمل بمعونة الله، لكن سؤالي لك هو:
هل تم إطفاء حريق ونار المرارة والكراهية التي في قلبك؟؟؟
أقول لك أنه سوف لا تُطفأ هذه النار الحارقة التي في قلبك أبدًا، إلا إذا تُبتَ وأتيت للمسيح، لأنة هو الوحيد القادر أن يطفئها ويعطيك الراحة والشفاء، ويستبدل المرارة والكراهية بمحبة الله التي لا تسقط ابدًا.
قال يسوع:
" تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ." متى 11: 28.
وقال أيضًا:
" مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجاً، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ." عبرانيين 12: 15.
يا رب أشفي أرضي وشعبي، وأهلنا يا رب بنعمتك لنكون كنيسة تسير بيد الشفاء لجميع المجروحين والمتألمين في هذه الأرض. أيضًا يا ربنا المسيح، عزي بحسب وعدك جميع النائحين وجميع عائلات الضحايا التي وقعت كنتيجة لهذه الكارثة الكبرى.