بعد شهور طويلة من الاعمال الاجرامية التي يقوم بها عناصر الدولة الاسلامية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، يقول المسيحيون العرب ان عدد المسلمين المتطرفين في فلسطين واسرائيل آخذا في الارتفاع واصبحوا أكثر عدوانية تجاههم. وقد برز ذلك في الشهور القليلة الماضية على شكل اعتداءات جسدية، خطب دينية عنصرية ولوحات اعلانية مستفزة.
ويقول القادة المسيحيون الفلسطينيون ان ليس كل المسلمين في الاراضي الفلسطينية والاسرائيلية متطرفين، وان بعض الشيوخ المسلمين يحاولون التخفيف من آثار الفكر المتطرف. لكن من جهة أخرى اصبح عدد كبير من الفلسطينيين متعصبين دينيا، والمسيحيين لا يشعرون بالأمان وسطهم، أو على الاقل يشعرون بانهم غير مرغوب فيهم. كان هناك توترات تحصل في السابق ولكنها كانت منحصرة بين افراد من المسلمين مع افراد من المسيحيين، لكن اليوم التوترات ازدادت واصبحت "نحن او هم" بحسب العقلية الاسلامية المتطرفة.
في الناصرة، البلدة التي عاش فيها السيد المسيح، علق رجال الدعوة الاسلامية يافظة امام كنيسة البشارة لاستفزاز المسيحيين وتحذيرهم من ايمانهم بعقيدة الثالوث. جاء فيها: "يا أهل الكتاب (المسيحيين)! لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق (الله الواحد الحقيقي) إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فآمنوا باللَّه ورُسله، ولا تقولوا ثلاثة (الثالوث). انتهوا خَيرا لكم (توقفوا)! إنما الله إله واحد، سبحانه أن يكون له ولد (سورة النساء ١٧١)."
الحركة الاسلامية في شمال اسرائيل لها دور كبير في هذه التوترات، فقد اعلن سكرتير الحركة، الشيخ كمال خطيب، في تشرين الاول/اكتوبر 2014 ان القدس ستكون عاصمة الخلافة الاسلامية، لا فلسطينية ولا قومية، اسلامية اسلامية.
عندما احتفل الشعب الارمني المسيحي في ذكرى الابادة الارمنية التي وقعت عام 1915 على ايدي العثمانيين والتي راح ضحيتها حوالي مليون ونصف مليون مسيحي أرمني، رفع المسلمون الفلسطينيون في حرم المسجد الاقصى اعلاما تركية، تضامنا مع المسلمين الأتراك ضد المسيحيين.
وفي المسجد الاقصى، علّم الخطيب والمدرس في المسجد، الشيخ عصام عميرة، ان على المسلمين قتال غير المسلمين حتى لو كانوا مسالمين لا يعتدون على احد واخضاعهم لدين الله على حد تعبيره، مؤكدا ان على المسلمين دعوة غير المسلمين الى ثلاثة خصال: الاسلام او الجزية او القتال، مشددا على الاستعانة بالله ومقاتلة غير المسلمين حتى لو كانوا مسالمين، في اشارة الى المسيحيين وغيرهم، مما اثار موجة واسعة من الانتقادات في المواقع المسيحية المحلية والعالمية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
في القدس، وبعد اسبوعين من اعلان الدولة الاسلامية في ليبيا عن ذبح وقتل 28 مسيحيا اثيوبيا، وبعد اسبوع من الدرس الذي قدمة الشيخ عميرة في المسجد الاقصى عن قتال غير المسلمين حتى لو كانوا مسالمين، قام ما بين 60 – 80 شابا مسلما بالاعتداء على دير الحبش (الاثيوبي) وتحطيم الصليب وبعدها القوا الحجارة على بيوت حارة المسيحيين المشهورة بحارة النصارى وهم يصرخون "يا عبد الصليب".
وفي الاراضي الفلسطينية، رفع حزب التحرير في فلسطين يافطة بالقرب من حاجز الجيب الذي يفصل بين مدينة القدس ومدينة رام الله، كُتب عليها دعوة من حزب التحرير الفلسطيني، بمناسبة ذكرى هدم الخلافة، وتدعو الشعب الفلسطيني الى حضور مؤتمر تحت شعار "الخلافة على منهاج النبوة هي ميراث النبوة التي نقيم بها الدين".
ويخشى المسيحيون الايديولوجيا الآخذه في الانتشار بين الشباب المسلم في فلسطين واسرائيل دون رفض العقيدة المتطرفة وتكفيرها من قبل شيوخ المسلمين.
ان السلطة الفلسطينية برئاسة ابو مازن معروفة بين المسيحيين بعدالتها واحترامها للاقليات لكنها فقدت صوتها بين المسلمين، ففي الانتخابات الاخيرة التي حصلت في جامعة بيرزيت، فاز مؤيدو الحركة الاسلامية حماس على مؤيدي السلطة بفارق كبير في عدد الكراسي، مما اثار تخوفات من التحولات الحاصلة وسط الشعب الفلسطيني المسلم، متذكرين المعاناة التي لحقت بمسيحيي غزة مع صعود حماس والتيارات الاسلامية.
اعلان كتائب فلسطينية في غزة مبايعة الدولة الاسلامية وأميرها ابو بكر البغدادي زاد الطين بلة، فحركة حماس الاسلامية المتشددة تعتبر اكثر رحمة منهم. هم في عداوة مع حماس لتلقيهم الدعم من ايران الشيعية! فاذا كانوا في عداوة مع اخوتهم المسلمين من حماس فماذا سيفعلون بالمسيحيين المتبقين في غزة اذا سيطروا على القطاع لا سمح الله؟
ان الايديولوجيا الاسلامية المتطرفة تنتشر في الاوساط العربية كالسرطان في الجسم، دون رادع او مقاومة تذكر... بل الاسوء من ذلك أن اعضاء الكنيست العرب يتجاهلون الواقع الجديد الذي يقسم المجتمع العربي ضاربا القضية الفلسطينية عرض الحائط، منشغلين في قضايا أخرى يعتبرونها اكثر اهمية.
يجب علينا كمسيحيين ان نستمر في الصلاة من اجل شعبنا العربي ومن اجل السلام الحقيقي ونبذ العنصرية والتطرف، مصلين الى الله ان يعمل على تغيير القلوب ويكشف الاعيب الشيطان الذي يبث الكراهية بين الناس ويشجع على القتل وسفك الدماء.