ما زالت ردود الفعل الغاضبة تتوالى على اللقاء الذي تم في كنيسة ماريعقوب في يافة الناصرة يوم امس الجمعة، تحت مسمى "منتدى الطائفة المسيحية" حول تجنيد الشباب المسيحي في الجيش الاسرائيلي. ومن الواضح انه لم يتم مسبقًا الاعلام عن مكان لقاء هذا "المنتدى" والذي يهدف بطبيعة الحال الى تشجيع الشباب المسيحي في إسرائيل على الانخراط في صفوف الجيش. لم يتبين من قام بالدعوة له لكن يتردد اسم الكاهن جبرائيل نداف كأحد الداعيين لهذا "المنتدى"، حيث ورد اسمه على بطاقة الدعوة الشخصية لهذا الحدث وقد مُنعت وسائل الاعلام العربية من تغطيته وسُمح فقط لوسائل الاعلام الاسرائيلية بحضوره بحسب ما نشر احد المواقع الاليكترونية.
هذا وقد صدرت العديد من بيانات الادانة والشجب لهذا "المنتدى" من عدد من الاحزاب السياسية العربية في إسرائيل بالاضافة الى بيان من مجلس بلدي يافة الناصرة وبيان صدر بأسم "أبناء الطائفة الارثوذوكسية في يافة الناصرة" يستنكرون به اقامة اجتماع التجنيد هذا ويدينون استغلال بعض رجال الدين هذا اللقاء لمنصبهم الديني لأهداف بعيدة كل البعد عن أهداف الكنيسة الحقيقية ورسالتها الانسانية والدينية الرفيعة. وقالوا في بيانهم ان هذا اللقاء لا يمت للطائفة باي صلة، ويؤكدون التزام ابناء الطائفة بالخط الوطني وبقرارات لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية ولجنة المتابعة العليا رفض الخدمة المدنية والعسكرية بجميع اشكالها.
وقام مجموعة من الناشطين السياسين بمحاولة الدخول الى اللقاء والتعطيل عليه وتم طردهم الى الخارج. وفي هذا الاثناء، نظمت القوى السياسية في يافة الناصرة تظاهرة على الدوار المركزي في البلدة ضد "المنتدى" رافعين لافتات منددة بتنظيمه وهاتفين ضد الأب جبرائيل نداف، أحد القيمين على هذا المشروع وهاتفين ضده قائلين، "يافة حرة يا نداف برة برة " و"ارحل عنا يا نداف يافة ليست لك " وشعارات عديدة اخرى. وشارك في التظاهرة ايضا عدد من اعضاء الكنيست العرب وعدد من مسؤولي السلطات المحلية في إسرائيل.
وكان لقاء مشابه قد تم في شهرتشرين الاول/ اكتوبر الماضي، في مدينة الناصرة العليا بحضور الكاهن جبرائيل نداف ولاقى شجب واستنكار شديدين مما دعى مجلس طائفة الروم الارثوذوكس الى اخذ قرار بمنعه من دخول كنيسة البشارة في الناصرة، بعد اتهامه اياه بتلطيخ اسم الطائفة ومواقفها الوطنية.
وكان الكاهن نداف قد قال في مقابلة إذاعية مع راديو صوت إسرائيل قبل عدة أيام، "هل سنبقى نحن العرب نحرم أبناءنا من العيش في هذه الدولة والحصول على حقوقهم الكاملة"؟ "وهل يرضي قادتنا وضع شبابنا"؟ "هل نلوم فقط الحكومة بوضعنا في الداخل؟ واضاف مدافعًا عن اتهامه بالخيانة والعمالة"؟. " الخائن هو الذي يحمل جنسية الدولة ويخدم مصالح دولة معادية لدولته وينعت جيشها بالإحتلال ومنتسبي الخدمة الوطنية والمدنية بأنهم حثالة أو خون".
وهاجم الكاهن نداف في المقابلة نفسها، مجلس طائفة الروم الارثوذوكس في الناصرة، لتحويله ساحة كنيسة البشارة في الناصرة الى ساحة رقص وخلاعة ومشروب، وكيف ان الشباب يشربون ويتقيئون ويتحرشون بالبنات واللبس والخلاعة والرقص وامور لا تصدقها العين، على حد قوله.
ويبقى امامنا في موقع لينغا، عدة اسئلة شرعية حول هذا التحول عند الشباب المسيحي نحو الخدمة العسكرية في الجيش قد لا نجد لها جواب اليوم. هل هذا التحول هو بسبب ظهور الحركات الاسلامية ومحاولة اسلمة المجتمعات في الدول المجاورة لنا؟ هل بسبب التضييق والاضطهاد وحتى القتل ضد المسيحيين في سوريا ولبنان ومصر والخوف ان يمتد هذا الامر الى بلادنا؟ وهل يشعر الشباب المسيحي في بلادنا بالغبن ويعانون من التمييز ضدهم ومعاملتهم كمواطنين درجة ثانية كما يُعامل باقي المسيحيين في الدول العربية والاسلامية؟
يحصل الدروز في اسرائيل على حقوقهم بشكل افضل من باقي العرب (رغم ان الواقع احيانا غير ذلك) كونهم يؤدون الخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي بشكل أجباري للذكور ومنهم من ينال امتيازات افضل ومناصب عليا في الجيش. فهل مخاوف المسيحيين السابقة تجعلهم يريدون ان يحذو حذو الدروز لنيل "المساواة والحقوق" التي يحصل عليها كل من خدم في الجيش مثل الحصول على مطامع مادية كالحصول على تخفيض عند شراء قطعة ارض او ما شابه؟
وقد يشعر بعض المسيحيين الملتزمين بايمانهم المسيحي، فرصة لتطبيق الوصية الكتابية التي تدعوهم ان يطيعوا السلطات ويخضعوا لها ، فلذلك لا يمانعون الخدمة العسكرية او الخدمة الوطنية. تلك بعض التساؤلات التي قد لا نجد لها جوابًا في الوقت الحالي.
قبل عدة شهور، قمنا في موقع لينغا بعمل استفتاء حول راي الناس في خدمة المسيحيين في الجيش الاسرائيلي. اشترك في الاستفتاء اكثر من 700 شخص، حيث تبين أن 62٪ كانوا ضد التجنيد، و24% مع التجنيد، ولم يقرر 14٪ بهذا الخصوص، يعني حوالي 40% من المشاركين لم يكونوا ضد التجنيد.
هذه الاسئلة وغيرها نتركها بين ايديكم لعلنا نجد اجابات لها ونحن نترك لكم المجال للنقاش والحوار حول هذا الموضوع.
فيديو يظهر محاولة اقتحام قاعة اللقاء
صور لاحتجاج يوم امس مأخوذة من موقع عرب 48
شكر خاص لصفحة "المسيحيين الفلسطينين" على الفيس بوك لمساعدتنا بتوفير بعض المصادر للخبر.