كتبتُ إليكَ لو يصِلُ البريدُ – وفي قلمي إذا شِئتَ المزيدُ
كتبتُ وحين يدفعُني ضميري – يُطِلّ الوحيُ والرُّوحُ الرَّشيدُ
لِـأختار المقالة أو قريضًا –يسُرّ النفسَ حاولهُ العديدُ
ولمْ ينجحْ كما نجح القدامى –ومنهمْ نستزيدُ ونستفيدُ
لأنّ الوزن في نظري امتيازٌ – فلا شِعْرٌ بلا وزنٍ قصيدُ
يُزيّنُهُ الرَّويُّ من القوافي – وما عن شكل قافية حُيودُ
فشُكرًا لامرئ القيس بْنِ حُجْرٍ – أجادَ بهِ وعارضَهُ عَبيدُ
أيُهمَلُ مَن أتوا بمعلَّقاتٍ – إذا بادَ الزمان فلا تبيدُ
هَلِ الأعشى وطرفة غاب يومًا– بَديعُهُما وهل وَلّى لبيدُ
بل انتعشتْ بحورُ الشعر عندي – فما صَعُبَ الطّويلُ ولا المديدُ
ليُبحِرَ قارِبي في كلّ بحر – وتنبُتَ في شواطئِهِ ورودُ
فلا إخلالَ بالمعنى ولكنْ – معاني الشِّعْر يَصقُلها المُجيدُ
سوى الشعر الحديث فإنّ فيهِ – قوافيَ قد تقِلّ وقد تزيدُ
رسا حيث الرواياتُ استقرّتْ – وقيلَ لبعضها راوٍ بَليدُ
فذكَّرَني المُهَلهِلُ بانتقامٍ – كأنّ كُلَيْبَ بعدئذٍ يعودُ
كما البَرّاق جالَ لفكّ أسْرٍ – فذكَّرَني بأسْرِكَ يا سعيدُ
أرى ليلى العفيفة كلّ يوم – تناديهِ وفي فمها نشيدُ
تردِّدُ (ليت للبرّاق عينًا – تَرى...) حتمًا ستنكسِرُ القيودُ
لأنّ مُحرِّرَ الأسرى يَراهُمْ – جميعًا حيثُما أسَرَ الجنودُ
هو الحيُّ الذي كلُّ البرايا – تسبّحُهُ لهُ وَجَبَ السُّجودُ
هُو الحقّ الذي لا ريبَ فيهِ – أمينٌ صادقٌ دربٌ وحيدُ
هو المُختارُ مضطهِدِيهِ يومًا – ومضطهَدي اسمِهِ وهُمُ الشُهودُ
شهودُ الحقّ هلْ قلقٌ عليهِمْ – وفي الأعماق إيمانٌ وطيدُ
لأنّ الإضطهادَ يصيرُ سَعْدًا – وفخرًا مثلما افتخر الجُدودُ
بصُلبان الشّهادة كلّ جيلٍ – كجيلٍ لا تُقارعُهُ الأسودُ
يدبّ به الشبابُ بلا انقطاعٍ – إذا نزف الوريدُ نما وريدُ
شبابٌ باتتِ الأعمارُ فيهِ – من الجنسين مَعدِنُهُ حديدُ
عيونٌ أبصرتْ نورًا عجيبًا – ونارًا ما لشُعلتها خُمودُ
عقولٌ أدركتْ أنّ المَسِيّا – إلهُ الحقِّ والرَّبُّ المَجيدُ
إلهُ محبّةٍ عُظمى وسِلْمٍ– قديرٌ قولُهُ الفصْلُ الفريدُ
فلا سيفٌ حديديٌّ لديهِ – وحاشا إنّما العهدُ الجديدُ
توغّل في القلوب بمعجزاتٍ – فذابَ الصّخرُ وانصَهَرَ الجليدُ
فإذْ مَعَنا فمَن يقوى علينا – برسْم صليبهِ المُحْيي نذودُ
¤ ¤ ¤
نظمت القصيدة على وزن بحر الوافر تضامنًا مع القسّ سعيد عابديني العابر إلى نور السيد المسيح له المجد والمسجون حاليًّا في طهران