يسوع المصلوب

ما عاش يسوع مِسكينا خائفًا، ولم يمت شاكيًا متوجّعًا، بل عاش ثائرًا وصُلب متمرّدًا ومات جبّارًا. لم يكن يسوع طائرًا مكسور الجناحين، بل كان عاصفة هوجاء تكسر بهبوبها جميع الأجنحة المعوجة.
16 ابريل 2014 - 18:18 بتوقيت القدس
لينغا

من أجمل ما كتب جبران خليل جبران عن يسوع
في كتاب "العواصف" – مختصرة عما كتبه يوم الجمعة الحزينة

يسوع المصلوب

الإنسانيّة ترى يسوع الناصري مولودًا كالفقراء، عائشًا كالمساكين، مُهانًا كالضعفاء، مصلوبًا كالمجرمين، فتبكيه وترثيه وتندبه، وهذا كل ما تفعله لتكريمه.

منذ تسعة عشر جيلا والبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع، ويسوع كان قويّا، ولكنّهم لا يفهمون معنى القوّة الحقيقيّة.

ما عاش يسوع مِسكينا خائفًا، ولم يمت شاكيًا متوجّعًا، بل عاش ثائرًا وصُلب متمرّدًا ومات جبّارًا.
لم يكن يسوع طائرًا مكسور الجناحين، بل كان عاصفة هوجاء تكسر بهبوبها جميع الأجنحة المعوجة.

لم يجيء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزًا للحياة، بل جاء ليجعل الحياة رمزًا للحقِّ والحريّة.

لم يَخَفْ يسوع مضطهديه، ولم يخشَ أعداءه، ولم يتوجّع أمام قاتليه، بل كان حرًّا على رؤوس الأشهاد، جريئًا أمام الظلم والإستبداد، يرى البثور الكريهة فيبضعها، ويسمع الشرّ مُتكلّما فيخرسه، ويلتقي الرياء فيصرعه.

لم يهبط يسوع من دائرة النور الأعلى ليهدم المنازل ويبني من حجارتها الأديرة والصوامع، ويستهوي الرجال الأشداء ليقودهم قساوسة ورهبانًا، بل جاء ليبثَّ في فضاء هذا العالم روحًا جديدة قويّة تقوّض قوائم العروش المرفوعة على الجماجم، وتهدم القصور المتعالية فوق القبور، وتسحق الأصنام المنصوبة على أجساد الضعفاء المساكين.
لم يجيء يسوع ليعلّم الناس بناء الكنائس الشاهقة والمعابد الضخمة في جوار الأكواخ الحقيرة والمنازل الباردة المظلمة، بل جاء ليجعل قلب الإنسان هيكلًا ونفسه مذبحًا وعقله كاهنًا.

هذا ما صنعه يسوع الناصري، وهذه هي المبادئ التي صلب لأجلها مختارًا، ولو عَقُل البشر لوقفوا اليوم فرحين متهللين منشدين أهازيج الغلبة والإنتصار.

وأنت أيها الجبّار المصلوب، الناظر من أعالي الجلجلة إلى مواكب الأجيال، السامع ضجيج الأمم، الفاهم أحلام الأبديّة، أنت على خشبة الصليب المضرجة بالدماء أكثر جلالًا ومهابةً من ألف ملك على ألف عرش في ألف مملكة. بل أنت بين النزع والموت أشدّ هولًا وبطشًا من ألف قائد في ألف جيش في ألف معركة.

أنت بكآبتك أشدّ فرحًا من الربيع بأزهاره، أنت بأوجاعك أهدأ بالا من الملائكة بسمائها، وأنت بين الجلّادين أكثر حرية من نور الشمس.

إن إكليل الشوك على رأسك هو أجلّ وأجمل من تاج بهرام، والمسمار في كفّك أسمى وأفخم من صولجان المُشتري، وقطرات الدماء على قدميك أسنى لمعانًا من قلائد عشتروت.   فسامح هؤلاء الضعفاء الذين ينوحون عليك لأنّهم لا يدرون كيف ينوحون على نفوسهم، واغفر لهم لأنّهم لا يعلمون أنّك صرعت الموت بالموت ووهبت الحياة لمن في القبور.

لأَنَّ فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبحَ لأَجْلِنَا. إِذًا لِنُعَيِّدْ، لَيْسَ بِخَمِيرَةٍ عَتِيقَةٍ، وَلاَ بِخَمِيرَةِ الشَّرِّ وَالْخُبْثِ، بَلْ بِفَطِيرِ الإِخْلاَصِ وَالْحَقِّ. (1 كو 5: 7 و8)

نشكر إلهنا المبارك على عظيم محبته لنا إذ قدَّم ابنه أضحية وكفّارة لأجلنا، لقد رُفع المسيح على الصّليب كحَمَلِ الله الذي يغفر خطايا العالم. نعم بكلِّ سرور قبل ربُّنا المبارك، يسوع المسيح، أن يكون بديلًا عنا على الصليب، فيحتمل عدالة الله ودينونته الصادقة تجاهنا وتجاه خطايانا، لكي ننال بالإيمان به حياة أبدية وننجو من الدينونة.

فالعيد الحقيقيّ هو حياة الفرح، والسلام والطمأنينة المستمرة، المبنية على الثقة بوعد الله الصادق لنا، بضمان الحياة الأبدية لكل من يؤمن به. الرب يدعوكَ الآن، مَنْ كنت، وأين كنت، ومهما كانت خطاياك وهمومك وأتعابك ومشاكلك، أن تأتيَ إليه بصلاة بسيطة مرفوعة من القلب تعلن فيها توبتك وإيمانك، وتعترف بخطاياك، وتعلنه ربًّا وسيّدًا على حياتك، فتنال الحياة الأبدية، وتحصل على سلام الله في حياتك. الصلاة هي حديث صادق من القلب مع الرب.

الإنجيل يؤكد:
اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. (يوحنا6: 47)
ننصحك بقراءة كلمة الربِّ يوميًّا والتأمّلِ بها، إبدأ بقراءة الأناجيل (يمكنك البدء بإنجيل يوحنا).
كلمة الرّب تنير بصيرتك، تفتح عينيك لترى محبة الله وحكمته، وخطته الرائعة لحياتك.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا