السّامريّ الغريب

وفي عُصارى ذلك اليوم ، وفيما هم يتجاذبون أطراف الحديث المرّ ، سمعوا هرجًا ومرجًا ، فإذا بموكب السيّد يمرّ من هناك ...شابّ يشعّ نورًا ، وتطلّ المحبة من عينيه ....عرفوه ....ومن لا يعرفه ؟!! ألمْ يعرفه الشيطان قائلا : أنت ابن الله الحيّ!!
24 أغسطس 2009 - 12:26 بتوقيت القدس

ومزّقوا ثيابهم ، وغطّوا رؤوسهم ، وصرخ العشرة صرخةً واحدةً مُدوّية : "   نجس ، نجس .... لا تقترب "

وفهم القادم من بعيد ، العابر في السامرة  ، فَهِم َأنّ هؤلاء القوم يقعون تحت غضب الله ، وأنّهم بُرُصٌ....فخاف من العدوى ، وركض لا يلوي على شيء.

ضحكوا جميعهم ، ضحكوا من فزع عابر السبيل وهروبه الذي يثير الدهشة ، وغرقوا في الضحك حين بادر احدهم زميلا له قائلا :
كان عليك أن تقول عن نفسك "نجسَان" !!! فأنت يا صديقي أبرص وفي نفس الوقت سامريّ غريب الجنس وبالعبرية الأصيلة " غوي"
أرجوك ابتعد عني يا نجسان !!!
وغرقوا في الضحك من جديد ، ثمّ ما لبثوا أن عادوا الى واقعهم المرير : الجوع والعطش ،  النجاسة ، المرض ، الخطيئة ، التشرّد ، والذلّ والهوان.
ونظروا الى فوق ، الى السماء ، فمن هناك يأتي العون ، فهذا الوبأ لن يشفيه طبيب بشريّ ، بل طبيب الكينونة وحده ....إنّهم يذكرون اليشع النبي ونهر الأردن ونعمان السّريانيّ.

وفي عُصارى ذلك اليوم ، وفيما هم يتجاذبون أطراف الحديث المرّ ، سمعوا هرجًا ومرجًا  ، فإذا بموكب السيّد يمرّ من هناك ...شابّ يشعّ نورًا ، وتطلّ المحبة من عينيه ....عرفوه ....ومن لا يعرفه ؟!! ألمْ يعرفه الشيطان قائلا : أنت ابن الله الحيّ!!
عرفوه فدخل الأمل الى حياتهم ، وسرى الرّجاء في نفوسهم ، فصرخوا من بعيد :  " يا يسوع ، يا معلّم ، ارحمنا ".
واستجاب يسوع ، وكيف لا يستجيب وهو جاء لأمثالهم ؛ للبرص ، للعميان ، للصمّ ، للمُقعَدين والمظلومين....بل إنّه مرّ من هنا بالذات لأجلهم ..نعم ليست صدفة ، أنه تخطيط الهيّ.
وشفوا ، شفوا جميعهم ، شفوا قبل ان يصلوا الى الكاهن ، فالكاهن الأعظم قال كلمته ، والشّافي الأروع أمرَ ، والهدية لا بدّ أن تصل.
وصلت الهدايا ، هدايا من النوع الرّاقي ، النفيس التي تستأهل أن نقول لمعطيها ولمانحها : شكرًا ، شكرًا من الصميم ، شكرا من الأعماق ...أحسنت صُنعًا يا ربّ.
لكنهم لم يقولوا ، ولم يشكروا ، ونسوا في غمرة فرحهم وعودتهم لأهاليهم السيّد ، نسوا الواهب الشفاء ، والمانح العطايا ، نسوا الجميل وتشبثوا بالأنا !!!

السنا نفعل مثلهم ؟!
كم من مرة يا نفسي أجزل عليك العليّ النعم وسكتِّ ؟
كم من مرة مَنَّ عليك بالشفاء ، " فاستكثرت" على السيّد كلمة شكرًا ؟
كم من نسمة منعشة هبّت فأنعشتنا ، وكم من صباح جميل أشرق علينا بزقزقته وأنواره وبسماته ، وكم من مطر خيّر هطل على حقولنا ، فلم نشكر بل تأففنا أحيانًا ؟!!
كلنا برصٌ ، وكلّنا ناكرو جميل ، وقليلنا فقط كذاك الغريب الجنس ، السامريّ  "الغوي " ، الذي عاد يُمجِّد الله بصوت عظيم ، وخرَّ على وجهه عند رجلي الربّ شاكرًا له.
أين التسعة سأل يسوع بألم ؟ ألمْ يوجد من يرجع ليعطيَ مجدًا لله غير هذا الغريب الجنس ؟

" امضِ ...إيمانك قد خلّصك "  صرخ الربّ وما زال يصرخ بهمس :   أين الشكر ؟ أين الاعتراف بالجميل ؟ألم أنعم عليكم بالصّحة والعافية ؟ وأملأ خزائنكم بالذهب وحقولكم بالخيرات؟ ...

أترانا نسمع ، فنعود ونجثو ونشكر ؟!!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. رندا 24 أغسطس 2009 - 15:30 بتوقيت القدس
الرب يبارك الرب يبارك
الرب يباركك يا اخي كل المقالات الا بتقدمها رائعة جدا والى الامام
2. نجوى 25 أغسطس 2009 - 09:03 بتوقيت القدس
نعم لازم نصحى ونتذكر المعطي نعم لازم نصحى ونتذكر المعطي
غالبا ما نطلب بلجاجه كما في الكتاب واذا تاخر نستنجد باخوه ( صلوا معنا )ونوعد قبل .... الاستجابه,, نفي في البدايه ثم ننسى ارد على اسئلتك ايها الاخ المبارك زهير واقول نعم ننسى كثير!!! يسوع ليس بحاجه لنا هل يعطش ام يجوع كلنا نعرف سواقيه ملآنه ومخازنه فياضه لكنه ك آب سماوي يطرب لسماع صوت اطفاله هو يستحق الشكر والاعتراف بافضاله وخيراته** لكن جيد ان نكون بادب نتعامل مع ابن الله الذي هو ابن الانسان ,اذا كنا نتعامل معه بذوق فانه هكذا مع بعض الرب يباركك يا اخونا زهير سلام المسيح للجميع
3. فيولا اسبنيولي 01 سبتمبر 2009 - 23:59 بتوقيت القدس
واو واو
ما أجمل وما أعمق هذه الكلمات, التي يكتبها قلمك مترجما أفكارك... حقا كثيرا ما ننسى ما فعله وما يفعله الله من أجلنا وقليلا ما نتذكر أن نشكره بالرغم من ذلك ,الله لا ينسانا. بالفعل الله رحيم ,رؤوف, حنان وطويل الآناة . الرب يباركك أخ زهير ,في كل مره أقرا كلماتك أجد نفسي أتأمل هذه الحياة بحيت تنير قدامي عبرا عميقة حقيقية.