ملكٌ عظيم يدخل أورشليم

يومٌ غيرُ عاديٍ مرَّت به أورشليم، يومٌ تاريخيٌ غيَّر كلَّ المفاهيم! يدخل يسوع وسط موكبٍ وهتاف عظيم: "مباركٌ الآتي باسم الرَّب، أوصنا في الأعالي". ارتَجّت المدينة كلها وهتفت بالصوت العالي.
12 ابريل 2014 - 18:38 بتوقيت القدس

(لوقا 28:19-40)

يومٌ غيرُ عاديٍ مرَّت به أورشليم، يومٌ تاريخيٌ غيَّر كلَّ المفاهيم! يدخل يسوع وسط موكبٍ وهتاف عظيم: "مباركٌ الآتي باسم الرَّب، أوصنا في الأعالي". ارتَجّت المدينة كلها وهتفت بالصوت العالي.

عيد الشعانين
صورة ترمز لدخول المسيح الى اورشليم واستقبال الشعب له بسعوف النخيل

وما زال صدى هذه الصرخة يتكرر اليوم في كل مرة نحتفل بهذه الذكرى. لكن هل فهمنا المغزى منها والعبرة؟

ملك الملوك ورب الأرباب يدخل المدينة لكن دون أن يمشي أمامه موكب هائل من الجيوش والمركبات، فلم يلبس الزي البهي الثقيل، ولم يضع التاج الذهبي المُرصع بأفخر الأحجار، ولم يدخل بحرب ولم يقد جيشًا من الثّوار! كلا، إنه الملك المتواضع! نعم، يعرض المشهد تناقضًا، فالمُلك مرتبط دائمًا بمظاهر العظمة والفخامة، لكن عظمة مُلك يسوع تكمن في أنه مُلك البر والعدل والاستقامة! يسوع الذي قال: "مملكتي ليست من هذا العالم"، ليس ملكوته ملكوتًا أرضيًا سياسيًا، بل ملكوت سماوي أبدي. لم يأت لكي يُنصَّب ملكًا على دول وشعوب، لكن سيدًا وربًا على القلوب.

وإذا تأملنا في القصة المُدَونة في هذه الآيات، نجد دروسًا عظيمة لتكون لحياتنا بركة ونجاح:

1) الطاعة الفورية لأمر الرب: عندما أرسل يسوع اثنان من تلاميذه ليُحلاّ الجحش والآتان ويأتيان بهما إلى يسوع، ذهبا حالاً، مع أن الطلب كان غريبًا وغير منطقيٍ، والنتيجة غير مضمونة، فما الذي يضمن لهما بأن أصحاب الجحش سيصدقون كلامهم؟ لكن لا نرى التلميذين يجادلان ويساومان مع يسوع، بل "مضى المُرسلان ووجدا كما قال لهما" (عدد32). أحيانًا يطلب الرب منا أشياءً تبدو للوهلة الأولى غير منطقية أو غير مفهومة أو لا يمكن تنفيذها. ونبدأ بالمجادلة والتذمر: "لماذا أنا يا رب"؟ "ألا يوجد غيري يفعل هذا الأمر"؟  "هل سيصدقون كلامي"؟ دعني اشجعك، عزيزي القارئ، بأنك عندما تطيع الرب بعمل أمر ما، سيعطيك نعمة لذلك. فلقد وجد هذان التلميذان نعمة لدى أصحاب الجحش عندما سألوهما لماذا يحلانه، قالا: "الرب محتاج اليه"، وأتيا به حالاً ليسوع. أطع الرب مهما بدا ذلك صعبًا وغير منطقيٍ، فتختبر بركته ويبقى لك وفِيًا!

2) تقديم كل شيء للرب: "وفيما هم سائرون فرشوا ثيابهم في الطريق." (عدد36)
ربما كان من النادر ان يمتلك الشخص اكثر من ثوب في تلك الأيام، لكن هؤلاء الجموع فرشوا ثيابهم ليصنعوا منها سجادة لاستقبال الملك العظيم، كأنهم يقولون: "نعطي كل ما نملك إكرامًا لك". وأنت عزيزي القارئ، هل تقدم أغلى ما لكَ ليسوع؟ هل تفرش قلبك وتهيِّئه ليكون عرشًا يليق بعظمته؟ وهل تضع حياتك وأموالك ومواهبك وعند أقدامه؟

3) الشعانين، امتزاج روح النصر مع روح السلام: سُعف النخل هي شعار المدح والانتصار، فقد كان الرب قادمًا للانتصار على الموت والشر، وشجرة الزيتون هي رمز السلام، وزَيْتُها في العهد القديم اعتُبر زيتًا مُقَدسًا لمسح الملوك والكهنة. دخل يسوع الى أورشليم ليتمم إرادة الآب، وليكون الكاهن الأعظم والذبيحة أيضًا! لكي يصالحنا مع الآب، ويعيد السلام والتمتع بشركته وحضوره، وليملك ملكًا حقيقيًا على قلوبنا وحياتنا.

"أوصنا في الأعالي، مباركٌ الآتي بإسم الرَّب": كلمة نرددها في كل عام في هذه الذكرى، حتى لم نعد ندرك معناها وعمقها الروحي: أوصنا- هوشعنا- يا رب خلّص.

نعم، لهذا جاء يسوع، ليخلصك من حمل خطاياك، ومن عبودية الذات والعالم، ومن أبدية رهيبة في جهنم وانفصال ابدي عن الله. فهل تستقبله ملكًا على حياتك؟ هل تتوجه وتعلن ربوبيته على كل ممتلكاتك؟ هل تدعه يملك على سُلّم أولوياتك؟ وحده يستحق هذا الامتياز والمنصب العالي، ووحده يستحق أن تطرح أمامه كل نفيس وغالي!

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا