الخوف المسيحي في المجتمعات الاسلامية

إن المسيحي، في المجتمعات ذات الغالبية الاسلامية هو ضحية عقدتين، الأولى هي "عقدة التفوق" والثانية "عقدة الخوف"، فالمسيحي يعتبر نفسه متفوقاً على المسلم في مجال العلم، وبالتالي صاحب حقٍ في الحكم او في...
14 أكتوبر 2013 - 11:44 بتوقيت القدس
باسل قس نصرالله / زينيت

إن المسيحي، بنوع خاص - في المجتمعات ذات الغالبية الاسلامية – هو ضحية عقدتين، الأولى هي "عقدة التفوق" والثانية "عقدة الخوف"، فالمسيحي يعتبر نفسه متفوقاً على المسلم في مجال العلم، وبالتالي صاحب حقٍ في الحكم أو في التقدم والامتيازات، غير أنه يعرف أيضاً أن الديمقراطية في النتيجة هي حكم الأكثرية ولذلك فهو يتوجس ريبةً من المسلم الذي يطالب بالحكم باسم الأكثرية.

من هنا تبدأ المشكلة ويبدأ الخوف المسيحي الدفين منذ مئات السنين ضمن دهاليز النفس البشرية، مترافقاً مع صور من التطرف الذي رافقته اضطهادات، لأن المجازر التي وقعت في بدايات القرن العشرين في أيام العثمانيين تتراءى أمامهم، وكأن المسلمين يستعدون لشن حملة اضطهاد على المسيحيين في أي لحظة، الأمر الذي ينكره العقلاء، وكل من يفهم ما معنى الوحدة الوطنية والإخاء الديني والعيش المشترك، ولأن هذه التصرفات كانت بغالبيتها غير مسؤولة، فتَوجَهَ المسيحي الى "التقية" وشارك في العصر الحديث بمهرجانات وكرنفالات الحوار الديني واللقاءات التي كانت تغذّيها حكومات لم تَفهم الخوف الحقيقي لدى المسيحي، فبقي دعمها يقع ضمن هدف تحسين صورتها واستخدام الورقة المسيحية في لعبتها السياسية، ولم يَصعُب عليها أن تَجد من يُساعدها - مدفوعاً بالحصول على بعض المكاسب - في تنفيذ نظرتها قصيرة المدى، وأعني منهم بعض رجال الدين المسلمين والمسيحيين أو المتسلقين والنَكِرات غير المُعرَّفَة الذين يرغبون أن تمنحهم هذه الحكومات بعض المناصب و "ال" التعريف.

لقد وقف بعض المسيحيين، أفراداً وجماعات، حيال الاسلام موقف الخوف، أو الحذر، أو الانعزال والانكماش إما على الذات والامتناع عن الانخراط في المجتمع (وهو في اكثريته مجتمع إسلامي) وعيش مشاكله والمشاركة في آماله وتطلعاته (مشكلة التخلف والنمو، مشكلة التبعية والاستقلال، مشروع العروبة والتطلع الوحدوي) وإما التطلع الى الخارج أي الى الغرب، والاستقواء به (سواء مباشرة او بطريقة غير مباشرة، اي اخذ منحى الغربنة او التغريب).

هنا توَّجَهَ المسيحي في السابق الى الهجرة، (اليوم اصبحت ظاهرة الهجرة خطيرة لان الذي يغادر لا يعود) وتوجه مدفوعا بالخوف من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وليس مدفوعاً بخوفه من المسلم بشكل منفرد، بقدر الخوف من الأمية الاسلامية ومن الاسلام المتعصب، فبالنسبة الى المسيحيين، يتمحور الخوف حول مسألة إقامة نظام اجتماعي سياسي إسلامي يكون له نتائج على أوضاع غير المسلمين وعلى حرياتهم. مازالت هنالك الى الآن أسباب تدعو الى هجرة المسيحيين من المنطقة، وواحدة من هذه الاسباب عقدة الشعور بالخوف من المستقبل، فأمام موجة التعصّب وسوء التفاهم، وأمام التيار الأصولي المتنامي والانتشار الاسلامي السريع في البلاد العربية والاسلامية من جهة، وفي بقية البلدان في العالم من جهة أخرى (وهو ما يحدث الآن في بقع متعددة من العالم تحت ستار التطرف الاسلامي وهو ليس الّا تصرف لأسباب متعددة أُخرى)، يتنامى الشعور بالخوف من المستقبل ومن استمرارية روح العيش المشترك بين المسيحية والاسلام تغذيه تقصير بعض الحكومات والأحزاب التي لم تُبحر في عمق الخوف المسيحي، وربما يكون هذا العامل النفسي غير صحيح، لكنه في الواقع موجود.

إن على المجتمع ذي الغالبية الاسلامية وعلى المسلمين بالأخص، طمأنة المسيحيين على مشاركتهم في هذه المجتمعات كمواطنين كاملي المواطنة، إضافة الى كل ما طرحته سابقاً، وهذه الطمأنة لا تأتي خلال شهر او أكثر بقدر ما يلزمها الكثير الكثير من السنوات، وإلا فإننا سنتوجه الى مجتمعات شرق أوسطية خالية من المسيحيين. أما أنا فلسان حالي يقول مع توفيق زياد: ولن نرحلْ إنَا هنا لنا ماضٍ وحاضرٌ ومستقبلْ.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. سامر 14 أكتوبر 2013 - 10:29 بتوقيت القدس
ِ>>>> ِ>>>>
لا يوجد مستقبل للمسيحيين مع مجتمع اسلامي والاسلام لا يمنح الغير مسلم المواطنه الكامله. من الاخر الحوار معهم لن يأتي بشيء. وللاسف المسيحيين في الشرق متاثرين بشكل كبير في "الحضاره" الاسلاميه والعادات والشعارات الاسلاميه. عندما يعيش المسيحي الشرقي في الغرب يعرف معنى الحريه وينال حقوقه كامله. الاسلام لا يعرف معنى مجتمع, دوله , حقوق, واجبات, اقليات يعرف فقط شيء واحد شريعه اسلاميه لذلك الحوار معهم لا يفيد.
2. fauzi mowafak 14 أكتوبر 2013 - 17:24 بتوقيت القدس
كلام يبث الروح الانهزامية كلام يبث الروح الانهزامية
ان الكاتب غير مطلع تماما على الكتاب المقدس لذلك نراه ينشر روح الانهزامية والخوف بدلا من روح الايمان .. فبدا ً من التشجيع على نشر البشارة نراه يتحدث عن الخوف وينسى ان المسيحيين هم في اوطانهم يعيشون من مثات السنين وإن كان توجد حالات اضطهاد او غير ذلك فهي بسبب ضعف ايمانهم وتمسكهم بتعاليم العالم بدلا من تعاليم السيد المسيح ... الحل هو بالرجوع الى الرب والتمسك به وبتعاليمه وعدم النظر الى المشاكل والصعوبات ... . مع تحياتي
2.1. جواكين 14 أكتوبر 2013 - 18:19 بتوقيت القدس
أين هم المسيحيون؟
قبلم نشر البشارة يجب عيش البشارة. ففاقد الشيء لا يعطيه. هل يوجد أي أحد في أي مكان يعيش التعاليم الحقة ليسوع المسيح؟ أنا لم أرَ أي أحد. النتيجة هي أنه لا مستقبل للمسيحيين؛ لا في الشرق و لا في الغرب. هم ملح هذه الأرض الذي فقد ملوحته فلم يعد ينفع لشيء سوى أن يطرح في الشوارع و يداس من الناس. ليس هناك من المسيحية سوى الأسم في عالمنا المعاصر. بإسم المسيحية و لخدمة المسيحية ترتكب اليوم شتى صنوف التعديات على الوصايا العشر و حقوق الناس.
2.2. مسيحي حر 15 أكتوبر 2013 - 12:51 بتوقيت القدس
نحن نتعامل مع ايديولوجيا اسلامية تكفيرية
المسيحية في الشرق الاوسط حالها هكذا اليوم بسبب الاسلام الغازي المحتل وليس بسبب اان المسيحيين غير مؤمنين. انظري ما حدث في لبنان على سبيل المثال. هل مسيحيو لبنان ارادوا حربا ضد اسرائيل ؟ ام هم المسلمين الذين جروا لبنان مرة تلو الاخرى الى حرب ضد اسرائيل وبالتالي تعرض لبنان لما تعرض له من هجرة مسيحيين بسبب المسلمين الذين يريدون ان يحاربوا كل ما هو غير مسلم. فليذهبوا ويحاربوا اسرائيل من اراضي الاردن. ولكن هم يفضلون لبنان لكي يجروا المسيحيين الى حرب مشتركة مع اسرائيل. الناصرة وبيت لحم احتلت على يد المسلمين بمنهجية بطيئة. هذا هو الاسلام دين استعماري ممنهج.
قد يهمك ايضا