الرد على الشبهات حول دخول المسيح لأورشليم

الوحي في مرقس يقول أن المسيح لعن شجرة التين قبلما طهَّر الهيكل؛ ومتى يقول أن المسيح لعن شجرة التين بعدما طهَّر الهيكل؛ وليس في نفس اليوم كمرقس، بل في اليوم الثاني؛ أليس هذا تناقض واضح؟
15 ابريل 2014 - 18:39 بتوقيت القدس

الآيات: " 12 ودَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللَّهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 17... ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ18 وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَد. فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20 فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟"
مقارنة مع مرقس 11 " 11 فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 12 وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ 13 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إلاَّ وَرَقاً لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ 14 فَقَالَ يَسُوعُ لَهَا: لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَراً بَعْدُ إِلَى الأَبَد. وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُونَ. (بعدها طهر المسيح الهيكل)... " 20 وَفِي الصَّبَاحِ إِذْ كَانُوا مُجْتَازِينَ رَأَوُا التِّينَةَ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الأُصُولِ 21 فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدِي انْظُرْ التِّينَةُ الَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!»"

يسوع والتينة

الاعتراض الأول: الوحي في مرقس يقول أن المسيح لعن شجرة التين قبلما طهَّر الهيكل؛ ومتى يقول أن المسيح لعن شجرة التين بعدما طهَّر الهيكل؛ وليس في نفس اليوم كمرقس، بل في اليوم الثاني؛ أليس هذا تناقض واضح؟

الرد: إن متى ومرقس يذكران أن المسيح ذهب إلى الهيكل مرتين متتاليتين؛ يوم بعد الآخر. ففي مرقس، وعدد 11، يقول أنه دخل أورشليم ومن ثم ذهب لبيت عنيا؛ وفي اليوم الثاني، جاء لأورشليم مرة أخرى ولعن شجرة التين وبعدها طهَّر الهيكل. أما متى، فيذكر دخول المسيح لأورشليم في اليوم الأول وتطهيره للهيكل؛ وفي العدد 18 يذكر دخوله لأورشليم في اليوم الثاني أيضًا كمرقس؛ لكنه لا يذكر تطهير الهيكل في اليوم الثاني، بل في اليوم الأول فقط. أي أن أحداث متى التي بين الأعداد 12-17، تكمن في العدد 11 من مرقس. وتطهير الهيكل الذي يذكره مرقس هو ما حدث في اليوم الثاني، الذي لم يذكره متى؛ إذًا المسيح طهر الهيكل على يومين متتاليين. بكلمات أخرى، مرقس يفصل الزيارة الثانية للهيكل مع لعن شجرة التين في اليوم الثاني؛ حيث هذه الزيارة تكمن في متى بالأعداد (18-19) "َ18 وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ (أي أورشليم) جَاعَ (ولعن شجرة التين)...". أما متى فيذكر تطهير الهيكل في اليوم الأول فقط، ويذكر لعن شجرة التين في اليوم الثاني كمرقس (ولا يذكر تطهير الهيكل في اليوم الثاني). إن مرقس ذكر وفصَّل تطهير الهيكل في اليوم الثاني، ليبرز لنا أن الشعب لم يتعظ من تطهيره للهيكل في اليوم الأول، بل رجع جميع التجار والصيارفة ليمارسول التجارة فيه كعادتهم. مما جعل المسيح يطهر الهيكل مرة أخرى. لذلك حنق الكهنة والكتبة عليه، وقبضوا عليه وصلبوه؛ بعدها بحوالي خمسة أيام فقط.

الاعتراض الثاني: لماذا لعن المسيح شجرة التين، ألا يعلم أنه ليس موسم التين؛ فكيف غضب لأنه لم يجد ثمر في الشجرة؟ كما وضح الوحي في مرقس أعلاه: ؟

الرد: من جهة شجرة التين، بالتأكيد المسيح يعلم أنه ليس موسم التين؛ وهذا ليس سر، فالوحي يؤكد على هذا في مرقس "13... لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ". لكن الموضوع هو أن المسيح أراد من خلال شجرة التين أن يبرز أمرين نبويين:
الأول: إن شجرة التين تعبر عن عمل الإنسان لكي يرضي الله، كما فعلا آدم وحواء بعد السقوط، بأنهما خاطا أوراق تين لكي يغطيا عوراتهما (تكوين 3: 7). لكن الله رفض عملهما، وقام بإلباسهما أقمصة من جلد (عدد 21). وبجفاف شجرة التين، أعلن المسيح نبويًا أنه لا قبول من الله للإنسان من خلال الناموس، بعدما يقدم المسيح فدائه للبشر.
ثانيًا: إن التين يرمز أيضًا لشعب إسرائيل (إرميا 24: 1-10). فالمسيح بعدما رأى حالة أورشليم وبكى عليها (لوقا 19: 41)؛ ورأى حالة الشعب في الهيكل؛ أعلن أنه كما أنه من المستحيل أن تحمل شجرة التين التي في موسم الربيع، هكذا لا يمكن أن يأتي شعب إسرائيل بأي ثمر، إلا من خلال قبوله لكفارة المسيح؛ التي كان مزمع أن يقدمها للبشر بعد تلك الحادثة بأقل من أسبوع. فلعن التينة، أتى كعمل دلالي نبوي، على رفض اليهود للمسيح، الذي سيؤول بهم إلى النشفان؛ أي إلى مزيد من الشتات والألم والضياع.

الاعتراض الثالث: لماذا متى يقول أن التينة يبست في الحال؛ بينما في مرقس يقول أنها يبست بعدها بيوم؟

الرد: إن مرقس لا يذكر أن التينة يبست في نفس اللحظة؛ لكن هذا لا ينفي جفافها؛ بل يقول ما قاله مرقس هو أنه في الصباح (وهو اليوم الثالث، وليس الثاني؛ أي يوم لعنها) رأوا أن التينة يبست من الأصول: " 20 وَفِي الصَّبَاحِ إِذْ كَانُوا مُجْتَازِينَ رَأَوُا التِّينَةَ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الأُصُولِ". فقوله أنها "يبست من الأصول"، يعني أن التينة يوم لعنها المسيح جفت (في اليوم الثاني كما يقول متى)؛ أما في اليوم الثالث (في الصباح)، فرأوا أنها استمرت في اليبسان، حتى وصل نشفانها للأصول، أي الجذور؛ وكأنها يابسة منذ سنين؛ فلا يوجد أي تناقض بين النصوص.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. ريموندا عزت 15 ابريل 2014 - 21:05 بتوقيت القدس
ثبور ثبور
في هذا الكلام الكثير من الثبور. عليكم مراجعته و موائمته مع الواقع المُعاش.
2. بن تيميه 16 ابريل 2014 - 03:41 بتوقيت القدس
رائع رائع
فعلا مقال رائع جعله الله فى ميزان حسناتك و بالتوفيق استاذ أدرنلى