كمـا أنـا آتـي إلى فـادي الورى مُستَـعجِلا
إذ قُـلتَ نـحوي أقْبِلا يا حَـمَـل الله الـوَديـع
إنّها التّرنيمة الّتي لمسَت قلوب كثيرين، وأثّرت في حياة العديد من النّاس، ربّما أكثر من أيّة ترنيمة أخرى. وقد وُلِدت كلمات هذه التّرنيمة في قلب امرأة كتبتها من صميم شعورها بالفشل واليأس. وُلِدَت "شارلوت إليوت" في إنكلترا في 18 آذار 1789. عاشت، كشابّة، حياة طائشة؛ واكتسبت شعبيّة كبيرة كفنّانة وكاتبة هزليّة. عند بلوغها سنّ الثّلاثين، بدأت صحّتها تتدهور، وسرعان ما أصبحت عاجزة طيلة أيّام حياتها. ورافق هذا التّدهور الصّحّيّ شعور عميق بالكآبة والقنوط. في العام 1822، زار بيتها مُبشِّر سويسريّ هو الدّكتور "شيزر مالان". وكانت هذه الزّيارة نقطة تحوّل في حياتها؛ فبعد أن تحدّث معها عن حياتها الرّوحيّة ومشاكلها النّفسيّة، شدّد عليها لتأتي كما هي، كخاطئة، إلى حَمَل الله الّذي يرفع خطايا العالم. إثر هذا الحديث، سلّمت "شارلوت" حياتها للرّبّ. وهكذا، صارت تحتفل باختبارها الخلاص كلّ سنة، في تاريخ ذلك اليوم الّذي زارها فيه ذلك المُبشِّر السّويسريّ. وعلى الرّغم من أنّها لم تكتب كلمات هذه التّرنيمة إلاّ بعد نحو 14 سنة من تجديدها، أي في العام 1836، إلاّ أنّها لم تنسَ كلمات ذلك المُبشِّر، الّتي أصبحت لُبّ التّرنيمة: "كما أنا آتي...". كتبت "شارلوت" حوالى 150 ترنيمة خلال مرضها. وهي تُعتبر من أهمّ النّساء الإنكليزيّات اللّواتي كتَبنَ ترانيم. وبعد وفاتها، ورد أكثر من ألف رسالة من أشخاص حول العالم، يُخبرون بما فعلته هذه التّرنيمة في حياتهم. إنّ الأبديّة وحدها سوف تكشف لنا عن الأشخاص الّذين تغيّرت حياتهم بفعل هذه التّرنيمة الّتي كتبتها هذه المرأة. إنّها ترنيمة مميَّزة في حياة الخطاة والمؤمنين على حدّ سواء. فنحن، كمؤمنين، يجب ألاّ ننسى مضمونها أبدًا، إذ إنّ موقعنا الأبديّ وسلامنا مع الله مبنيّ، ليس على أعمالنا، بل على عمل المسيح عنّا. فلنأتِ إليه كما نحن، وهو يقبلنا ويُغيّرنا إلى الأفضل، إلى شبهه.
الكاتب: ندى طرابلسي
المؤلِّفة: شارلوت إليوت (1789-1871).
المُلَحِّن: وليام برادبوري (1816-1868).
عاشت "شارلوت" 82 سنة، إلاّ أنّها لم تستعِد صحّتها قطّ، وقد عانت الكثير من الآلام. ومع هذا، فقد ذكرت في العديد من كتاباتها مراحم الرّبّ وإحساناته ومرافقته لها يومًا بعد يوم. وكتبت التّرنيمة سنة 1836، ونُشرت في تلك السّنة عينها في كتاب ترنيم لها يحتوي على 115 ترنيمة من تأليفها. وقد كتبتها بهدف المساهمة ماديًّا في بناء مدرسة لأولاد المُرسلين وخدّام الرّبّ، بخاصّة أنّ أخاها كان خادمًا للرّبّ. واللاّفت، أنّ هذه التّرنيمة، وبشهادة أخيها، عادت بتبرّعات على المدرسة أكثر من "بازارات" ومشاريع أخرى قاموا بها.