هيئة علماء السودان تطالب الحكومة بمحاربة الفساد "بإخضاع الوزراء لمشاهد يوم القيامة" قبل تعيينهم

ما انفكت هيئة علماء السودان تخرج كل حين بتصريحات ومواقف مثيرة للدهشة والاستغراب، وكان آخرها مطالبتها للحكومة بإخضاع الوزراء ووكلائهم لدورات تدريبية عن مشاهد يوم القيامة قبل تعيينهم بهدف تخويفهم
08 ابريل 2019 - 13:26 بتوقيت القدس
وكالات، لينغا

طالبت هيئة علماء السودان الحكومة بإخضاع الوزراء ووكلائهم لدورات تدريبية عن مشاهد يوم القيامة قبل تعيينهم بهدف تخويفهم حتى يؤدوا أعمالهم بتفاني.

وقال عضو الهيئة حسن أحمد حسن في ندوة بعنوان "الآثار الاجتماعية للأزمة الاقتصادية ومنهج التعامل معها" إن إخضاع الوزراء ووكلاء الوزارات لتلك الدورات "يرمي في قلوبهم المهابة والخوف"، كما حذر التجار من خطورة ظاهرة الغش وطالبهم "بوضع لوحة إعلانية مكتوب عليها الآيات الأولى من سورة المطففين للتذكير بأمر الغش وما يترتب عليه!".

وقال مراقبون ان هذه الدعوة الكوميدية لمحاربة الفساد والغش عبر التدريب على مشاهد يوم القيامة والتخويف تعبر عن حالة الاغتراب العقلي التي يعيشها رجال الدين، وهي حالة تعكس مدى الجمود والابتعاد عن الوعي الذي صاحب قيام الدولة الحديثة وما ارتبط بها من أنظمة سياسية تحارب الفساد بوسائل أكثر قدرة وفعالية.

الفساد انتشر رغم تطبيق النظام الحاكم لبرنامج "أسلمة الدولة والمجتمع"، وفي واقع الأمر فقد كان ميدان "القيم" هو أكثر الميادين الدالة على هزيمة ذلك البرنامج الذي نثر الوعود بإنزال المبادئ الأخلاقية المُتضمنة في الدين الإسلامي إلى أرض الممارسة، والذي تم الترويج له في مقابل الدعوات السياسية الأخرى.

اصبح هناك تناسب عكسي في السودان ين مظاهر التديُّن الشكلي والأخلاق العامة والخاصة، إذ تزايدت الأولى بصورة واضحة لا تخطئها العين بينما تدهورت الأخلاق بشكل مريع وغير مسبوق.

صحيح أن أعداد المصلين بالمساجد كانت في السابق أقل مما هي عليه في الوقت الراهن، ولكن الصحيح أيضا أن الفساد لم يكن في الماضي منتشرا بهذا الشكل المرعب، ولم تكن الرشوة جزءا من الحياة اليومية للموظف أو المسؤول، ولم يكن الاحتيال متفشيا بهذه الصورة المخيفة، ولم تكن السرقة والاغتصاب والقتل والنهب تمثل خطوطا يومية ثابتة في صفحات الجرائد!

إن ذات الأشخاص الذين يحرصون على أداء الصلاة في الصف الأول ويذرفون الدمع خشوعا عندما يُتلى القرآن ويأتون بجميع الأوراد، هم أنفسهم الذين يحلفون بالله كذبا في السوق، ويبيعون البضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية، ويطففون في الميزان ويأكلون حقوق الناس بالباطل.

ومن ناحية أخرى، فإن المجتمع لم يكن في الماضي يعيش هذه الحالة من النفاق العام الذي لم يقتصر على احتفاء الأفراد بالمظاهر الخارجية للتدين على حساب السلوك القويم، بل امتد إلى ممارسة العبادات بذات الطريقة الاحتفالية التي أفرغتها من محتواها الحقيقي وغايتها الأصلية بوصفها علاقة خاصة جدا بين العبد وربه.

استشرى الفساد السياسي والأخلاقي وانتشر النفاق الاجتماعي بصورة غير مسبوقة رغم تطبيق برنامج أسلمة الدولة والمجتمع، مما يعني أن دعوة هيئة العلماء لتخويف الوزراء بمشاهد يوم القيامة وتذكير التجار بسورة المطففين تمثل حلولا ساذجة لمشكلة أعمق وأكثر تعقيدا من أن يتم علاجها بهذه الطريقة الشكلية.

طبيعة البشر لا يمكن صدها بهكذا وسائل، ولن يكفي في ذلك التعويل على المظاهر الخارجية للتدين أو التخويف بمشاهد يوم القيامة. لن تكفي زبيبة الصلاة مهما كبر حجمها، أو اللحية مهما بلغ طولها، أو الإكثار من التكبير مصحوبا برفع الإصبع السبابة.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
قد يهمك ايضا